إن فضيحة فقه السلف المعروفة بمسالة “العول” في فقه المواريث ، لم تكن لتحصل ولتكون منزلقا فقهيا غير صائب بالمرة، لأنها انطلقت من فكرة تضمن أحكام الإرث لغلط في أسهم الورثة، بما كان معه قسمة التركة بعد الزيادة في القاسم ليساوي المقسوم.
لو انتبه من اخترقوها الى ما نزل في الآية 12 من سورة النساء والتي فيها حكم الكلالة في حضور أحد الزوجين، ليكون للاختين سهم الثلث الذي هما شركاء فيه ولهما كذلك بقي من سدس بعد سهم الزوج الذي هو النصف، ولا رد على أحد الزوجين اعتمادا على أن سهم أحد الزوجين فريضة لا يزيد بالرد ولا ينقص بالمزاحمة عند المحاصصة، لكون الإرث برابطة الزوجية هو استثناء لمبدأ الإرث في الآية 7 من سورة النساء، والتي لم تتعرض لرابطة الزوجية بما يجعل هذه الرابطة علاقة حادثة على زمرة الورثة، غير أن إرث أحدهما يكون بوصفه من زمرة الرجال دوما في كل الوضعيات …
و الفضيحة الأنكى هي استمرار فقه السلف طيلة 14 قرنا دون أن يقع تصويب الأمر لبقاء تقديس الخلف لما وجد عليه الآباء من السلف لاستمرار عقيدة تقديس الآباء ودون القراءة مع التدبر في كتاب الله….
ووفق ما يروى من اخبار فإن فضيحة العول قد كانت عند حل هذه المسألة:
هلكت هالكة وتركت زوجا واختين.
وبدل فهم السلف للآية 12 من سورة النساء التي تورث الزوج النصف لعدم حضور الولد وتورث الأختين الثلث شركاء فيه لكل واحدة منهما السدس فيما يكون السدس الباقي للأختين رداً عليهما لكون عبارة “غير مضار” التي نزلت في الآية، تعود على الأخ او الأخت. علاوة على أولوية ذو الأرحام بعضهم ببعض، في مقابل اعتبار رابطة الزوجية هي رابطة جانحة في الإرث ولكونها استثناء على ما نزل في أصل الإرث في الآية 7 من سورة النساء والتي لم تذكر الأزواج، ليكون لكل واحد منهما سهم بالفريضة ولا يزاد عليه و لا ينقص دوما باعتبار أن إرث أحد الزوجين يكون بصفتهما من زمرة الورثة من الرجال سواء للزوج أو الزوجة.
و أما الباقي بعد إفراز السهم الأوفر للزوج بالنصف فيكون للأختين لكونهما من الأقربين بعلاقة وحدة بعض الصبغيات في شفعي الأمشاج، فهما الأقرب علاوة على كونهما من ذوي الأرحام.
و قد انزلق وزاغ فقه السلف في الإرث عند عدم فهمهم للأية 12 من سورة النساء و التي فيها حكم الإرث بالكلالة عند حضور أحد الزوجين، ببرهان أنها شرعت الإرث بالكلالة لرجل أو امراة وهو ما يستلزم وجود أحد الزوجين للهالك او للهالكة حسب الوضعية.
وما كان من فقه السلف إلا أن جنح الى الآية 176 من سورة النساء والتي شرعت حكم الكلالة دون حضور أحد الزوجين فجعل فقه السلف إرث الأختين بالثلثين فريضة وبدل توريث للأختين بالسهم الأقل عند حضور أحد الزوجين طبق الآية 12 من سورة النساء وقد انصرف فقه السلف الى السهم الأوفر في الكلالة دون حضور أحد الزوجين و الحال أن من كانوا حول النبي قد استفتوه فنزلت الاية 176 من سورة النساء بالبيان خشية الضلالة. ولكنها لا تعمى الأبصار، إنما تعمى القلوب التي بالصدور …
وحسابيا يكون حل المسالة كالأتي:
حسب فقه السلف الطالح :
الزوج له النصف 1/2=12/24
الأختان لهما الثلثين 2/3=16/24
فتكون المسالة من 24
غير أن النصيبين هما 28
لذلك جعلوا نصيب
الزوج 12/28
الأختان 16/28
بينما يكون الحل حسب كتاب الله واعتمادا على الاية 12 من سورة النساء فقط كما يلي :
الزوج له النصف 1/2 لعدم حضور الولد
الأختان لهما الثلث 1/3 شركاء فيه لكل واحدة منهما السدس 1/6
والباقي وهو السدس 1/6 يكون للأختين لكون عبارة غير مضار تشمل الأخ او الأخت و لكون الزوج يرث سهمه فريضة فقط، ولا حظ له البتة. إنما الحظ يكون للأختين لكونهما من الأقربين طبق الآية 7 من سورة النساء.
المسالة من 24
زوج = 1/2 = 12/24
الأختين = 1/3 = 8/24
الباقي = 1/6 = 4/24
فيكون لكل أخت نصف السدس 1/12 أي 2/24 حظاً لها لكونها غير مضارة عند الكلالة بالآية 12 من سورة النساء.
وقد كان سبب المنزلق ـ كما يروى في الاخبار ـ أن العباس بن عبد المطلب قد قاس حل المسالة على وضعية محاصصة الدائنين لمدين بعد أن ضرب المثل بقوله: لو كان لرجل دينا على ميت بثلاثة دراهم، ولدائن آخر للميت بأربعة دراهم، عندها يقسم المال على سبعة. فيكون للأول ثلاثة أسباع 3/7 و للآخر أربعة أسباع 4/7. عندها اقرّه عمر بن الخطاب على ذلك وقضى بذلك. والحال أنه لا قياس في وجود النص المحكم الصريح ….
وعليه فإن القياس الأعرج والفاسد قاتل في وجود النص، وعند عدم تماثل العلة. إذ لا تطابق بين مجال الدين ومجال الإرث، لكون الدين يستوفى قبل التوريث…
ولا يفوتنا إلا التذكير بكون كتاب الله لا يتضمن أي غلط في معادلات الإرث كما انزلق فقه السلف.