كذبة أن نهر الشريعة هو نهر الأردن والفوهات البركانية للنقب هي بادية جدباء

كذبة أن نهر الشريعة هو نهر الأردن والفوهات البركانية للنقب هي بادية جدباء

إنّ المنطلقات غير الصائبة تورث استخلاصات عرجاء طالما لم يقع تقويم اتجاه الخط التصاعدي للمراكمات المعرفية عند تحقيق المطابقات الطوبوغرافية بخصوص جغرافيا حكايا التناخ مع الجنف عن الدوغمائية الكهنوتية حتى يقع تصويب المطابقات القديمة و التي كانت في عصر لم يشهد مثل عصرنا من الزخم المعرفي تخليصا لها من الانطباعية و التهافت و الاعتباطية في بعض الأحيان باعتبار انه في غياب ذلك فان العرج في الخلاصات سيكون مثل كرة الثلج.

انطلقت المطابقات الطوبوغرافية لحكايا الآباء من كتاب التناخ اليهودي بطريقة محتشمة مع كتاب فلافيوس جوزيف ( 37- 100 ميلادي ) حوليات يهودية و الذي أشار الى كون يوسف قد دفن والده بعقوب بأرض الشام اثناء تعرضه لحكاية ألفاز بن عيسو أدوم و اهل الكتيم ثم أشار الى ظهور يوحنا المعمدان و تعميده اليهود بنهر الأردن و انبعاث يسوع بعد ثلاثة أيام من مقتله بإشارة مقتضبة جدا بالفصل السادس بالصفحة 214 ودون اسهاب بخصوص ملك اليهود يسوع الذي ظهر بمقاطعة اليهودية الرومانية وهو امر يثير بعض الغرابة و لعل فلافيوس جوزيف قد استند الى ما تضمنه سفر المكابيين الذي لا يعترف به اليهود ولا البروتستانت و يعتبرونه سفر “ابوكريفي”.

و تواصلت المطابقات الطوبوغرافية مع الامبراطورية البيزنطية فقد تم رسم خارطة مأدبا بالفسيفساء في منتصف القرن السادس ميلادي على أرضية كنيسة القديس نيقوديموس الأول وتم اكتشافها في أواخر القرن التاسع عشر (1894) عند بناء كنيسة يونانية أرثودوكسية بالمكان . تبلغ ابعاد الخارطة بأرضية كنيسة القديس جورجيوس 15.75 متر طولا و 5.60 متر عرضا و تصور قاربين يمخران مياه البحر الميت المتصل بنهر به اسماك وعلى الشرق اسد يصطاد غزالا و على غربه مدينة ايلياء بأسوارها و أبوابها علاوة على تصويرها لمناطق محيطة بالشام من جهة و نهر النيل من جهة أخرى و الخارطة متجهة نحو الشرق .

و بالنظر لحصول زلزال مدمر بمدينة مأدبا في العام 746 ميلادي فانه يكون من المستبعد ان يكون الصليبيون لما سيطروا على المنطقة اثناء حروب الفرنجة التي كانت تحت شعار حماية قبر يسوع الذي انبعث بعد ثلاثة أيام قد اطلعوا على خارطة مأدبا الفسيفسائية.

الخرائط العثمانية لمنطقة الشام الكبير تسمي النهر بنهر الشريعة وليس بنهر الأردن و تسمي البحر الميت ببحيرة لوط وذلك في خرائط القرن التاسع عشر وبداية القرن والتي رسمت بمناسبة التقسيمات الادارية التي طرأت على ولاية شام شريف بخصوص ولاية بيروت ومتصرفية القدس ولعل أوضح خريطة في الغرض هي الخريطة التي رسمها الجيش العثماني عند الحرب العالمية الأولى لجنوده عن المنطقة.

يقع البحر الميت في اخدود صدعي من ضمن الشق السوري الافريقي وهو أدنى نقطة على سطح الأرض وينخفض بحوالي اربعمائة متر (400 متر ) وله اعلى نسبة ملوحة بين البحار و المحيطات بالأرض و قد تشكل منذ ثلاثة ملايين سنة نتيجة تحرك الصفيحتين التكتونيتين السورية و الافريقية اذ تتحرك الصفيحة السورية نحو الشمال بينما تتحرك الصفيحة الافريقية على عكس عقارب الساعة وعليه فإن البحر الميت يقع بمنطقة زلزالية و ليس بمنطقة بركانية.

يذكر السرد التناخي عن حكاية لوط في مدينتي سدوم وجمورة ان التدمير الذي لحق بهما قد كان نتيجة تساقط حجارة بكبريت ونار مع قلب المدينتين وهو ما يفيد تعرضهما قبل الخراب الى تساقط حجارة بركانية مع حركة زلزالية متزامنة مع النشاط البركاني الذي نتج عنه قصف المدينتين بالحجارة المشتعلة بالكبريت والنار. وبالاستقصاء حول المنطقة عن المواضع التي بها نشاط بركاني من شأنه أن يحدث مثل الذي حدث على مدينتي سدوم وجمورة فلا يقع العثور على فوهات تدفق الصهارة وتحولها حمما قصفت المدينتين المذكورتين.

بعد ان استقر ابرام وساراي و لوط بشكيم قادمين من اوركسيديم فقد حدثت مجاعة مما اضطره للرحيل نحو “مصرايمه ” מִצְרָיְמָה مع الهاء المكانية التي تفيد بانه في ارجاء نهر مصرييم و انحدر نحو وجهته مما يفيد حسب السرد بكون قد انتقل من مكان مرتفع نحو مكان منخفض فقد كان اللفظ في النسخة العبرية (וַיֵּרֶד : يرد) من الجذر الارامي ردى. ولما عاد من مصراييم فقد صعد (יַּעַל :يعلى )ومن كان معه و له من مواشي تحصل عليها من فرعون نحو النقب (הַנֶּגְבָּה:ها- نقبه) كما جاء النسخة العبرية وليس نحو الجنوب كما في الترجمات الى العربية و التي يترجم فيها لفظة ها-نقبه ( بقاف بدوية او جيم اعجمية ) الى لفظة الجنوب .

نصب ابرام خيمته بين بيت ايل وعاي وهناك اختصم رعاته مع رعاة ابن أخيه لوط على ارض المرعى واتفق لبرام ولوط على قسمة الأرض بينهما فاختار لوط مربع ها-يردن لأن ارضه مسقى وكجنة على الأرض وبها مدينتي سدوم وجمورة واتجه شرقا بينما بقي لأبرام الجهة الغربية.

وبالعودة الى مواضع المواقع بخارطة مأدبا الفسيفسائية ومع السعي لمحاولة المطابقة الطوبوغرافية والملاءمة مع ما في الخارطة تقفز عدة تناقضات من ناحية الاتجاهات ومن ناحية التضاريس علاوة على بعد المسافة بين بيت ايل ودلتا النيل لمن يرتحل فرارا من مجاعة وعلاوة كذلك على كون حاكم مصراييم هو فرعون بينما في ايجيبت فإن من يحكم ويسود فهو ملاخي أي ملك.

ومع الافتراض جدلا ومماراة لما في الخارطة فان التضاريس لا تجعل من المرتحل من بيت ايل نحو الجنوب ينحدر ويرد في الأرض بالسير من موضع قصي نحو موقع أدنى كما لا يجعله عند العودة يصعد ويعلو في الأرض مرورا بأرض النقب لأن الأصل هو سلك الطريق الأقصر.

وعليه فان من يسافر من بيت ايل نحو دلتا النيل فهو سيتجه نحو البحر الغربي ثم مواصلة السير جنوبا بمحاذاة الساحل ثم الاتجاه غربا وعند العودة يتخذ ذات المسار ودون لزوم العبور صحراء النقب الجدباء والا كان المسار مجرد عبث على عبث.

وطالما أن موضع مدينتي سدوم وجمورة واقعتين بأرض النقب فانه من المفترض ان تكون المدينتان على شرق بيت ايل وتكون ارض النقب محيطة بهما ومن المفترض كذلك ان تكون ارض النقب خصبة وبها مسقى ولا تكون ارض عقبات جدباء وجرداء.

و يبدو ان المطابقة الطوبوغرافية الحديثة على الجغرافية لم تعتمد على المعطيات و المؤشرات التضاريسية التي تضمنها السرد التناخي عن موقع النقب و الذي تقع به سدوم و جمورة انما اكتفت المطابقة بجعل النقب جنوبا وفق ما يشار الى الجنوب بلفظة “منقبه ” بالهاء المكانية و ترجمة لفظة ” منقبه ” بلفظة جنوب و بذلك خالفت المطابقة الصهيونية الحديثة بخصوص موقع النقب حتى المعطيات و المؤشرات الواضحة جدا بكتاب التناخ اليهودي عند تعرضه لحكاية لوط في سدوم و جمورة.

وباقتفاء وباستقصاء موقع النقب الواقعة به مدينتي سدوم وجمورة من المعطيات والمؤشرات التي تضمنها كتاب التناخ فإننا نقف على كون النقب الواقعة به مدينتي سدوم وجمورة يقع على شرق بيت ايل بينما تقع صوغ التي آوى لوط عند الكارثة مع ابنتيه بها في المغارة تقع على الغرب من النقب وليس على الشرق لكون الجهة التي باتت في نحلة ابرام بعد القسمة لم تصب بقصف الحجارة المشتعلة بالكبريت والنار.

و يذكر كتاب التناخ اليهودي ان ابرام قد تفقد ارض النقب بعد الكارثة فوجد ان الدخان يصعد من الأرض كدخان الاتون وهي الفوهات التي انقذفت منها الحجارة المشتعلة كبيرتا و نارا و التي قصفت مدينتي سدوم مع قلب الأراض تحتهما بما يفيد تواقت النشاط البركان الذي قذف الحمم المشتعلة كبيرتا و نارا مع هزّة أرضية زلزالية نتج عنها التدمير الشامل للمدينتين و باستقصاء التركيبة الجيولوجية منطقة البحر الميت و جنوبها الغربي فانه يتضح بكون المنطقة واقعة في الشق الصدعي السوري الافريقي وهي منطقة زلزالية لا غير و لا توجد بها نشاطات بركانية بما يترتب عنه زيف المطابقة الحالية و زيف المطابقة التي تضمنتها خارطة مأدبا الفسيفسائية و المعتمدة من الكنيسة المسيحية و من الحركة الصهيونية الامر الذي يجعل من يتمسك بها كمن يقتفي السراب .

و علاوة على ما سبق فان شرق البحر الميت ليس به جبال حتى يكون بأحد تلك الجبال الجبل الذي آوى لوط مع ابنتيه بمغارته كل ذلك مع عدم وجود أي إشارة بكتاب التناخ الى كون النقب الذي تقع به مدينتي سدوم و جمورة متاخم لبحر الملح بحر العربة كما لا يوجد في ارجاء البحر الميت فوهات بركانية أرضية و لا فوهات بركانية مخروطية عديدة لا على الشرق و لا على الغرب منه لتنقذف منها الحمم المشتعلة بالكبريت و النار ولعيه فقد ثبت زيف المطابقة وفق خارطة مأدبا الفسيفسائية وهو ما يتوافق مع ما توصل اليه البحاث الأثري إسرائيل فنكشتاين بوصفه قد شغل رئيس قسم الدراسات الأثرية بجامعة تل أبيب بعد قيامه بإجراء المسح الستراتوغرافي على المنطقة من النهر الى البحر و تضمينه نتيجة ابحاثه في كتابه المثير للجدل ” ارض التوراة مكشوفة على حقيقتها ” بكونه لم يعثر على آثار حكايا الآباء بتلك الأرض .

اعتمادا على المعطيات التي تضمنها كتاب التناخ اليهودي فمن المفترض ان تكون سدوم و جمورة الواقعتين ضمن منطقة النقب على شرق بيت ايل و ان يكون نهر ها-يردن واقعا بدوره على الشرق من النقب و ليس شماله و ان يكون جبل جلعاد على الشرق من نهر ها-يردن و على شرقه مخاضة نهر يبوق دون نسيان بحر الملح شرقا كذلك وهو بحر العربة أي البحر الذي يقع متاخما لهضبة وهي معطيات لا تتطابق مع تضمنته خارطة مأدبا الفسيفسائية التي انطلقت منها الكنيسة المسيحية في مطابقاتها الاعتباطية ومن وراءها الحركة الصهيونية.

و عليه فلا بد من استقصاء و اقتفاء المنطقة الصواب و البحث على النهر الذي تنساب مياهه انحدار بسرعة من اعلى نحو الأسفل لتصب في بحر العرية و يكون على غرب مجراه في جانب منه النقب المتمثل في منطقة ذات نشاط بركاني و زلزالي في نفس الوقت و بها فوهات انقذفت منها الحجارة المشتعلة بالنار و الكبريت.

وباقتفاء الموضع الذي يتطابق مع المعطيات التضاريسية عن النقب و نهر ها-يردن بناء على ما جاء في حكايا التناخ اليهودي و بالنظر لزيف المطابقات الاعتباطية التي تضمنتها خارطة مأدبا الفسيفسائية فإن موقع النقب يقع شمال صنعاء في حرّة صنعاء الواقعة شمالا عنها بمسافة 30 كلم لوجود حوالي 60 فوهة بركانية بالمكان وهي الفوهات التي انقذفت منها الحجارة المشتعلة نارا و كبريتا كما جاء بذلك السرد التناخي عن حكاية لوط في مدينتي سدوم و جمورة و هي منطقة ذات نشاط بركاني و زلزالي في ذات الآن.

و يكون نهر ها-يردن هو نهر الخارد اليمني الذي كان يصبّ في بحيرة العربة و التي تطابق فلاة اليمن المسماة بالغائط كما أشار اليها الجغرافي بطليموس وهو النهر الذي تنحدر مياهه انحدارا سريعا من مرتفعات الجوف وبلد دمّاج ونهم و ارحب و خولان العالية بما يشكل حوضا واسعا لهذا النهر الذي ذكره الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب بانه يتكون من أربعة اودية كما جاء ذلك بالصفحة 167 وما بعدها من كتابه ورغم ان النهر مطمور منذ قرابة 300 عام فانه لا يزال جزء منه شمال صنعاء يسمى بوادي الخارد الى اليوم .

وفي الخلاصة فان منطقة النقب بحرّة أرحب شمال صنعاء بفوهاتها البركانية العديدة تقع على الغرب من نهر ها-يردن المطابق لنهر الخارد في بعض فروعه وهو ما يتماهى مع السرد التناخي لحكايا ابرام ولوط وموسى يوشع وغيرهم لتنفضح الكذبة الصهيونية ببراهين من داخل كتاب العهد القديم ذاته على مقولة يسوع ” من فمك ادينك ” وذلك بعد السير في الأرض للمطابقة والتحقق استقصاء من ذوي الالباب لان من غابت عنه الجغرافيا فقد راوغه التاريخ.