واجه المفسرون والاخباريون من السلف مشكلة معرفية الزمتهم ببذل بعض الجهد عندما خاضوا في جغرافية قوم مدين واخاهم شعيب.
وعلى خلاف ما رافق اعتماد هؤلاء السلف من كسل معرفي بنقل معارف بعض اليهود و الكنيسة البيزنطية بخصوص الأنبياء المذكورين بالتناخ فإن بذل الجهد قد رافق ضبط الموقع الجغرافي لقرية النبي شعيب الذي اهملت اسفار التناخ ذكره أو الإشارة له.
و يجدر التنويه إلى كون يثرون حميّ موسى و أب زيفورا زوجة موسى المذكور في حكايا موسى بالتناخ ليس هو بالنبي شعيب كما هفى البعض من السلف بذلك لاتباعهم التخمين الاعرج وغير الممنهج.
و رغم فرصة الاخباريين و المفسرين لتأسيس معرفة جغرافية عن قصص الأنبياء دون تشويش عليها من حكايا التناخ اليهودي و اكاذيب فلافيوس جوزيف التي اعتمدتها الكنيسة البيزنطية من أجل الخديعة الكبرى التي اتتها لجعل رسالة عيسى – الذي اتخذ عندها شخصية يسوع بمجمع نيقيا في 325 ميلادي – دينا بيزنطيا يحلّ محل الميثرائية التي كانت الدين الرسمي للامبراطورية منذ 274 ميلادي الأمر الذي ترك آثار للميثرائية بالمسيحية واهنها عبادة الشمس المتوهجة في شخص يسوع فإن هؤلاء الاخباريون و المفسرون قد فوتوا عنهم الفرصة لما كتبوا عن جغرافية قرية مدين و شعيب ثم لما كتبوا عن اهل مدين و اتجاه موسى تلقاء مدين.
فقد عمد هؤلاء السلف إلى الاقتراض من بعض اليهود و الكنيسة لاطروحاتهم عن الموقع الجغرافي الذين زعموا بكونه موقع اهل مدين الذين اتجه نحوه موسى فرارا من فرعون بعد قتله للرجل وكزا.و حددوا موقع مدين شعيب انطلاقا من الموقع الذي زعمت الكنيسة البيزنطية انه المكان الذي اتجه نحوه موسى فرارا من فرعون و بذلك عادت حليمة إلى عادتها القديمة في الكسل المعرفي و نقل ما قالت به بعض يهود و الكنيسة البيزنطية و اقتصر الجهد على نقل ما وجدوا عليه الآباء….
وبالرغم من وجود عدة مؤشرات جغرافية طوبوغرافية و جيولوجية بكتاب الله على الموقع الجغرافي لقرية مدين التي اخذتها الرجفة و الصيحة بما ترك الذين أصحاب مدين الذين كذبوا شعيبا جاثمين في دارهم وهو ما يفيد ان هلاك أصحاب مدين الذين هم الأحزاب قد حصل بفعل حركة الصفائح التكتونية عند وقوع الزلازل في مكان ليس ببعيد عن موقع قرية و مدينة قوم اخوان لوط وذلك عند الايكة التي بها قرية شعيب وغير بعيد كذلك من موقع قوم تبّع كذلك و رغم بقاء اسم جبل النبي شعيب إلى اليوم بضواحي صنعاء نحو الغرب فإن الكسل المعرفي بالنقل عن بعض يهود و الكنيسة البيزنطية قد اغشاهم لهوى في أنفس هؤلاء الأعراب من الاخبارببن و المفسرين فجعلوا قرية مدين و دون برهان باتباع منهج السير في الأرض في مكان قالوا ان به مغائر شعيب هكذا و ببساطة لكونهم جعلوا المكان هو ذاته الذي زعمت الكنيسة انه المكان الذي هرب نحوه موسى من ايجيبت و الحال أن ايجبت ليس مصر المذكورة بكتاب الله فكان المنطق اعرجا لذلك جاءت النتيجة فاسدة و حمقاء.
و كان لهجر القرآن وما به من مؤشرات جغرافية و جيولوجية عن موقع قرية مدين ان سقطوا في هاوية ترديد اكاذيب فلافيوس جوزيف و الكنيسة معه و مما زاد الطين بلة انهم لم ينتبهوا إلى كون مصير قرية مدين قد شبيها بمصير ثمود بما يفيد ان الذين لم يكذبوا بشعيب قد نجوا من الرجفة و الصيحة و ارتحلوا من الايكة و القرية التي كانوا بها إلى موضع آخر قد اتجه معه موسى عند فراره من فرعون إلى اهل مدين الذين حازوا ماء مدين الذي اتجه نحوه موسى بعد فراره من أرض مصر المذكورة بكتاب و القريب من الطور…
و بالاعتماد على كتاب الله يتضح الفرق بسهولة بين موقع قرية مدين التي لاقت الرجفة و الصيحة و موقع ماء مدين بجانب الطور الذي ارتحل اليه اهل مدين الذين نجوا من مصير أصحاب الايكة من الأحزاب وهو المكان الذي فر نحوه موسى ثم عاد منه إلى مصر ذات الانهار التي كانت من تحت فرعون وهو ذات المكان الذي خرج اليه موسى و من تبعه من قومه و من معهم من بني اسرائيل مرورا بالباب عند الأرض المقدسة لينتق الله الطور فوقهم…
و مما يشير إلى ركون الاخباريين و المفسرين إلى النقل الشفوي من بعض يهود و من قساوسة الكنيسة انهم لم يقرأوا ما في التناخ اليهودي عن محاذاة “جبل حوريب” لمراعي مديان التي عاش بها موسى عند فراره من مصراييم اذ ان جبل حوريب وهو جبل الخراب لا يعدو الا ان يكون الطور الذي بجانب ماء اهل مدين…
و انطلاقا من جميع المؤشرات المنزلة بكتاب الله عن موقع قرية مدين و القريبة من أرض مصر ذات الانهار و الغير بعيدة من موقع قوم اخوان لوط و المحاذية لموقع قوم تبّع فإن هذه القرية تكون بيمين الأرض المقدسة فيما يكون ماء اهل مدين على مقربة من الأرض المقدسة التي بها البقعة المباركة وهو ما يفيد هجرة من آمنوا بشعيب نحو الشمال من أرض اليمن و ذلك على خلاف ما قاله بعض يهود و الكنيسة الذين لم يفرقوا بين موقع قرية مدين و ماء اهل مدين و الذين جعلوا موقع مديان في موضع لا يحاذي الطور الذي يرونه جبل الخراب علاوة على خبطهم بين ايجيبت و مصرايم فكانت التناقضات ملازمة لمزاعمهم عند التزوير….
و يجدر التنويه طبق حكايا التناخ إلى أن موسى قد خرج من ” چشن” قرب نهر مصراييم نحو ” مديان” التي وراء “جبل حوريب ” فيما لم يعثر إلى اليوم على شاهد ايبوغرافي وحيد شرق دلتا النيل بتانيس على ما يفيد ان المكان هو “چشن” وهو ما يسقط طرح بعض اليهود و الكنيسة و من اتبعهم من الأعراب الذين عميت قلوبهم بما يدعونا إلى السير في الأرض للنظر من أجل تصويب معارفنا الجغرافية عن قصص الأنبياء في الجغرافيا اعتمادا على المنهج العلمي باستنطاق المؤشرات المنزلة بكتاب الله على الخريطة.