فلسطين – المعركة

فلسطين – المعركة

مع قول كلمة فلسطين على أرض الشام، نخسر المعركة معرفيا قبل أن تبدأ صلصلة السلاح. لأن من جعل لتلك الأرض هذا الاسم هو وعد بلفور والانتداب البريطاني.

من يجعل الصراع دينياً حول حجارة مقدسة، فهو مهزوم من البداية. لأنه لا قداسة لصخرة تلة إيلياء.


الصراع على الأرض، حتى وإن كان معبد الصخرة مذبحاً يهودياً للمزراحيم أو السفارديم أوالمكربيم. وأراد الصهاينة الأشكيناز والدونما وبقية صهاينة الشتات اغتصابه.

فلسطين منذ مائة عام ليست أرض فلشتيم المذكورة في أسفار الكتاب المقدس.

فويل لأمة غابت عنها الجغرافيا فراوغها التاريخ! وويل لأمة جهلت تاريخها، فهذه أمة لن تكون قيمة على حاضرها ولا ضامنة لمستقبلها.

ومن قال إن هيكل هيرودوس الأدومي هو المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء، فهو لا يعرف القراءة وأجهل الجاهلين بجغرافية كتاب الله.

خدعوكم لمّا جعلوا إسم أرض الشام هو “فلشتيم” وابتلعتم الطعم مثل السمكة الغبية.

تبا لأمة إذا غضبت عملت #هاشتاغ أو أبدلت صورة حساب الفايسبوك. وتبا لأمة تثور من أجل بضعة حجارة، ولا تثور لتقتيل وتشريد الملايين.

تبا لأمة تثور لمسجد ضرار، بناه عبد الملك، وسحب الاسم عليه من الكتاب، وأمر أهل العراق والشام بأن يحجوا إليه بسبب خلاف مع عبد الله بن الزبير. الذي قتل رميا بالمدفعية وتهدم معه جزء من جدار الكعبة. ولا تثور لمقتل الآلاف من أبناء الأرض في كل اعتداء صهيوني سافر.

تبا لأمة مبادؤها تتجزأ وتتبدل. فالموضوع ليس مدينة القدس وحسب، الموضوع أرض كاملة وشعب مهجر بلغ العشرة ملايين نسمة. الموضوع كرامة تنتهك ورؤوس تطأطئ تقطر بالعار.

تبا لأمة استبيحت أرضها فأرعدت وأزبدت وتمخضت، لتلد اعتصاما صامتا في جامعة، أو هتافا في طريق.

تبا لأمة أنهكها الفقر وتدعي أنها تستطيع أن تحرر أرضا وهي لا تستطيع أن تهزم رغيف الخبز. أمة عشعش فيها سرطان الجهل، وتدعي أنها تستطيع أن تحرر أرضا، وهي لا تستطيع الاستغناء عن منتجات من سلبها.

الأزمة ليست سياسية ولا دينية ولا أيدولوجية ولا اقتصادية ولا اجتماعية ولا ولا ولا…

الأزمة أزمة جينية وراثية. كان فقدان الإنسان فيها وتحوله مسخا، تمهيدا لفقدان الأرض وآخر ملامح الحياة.

الأزمة أزمة إنسان جبل على العبودية ولا يعرف الحرية. الأزمة أزمة إنسان جبل على الجهل فلا يدرك ولا يعلم. الأزمة أزمة مبادئ وتلون.

خدعكم يهود الأشكيناز والدونما والشتات، عندما سحبوا جغرافية الكتاب المقدس من أسفار التناخ على أرض الشام، وسحبوا معها جغرافية الكتاب، فصدقهم من كان على ملتهم.

خدعكم يهود الأشكيناز والدونمة والشتات، عندما جعلوا أرض إيجيبت هي مصر الكتاب، عندما جعلوا إيلياء هي أورشليم، عندما جعلوا الخليل هي حبرون، عندما جعلوا فلسطين هي فلشتيم، عندما جعلوا نهر الشريعة هو نهر يردن.

خدعوكم عندما ألبسوا هذه الأرض هالة القداسة، فحولوكم من إنسانيين إلى قنابل موقوتة تتفجر بضغطة زر منهم. منذ أيام قليلة، ثار الناس من أجل وضع بوابات إلكترونية على مداخل الأقصى، وصدحتم الأقصى ينتصر! واليوم تباكيتم وقلتم للبيت رب يحميه.

عدتم الى الشماعة التي أشربتموها في قلوبكم، الله والرب. نلقي عليه آمالنا وآحلامنا وخسراننا وخيباتنا. ألا تعلمون أن لكم سبعين عاما تدعون عليهم ولا شيء يتغير؟! إلا أننا نزداد تقهقراً وتقعراً ويزدادون هم هيمنةً وانتفاخاً. ألا تعلمون أن لو وحد المسلمون “و الأجدر أن أقول المتأسلمون” دعاءهم في ساعة واحدة، من أطهر بقعة في البيت الحرام، على أن يجعلوا كوب الماء الذي على طاولة ترامب أن يميل قليلا فينسكب على قراره ليفسده لما أفلحتم.

أفيقوا من أحلامكم، قتلتمونا بها! ونحن لن نقتل أولادنا مثلما فعلتم بنا. عشنا على وهم، شربنا وهماً، وحلمنا بوهم. الحرية لا تُنتظر ممن عشق الاستعباد والمسكنة. فالمفلس لا تقبل منه صدقة. آن أوان الثورة الحقة، ثورة المعرفة، ثورة العلم، ثورة السؤال، ثورة بناء الإنسان الذي مات فينا وساعدتموهم على اغتياله.

أفيقوا من أمانيكم، واعملوا، انفضوا عنكم غبار الهود الذي زرعت بذوره فيكم من بعد موت النبي. بذور الهود التي استحالت غابات حرجية. الهود الذي يجعل الأجوبة منتهى المطلب والمراد. وازرعوا مكانها بذور الحنف، حنيفية إبراهيم، التي تجعل الأجوبة تستحيل سيلا من الأسئلة.

أفيقوا من سبات الجهل، وانطلقوا في ملكوت الله، الله وحده هو المسلَّمة. وما دونه لا يتعدى كونه مصادرات معرفية كما تحتمل الحق، تحتمل البطلان. الزموا كتاب الله، مفصل مبين واضح لمن أقبل عليه. تخلصوا من التصورات الذهنية والدوغمائية إذا اقبلتم عليه، لا تقيدوه بها لتجعلوه محكوما، بل انطلقوا منه للحكم على ما في خارجه، واجعلوه حكماً.

حرموكم السؤال، حرموكم الحب، حرموكم المعرفة، حاربوهم بمنهج إبراهيم، منهج السؤال، منهج المعرفة. حاربوهم بشريعة محمد في كتاب الله، شريعة الحب والسلام. امتلكوا حريتكم وأعتقوا بالعلم رقابكم. اجعلوا شهادتكم لله، اتركوا مثناتهم يخلو لكم وجه ربكم. اخرجوا من دين الآباء أفواجا، لتدخلوا في دين الله أفواجا.

وهذا وعد الله لكم إن أردتم النصر:

بَلِ اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَموا أَهواءَهُم بِغَيرِ عِلمٍ فَمَن يَهدي مَن أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُم مِن ناصِرينَ (29) فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنيفًا فِطرَتَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبديلَ لِخَلقِ اللَّهِ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ (30) مُنيبينَ إِلَيهِ وَاتَّقوهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكونوا مِنَ المُشرِكينَ (31) مِنَ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم وَكانوا شِيَعًا كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحونَ (32) سورة الروم

إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم وَإِن يَخذُلكُم فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ (160) سورة آل عمران

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم (7) وَالَّذينَ كَفَروا فَتَعسًا لَهُم وَأَضَلَّ أَعمالَهُم (8) ذلِكَ بِأَنَّهُم كَرِهوا ما أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحبَطَ أَعمالَهُم (9) أَفَلَم يَسيروا فِي الأَرضِ فَيَنظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِم وَلِلكافِرينَ أَمثالُها (10) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَولَى الَّذينَ آمَنوا وَأَنَّ الكافِرينَ لا مَولى لَهُم (11) سورة محمد

فالزموا ربكم وكتابه، واتركوا عنكم ما دونه، فلا يغني الظن من الحق شيئاً. كونوا حنفاء ربانيين كما أمركم الله، على ملة إبراهيم وشرعة محمد التي في الكتاب. عودوا وكفاكم تجذيفاً في بحور الضياع.

عودوا حتى نعيد إحياء الإنسان ونسترجع الأرض ونعمرها كخلفاء لله فيها على مراد الله، لا على مراد يهود الأشكيناز والدونمة والشتات الصهاينة ومن وافقهم من أبناء جلدتنا، ونحن من هؤلاء جميعا براء.

عودوا فلم يبق شيء، فلقد سقطت كل أوراق التوت، ولكننا لا نرى سوءاتنا ولا عوراتنا ولا عوارنا. عودوا الى الله مولاكم، عودوا الى كتابه وكفى به للطريق خريطة، عودوا وكفانا ذلا وهوانا، عودوا.