التصنيفات
دراسات

الكاميرا الخفية لدموزي حبيب عشتار

لما نقول إن العقيدة هي شرك بالله لدين آخر موازي، مع الدين في كتاب الله، يلومنا البعض على نعت من يتبع العقيدة ليشركها مع الإيمان بالشرك.

إذ “وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ”…

العقيدة هي أفكار كهنوتية دوغمائية، لا تقبل حتى إعادة التفكير فيها لمن يقع تلقينه لها. والعقيدة هي تلبيس الكهنة الاتباع. 

وعقيدة انتظار السيد أدونيس دموزي الغائب في عالم الظلمات، داخل الأرض هي في أسطورة القمح القتيل فقط. الذي يحيى في الربيع، ويموت بالحصاد في شهر الحر تموز، ليقع دفنه في شهر تشرين. 

وهذه طقوس معابد عشتار المخصبة، وحبيبة دموزي التي تنوح على حبيبها منذ مقتله في تموز وتفرح عند ولادته من جديد من الأرض.

والأسطورة هي تعبيرة مجازية شديدة المجاز والترميز، لنقل معرفة الإنسان الأول لمن بعده، لتوثيق التجارب الإنسانية الأولى، عن التعامل مع المعرفة بالزراعة وتوثيق مواقيت البذر وظهور الزرع وميقات حصاده. 

ولكن الكهنة يخرجون الأسطورة من سياقها المعرفي، ويجعلونها خرافة بعد القيام بإسقاطات كهنوتية إحيائية عليها، بجعل شخوص لها كما حصل ذلك من كهنة “كنيسة الشيخ المفيد الكذاب” الذي أوهم الشيعة الإمامية، بعودة أدونيس دموزي من عالم الظلمات، بعد نزوله الي السرداب. وراح يكذب عليهم بأنه تلقى منه رسائل مكتوبة، فيها أخبار ستقع ثم اتضح الكذب المبين لهذا الشيخ المفيد الكذاب.

وما ذهب له السومريون من جعل أدونيس (السيد) ينزل إلى عالم الظلمات عند دفنه، ثم حياته من جديد في الربيع مع النيروز. ما هو إلا من بقايا الميثولوجيا السومرية التي تعظم رب الأرض أنجي، وهو ابن الإله أنو كبير الأرباب، المتربع في عرش السماء. والذي ترك ابنه أنجي / أنكي في الارض بعد أن أرسله لجمع الذهب.

فقام أنجي بخطف اثنين من الإناث من كائن اسمه “لولو_ادامو”. وأنجب منهما نسلا كانوا بعد ذلك أبناء أنكي. ويقولون عن أنفسهم إنهم “أبناء الرب”. وعبارة أنوناكي تفيد بعد ترجمتها، أبناء أنجي. وهي نفس الفكرة التي اقتبسها يهود أسفار عزير بأن جعلوا أنفسهم أبناء الرب. وهو ما أخبرنا به القرآن بقولهم “أبناء الله واحباؤه”. وفي هذا استمرار لتوظيف الأسطورة بجعلها حكاية دينية، حتى أصبح اليهود يتقولون بأنهم:
شعب الله المختار. وهم الأخيار والبقية هم من الأغيار. مثل البهائم التي لا روح لها، إنما لها نفس فقط ولا جناح عليهم في قتلهم أو سبيهم أو استرقاقهم.

وقد حمل السومريون الانوناكي عبادة الرب أنجي من براكين زنجبار. ولا زالت إلى اليوم بعض قبائل ذرية قايين (القينيين / الكينيين) تعبده وتقدم له قرابين الدم على المرتفعات. فهو رب الأرض والطور.

ولم يرهق كهنة كنيسة الشيخ المفيد أنفسهم طويلا إذ وجدوا وانتحلوا من تراثهم النسطوري المسيحي فكرة أن يسوع له أقنوم بشري وآخر إلهي. فأسقطوا جميع تلك الهرطقات على شخص النبي محمد تحت صفة “المعصوم”. الذي له الكمال كما كانوا يرون ذلك في رب الأرض يسوع، الذي أخذ مكان أنجي. ثم اعتبروا ذرية محمد أبناء الرب، أي أنوناكي، لتستمر ملهاة ومأساة تشطية الاسطورة إلى خرافات ميثولوجية (الميثولوجية هي عقيدة تقديس الآباء من السلف وهي ميث + لوجوس أي فكرة الموتى). ليستمر النواح على نزول الرب دموزي تحت الأرض إلى عالم الظلمات الذي يحكمه رب الأرض أنجي (جي هي الأرض عند السومريين). الذي غاب تحت الأرض وترك الأبناء ينتظرون عودته ليقتص لهم من الآخرين “الأغيار” الذين أفسدوا في الأرض. ولذلك ينتظرون عودة دموزي ابن أنجي ممثلا في دموزي ليملأ الأرض نوراً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً. ويحقق عند ظهوره مملكة كبير الأرباب أنو على الأرض.

هكذا هي العقيدة تجنح بمن يتلبس بها إلى عبادة الوهم والجبت بانتظار عودة ابن دموزي ابن الرب أنجي وحبيبه.

و “مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ” ولا ينزل وحي على بشر من بعده. لذلك لن يعرف هذا الغائب متى سيكون وقت ظهوره، لأن هذا الغائب مجرد وهم إشاعه أربعة انتهازيين كذبوا كذبة كبيرة، ليواصلوا السيطرة على أموال الخمس من بعض شيعة الإمام علي وذريته، بعد أن وقع جعل الأقربين في مكان ذي القربى من التلبيس على من لا يفقه من الموالي.

إنها الكاميرا الخفية الأشد فتكا بالعقول، وهي الكاميرا الخفية لدموزي حبيب عشتار.

وما ينظرون إلا لسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء وما هو إلا وهم خيال. وأنها لا تعمى الأبصار، إنما تعمى القلوب التي بالصدور.

أما المهدي المخلص المنتظر، فهو أحمد الذي ظهر محمداً وأبلغ الرسالة، وهي كتاب الله الهادي. فقد هدى للناس، ولا إكراه فيه للناس على الإيمان. فقد تبين الرشد من الغي. وإنك لن تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء.

التصنيفات
دراسات

متعة البغاء

بعيداً عن روايات الحديث المكذوبة في الكثير منها. وبالنظر إلى أن أخبار التاريخ لا تحل محل الدين الذي ليس له مصدر إلا مصحف كتاب الله فقط. لأنه ما على الرسول إلا البلاغ المبين، حتى لا يتحجج علينا مشرك بالله من المثنوية الذين يشركون النبي في الدين مع الله. والنبي لم يقدر أن يحرّم على نفسه إذ عاتبه الله علي ذلك في سورة التحريم. فإن النظر الفقهي في مسألة عقد المتعة يقتصر على ما في كتاب الله فقط.

لم نجد في كتاب الله ما يفيد دونية المرأة في مقابل المرء كما هو الحال في كتب يهود. ولا نجد حكاية الضلع الأعوج التي يراد منها تمجيد الذكر في مقابل الأنثى، بجعل الذكر مصدر الخلق في حين أن الأصل في نظرية الخلق أن الأنثى هي الأصل بداية من النفس الواحدة، ثم التسوية. إلى حين جعل آدم كفصيلة بشرية خليفة للجبلة الأولين. فكان الاصطفاء له من بين زمرة الفصيلات البشرية الباقية، والتي لم تكتمل تسويتها. إنما اقتربت من فصيلة آدم، فصيلة زوج آدم فقط. وبقية الفصيلات الستة الأخرى على بهيميتها. لذلك كان النهي عن الأكل من الشجرة.

والأنثى فيسيولوجياً وجينالوجياً هي الأصل. وإلا لما كان للذكور أثداء. وتسير ميثولوجيا الإنسان الأول على هذا المعطى، مع تصويره مجازياً وترميزياً بأسلوب أحيائي. في العديد من المجتمعات ولا يشذّ عنها في ذلك، إلا المجتمعات اليهودية التي قتلت “الربّة” القمرية، الأم “إنانا” في مقابل إحياء “الرب” الشمس “آوتو”. بعد إخصاب الربة عشتار الزهرة، فكانت أم أبيها الشمس، وذلك مع بداية حقبة ممارسة الزراعة. فتحولت المجتمعات الأمومية إلى مجتمعات أبوية بطرياكية، وانطلقت حقبة التعامل مع الأنثى على أنها ليست إنسان، إنما بهيمة إسوة بامرأة قايين وامرأة شيث في سفر التكوين.

لم تتغير هذه النظرية الدونية مع ظهور الأسفار التي كتبت من بعد موسى. إذ بقيت المرأة الزوجة محرومة من الإرث وليس لها إلا نفقة عمرية من التركة. فيما لا ترث البنت منفردة أو البنات إن تعددن إلا بشرط نكاح بني اعمامهن (يراجع سفر العدد عن ميراث بنات صلفحاد).

وحتى الكنيسة المسيحية لم تقم بأي تنقيح إلا بعد ظهور القانون الروماني على يد جوستنيان، في القرن السادس ميلادي. بجعل أحكام الإرث هي أحكام الدولة، وليس ما في أسفار العهد القديم. بينما نزل كتاب الله واضحاً صريحاً فصيحاً وعربياً في جعل نصيب الإناث محميا من التلاعب والالتفاف. لكونه حداً من حدود الله، لا يقع الاقتراب منها.

واتضح بالنظر لجعل نصيب الأنثى الزوجة فريضة، أن الفرق بين الزوجة والبغي هو الحق الاجتماعي في الإرث. إذ ترث الزوجة، والبغي لا إرث لها. رغم أن النكاح عقد والبغاء عقد أيضا.

وعقد البغاء هو الذي يتفق بمقتضاه ذكر وأنثى على التلذذ بجسم الآخر في مقابل دفع مقدار متفق عليه من المال مسبقا.

وطالما كان عقد النكاح ميثاقاً غليظاً، وأن الزوجة لا ترث نصيبها الفرض إلا بعقد نكاح كامل الأركان والشروط والأوصاف. إذ لا ارث للزوجة بعقد نكاح فاسد لبطلانه. لأن العقد الباطل للزوجة لا عمل عليه عند قسمة التركة، فيما ينتج بقية آثاره الأخرى.

وطالما أن نكاح ما ملكت الأيمان هو عقد نكاح، فلا فرق بين الزوجة في كلا العقدين، إلا عند اقتراف سوأة الفاحشة فيما لا فرق عند الإرث.

ولما كانت أحكام ما ملكت الأيمان أحكاما انتقالية لتسوية الوضعيات العالقة بعد تحريم السبي، والاسترقاق بالآية 33 من سورة الأعراف، لكون هذا الفعل بغي بغير حق، فإنه قد كان من الحتمي أن يقع الامتناع والكفّ عن استمرار حالة “ما ملكت ايمانكم”. لكونها عبارة تفيد حصول الفعل في الماضي، وليس الحاضر ولا المستقبل.

فإن التحايل الاشتراعي عليها من كهنة فقه شرعنة الواقع، الذي لم يتخلص ممن رواسب شريعة يهود التي تبيح فتيات الغوئيم / الاغيار (الأمّيين). فقد تم الإستمرار على السبي للفتيات مع وطئهن دون عقد حتى تحت نظام جواري الحرملك. وهو فعل محرم في المجتمعات السنّية.

فيما ظهر تحايل اشتراعي محتشم، يحاول التماهي مع ما في الكتاب من المقتضيات، وتجنب ما فيه من نواهي. بجعل عقد النكاح المحدد المدة (والذي لا حكم يمنعه في كتاب الله) في وضع فتيات ما ملكت الإيمان بموجب ما تقبضه من أجر. في مقابل تنازلها المسبق عن الحق الاحتمالي في الإرث لو توفي الزوج أثناء مدة العقد. وذلك لاستبطان فقهاء الشرعنة هؤلاء حكم عدم ميراث المرأة في نكاح ما ملكت الإيمان، والحال عكس ذلك من كتاب الله بالنظر لكون هذه المرأة قد أحصنت بالعقد. ولها الحق محاصصة الزوجة أو الزوجات عند التعدد معهن في الإرث، لمناب بالتساوي معهن من نصيب الزوجة.

ومع نظر فقهاء شرعنة عقد المتعة للمرأة المتمع بها على كونها من فتيات ما ملكت الإيمان، فقد أسقطوا عنها الحق في الارث بموافقتها على ذلك عند إبرام العقد. وهي مذعنة وجعل نفسها مما ملكت الإيمان، بمجرد قبضها الأجر في محاكاة لشراء فتاة سبية ليكون الأجر في محل ثمن الشراء. 

ولم يغب عن فقهاء الشرعنة إيجاد مرتكز من كتاب الله لإضفاء “الشرعية” على عقد البغاء، بتسميته خداعا بعقد نكاح المتعة. اشتقاقاً من عبارة “فما استمتعتم به منهن”. والانطلاق من معطى دارج في المجتمعات اليهودية أن المرأة ليست إنساناً. وهي مثل أتان أو العربة أو المحراث بالبيت. 

والجدير بالتنويه أنه علاوة عن تعضية عبارة “فما استمتعتم به منهن” وبترها عن سياقها الخاص والعام، فإنه يقع فهمها “فما استمعتم بهن”. وكأن فرج المرأة مجرد متاع مثل من يكتري عربة مع أتان في موسم فلاحي لنقل المحصول. 

ولو كانت العبارة بالاية 24 من سورة النساء هكذا.: “فما استمتعم بهن” لجاز اعتبار المرأة متاعا لكن الآية تشير إلى متاع من المرأة في الهاء كضمير متصل في “به”.

ولا خلاف بالاعتماد عليه ترتيل جذر “م ت ع” في كتاب الله، أن المرأة ليست متاعاً. إنما هي صنو المرء، وأن تسمية عقد البغاء بنكاح المتعة، لا يجعل منه عقد ميثاق غليظ. إذ العبرة ليست باسم العقد، إنما بالاتفاقات المضمنة به، والآثار الناتجة عنه. لأن معيار التفرقة بين المرأة الزوجة والفتاة البغي، هو حق الزوجة المفروض من كتاب في الارث لكونه من حدود الله.

وأما في حالة لا توارث بين ملَّتين التي اشترعها الفقه، فإن الزوجة الكتابية قد ترث إن أصبحت من ملة الذين آمنوا لعدم تنازلها المسبق عن حقها الاحتمالي في الارث كزوجة.

المجتمعات اليهودية تنظر للمرأة كمتاع لذلك حصل التأثر الفقه الشيعي من بعد التثاقف مع يهود على بلاد فارس، التي تسمت على اليهود الفريسيين.

التصنيفات
دراسات

حديث الكساء مكذوب

يستميت إخوتنا الشيعة (هداهم الله)، أن حديث الخمسة أصحاب الكساء، هو “الكتالوج” التوضيحي للمقصودين بأية للمباهلة بين النبي وأهل الكتاب حول المحاججة بخصوص ما نزل في كتاب الله عن عيسى:

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) ال عمران

وقيام كهنة فقه ما بعد الشيخ المفيد الكذاب، بتحنيط فهم الآية اعتماداً على حديث أصحاب الكساء الخمسة وهم: 

  • محمد 
  • علي 
  • فاطمة 
  • الحسن 
  • الحسين 

وعلاوة عن شبهة دلالة الرقم خمسة لاهوتياً وميثولوجياً، لتشابهه بالخمسة الذين لم يذرهم القوم الذي كان النبي بينهم وهم: ودّ وسواه ويغوث ويعوق ونسر، واستمرار أهمية التخميس المجوسي في الفرع الهندوسي (البرهمن) فإن هذا الفهم التناصي المسقط على النص القرآني يبقى متهافتاً جداً من أوجه عدة. إذ لم يعجز كتاب الله (لو كان القصد بالأبناء والنساء والأنفس هم الخمسة أصحاب الكساء) أن ينزل النص القرآني بأمر النبي أن يقول: “تعالوا ندع إبنتي وصهري وسبطيّ ثم نبتهل”.

لكن الآية قد ذكرت ما كان النبي يقوله (وبصيغة الجمع المتكلم وليس المفرد المتكلم) بما يبرهن بوضوح شديد، أن النبي لا يتكلم عن نفسه فقط، إنما عن جمع معه. والأرجح أنهم ملة الذين آمنوا. 

هذا علاوة على أن المشمولين بالابتهال هم الأبناء في حين أن للنبي بنات، كما جاء البيان بذلك في كتاب الله، وأن النبي ما كان أبا أحد من رجالكم، ليكون بالاستنتاج العكسي اباً للنساء. ولكن النساء بصيغة الجمع مشمولين في أية المباهلة، فلا يتداخل الأبناء من ذكر وانثى بصيغة الجمع مع النساء. فيما لم يكن كتاب الله بقول شاعر ليذكر الإمام علي بالنفس. إنما يكون ذكره لو أنه هو المقصود بالصهر فقط، بما تغيب مع ذلك الجهالة لمعرفته، وكل هذا يجعل الإسقاط التناصي للحديث المصنوع على الآية يشتد تهافته، لأن النفس لا تفيد الصهر.

ومما يزداد معه التهافت في كذب من صنع هذا الحديث من الرواة، جهله بأخبار التاريخ عن الفترة التي نزلت فيها سورة آل عمران، والتي كانت بعد معركة جبل أحد، في شهر شوال من العام 3 لتهجير النبي من أم القرى. ولو كانت الآية تقصد الخمسة المذكورين في الحديث لكان وجودهم أساساً لصدق الحديث. لكن باستقراء أخبار التاريخ بالمنهج، يتضح وجود أربعة منهم فقط (في أفضل الاحتمالات) وغياب الخامس والأخير في الترتيب. لكونه لا يزال في حكم العدم، وهو الحسين.

إذ أنه حسب ما ترجح من أخبار التاريخ، فإن السيدة فاطمة قد ولدت الحسن في شهر رمضان من العام الثالث، وهو خبر يتأكد باعتبار أن الإمام علي قد تزوج من السيدة فاطمة بعد معركة بدر، في شهر رمضان من العام الثاني. وبناء على كل هذا فقد غاب عن الكذاب الذي صنع الحديث، وجود أربعة فقط من الذين زعموا أنهم أصحاب الكساء. وهم رجلان ونفساء وصبي رضيع، ولا زال والخامس في حكم العدم. بما يفضح كذب من صنع الحديث من الرواة. 

ويضاف على كل هذا أن الآية 61 من آل عمران قد أمرت النبي بهذا الفعل عند الحاجة لذلك. ولم توثق حدثاً تاريخياً حتى يقع ربط الآية بالحديث الذي اتضح أنه مكذوب من الرواة. فكيف يغالي البعض الزعم كذباً من رواسب التراث المجوسي، أن الخمسة في حديث الكساء هم سبب وعلّة خلق السماوات والأرض، وأن أسماء الخمسة هي التي تعلمها آدم.

عجباً لمن يغالون في فهم كتاب الله على أساس حديث مكذوب من الرواة.

التصنيفات
غير مصنف

حصار الأحزاب ليثرب

كما شغلتني “غزوة” ماء المريسع لبني المصطلق والتي اتضح أنها وهمية بعد إخضاعها لمنهج السير في الأرض. فكذبتها الجغرافيا، وسقطت بالتبعية. لذلك جميع الخرافات المسندة على تلك الحكاية وهمية. فإن حصار يثرب من الأحزاب قد شغلني حول أسبابه وتركيبة الأحزاب.

يكاد يتفق الإخباريون والرواة والحكواتية على أن الواقعة قد كانت في شهر شوال من العام الخامس لتهجير النبي من أم القرى. ويزعم الكثير أن سبب الحصار هو إجلاء يهود بني النضير عن يثرب بعد محاولة اغتيال النبي. وأن هؤلاء هم الذين قاموا بتحريض القبائل التي حاصرت يثرب!

ومثل هذا الزعم يجعل من يهود بني النضير قوة مؤثرة تمكنت تجميع جيش قدره البعض بعشرة آلاف مقاتل. لكن مثل هذه الحفنة من يهود بني النضير لا تستطيع هذا، بالنظر لمجريات الأحداث في غرب شبه الجزيرة أثناء احتدام المعارك بين الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية. وعند بداية استرجاع البيزنطيين للأقاليم التي سقطت تحت يد الساسانيين بعد التحاق الأرمن مع البيزنطيين ومهاجمة الساسانيين من الشمال، كما تراجع معه تهديد الساسانيين للشام.

وبعد أن انتهز إيلاف قريش في حبل بني عبد شمس فرصة توفير المسيرة للجيش البيزنطي، عبر طريق البخور، والذي يمتد من عدن إلى بصرى. فقد استبقهم النبي محمد بتهديد مرور قوافل إيلاف قريش عبر المجال الحيوي ليثرب، والمسيطر على قطاع من طريق البخور بمسالكه الثلاث: التبوكي والجانبي والتهامي. بما كانت معه معركة بدر في العام الثاني للتهجير. والتي لم يذهب انتصارها رغم خسارة معركة جبل أحد في العام الثالث. فيما تخلفت قريش عن بدر الموعد في العام الرابع.

كما بقت سيطرة أهل صحيفة المدينة قائمة على ما تحت أيديها من طريق البخور. ولم تفلح حملات أكيدر بن عبد الملك مع قبائل شمال يثرب (والتي قامت بتهديد سلامة سير القوافل التي تتعامل مع أهل يثرب) من فكّ سيطرة أهل الصحيفة على الطريق. إذ كانت السرايا المتوجهة من يثرب نحو الشمال إلى سوق دومة الجندل كفيلة بتبديد ذلك التهديد في ربيع الأول من العام الخامس. وكان مع ذلك بداية بسط نفوذ الدولة الجنينية بيثرب على الأراضي التابعة للغساسنة اليعاقبة الموالين للإمبراطورية البيزنطية الاورثودوكسية.

وبالنظر لجملة هذه المعطيات الجيوسياسية للمنطقة، يستحيل أن يقوم النبي بحملة خاطفة نحو ماء المريسع البعيدة لحوالي 300 كلم عن يثرب، في وقت يعيش على تجميع إيلاف قريش لعشرة آلاف مقاتل من قبائل تهامة وأحابيش كنانة من جنوب يثرب. وبني سليم من الجنوب الشرقي. ومن غطفان على شرقها. ومن بني أسد على الشمال الشرقي. مع إمكانية حصول تهديد ليثرب من جهة الشمال من طرف الغساسنة وأحلافهم كرد فعل على السرايا المتوجهة قبل أشهر قليلة إلى سوق دومة الجندل. بما ينعدم معه إمكانية قيام النبي بعمل متهور بالمسير إلى بني المصطلق لمجرد سماع نبأ التحضير منهم لغزوه بيثرب!

والملفت للانتباه أن كتاب الله قد نعت ائتلاف هذه القبائل بالأحزاب. ومع ترتيل لفظة الأحزاب في كتاب الله يتضح أنها نعت لقرون سبقت من ثمود، وقوم إخوان لوط، وأصحاب الأيكة من جانب. ومن جانب آخر، فهي نعت أيضا لمن اختلفوا حول المسيح عيسى بن مريم، بما يشير إلى إمكانية مشاركة بعض هؤلاء تحت قيادة بني عبد شمس، حلفاء البيزنطيين الأرثودوكس، والغساسنة اليعاقبة، خاصة وأن غطفان قد كان بعضها على اليهودية. وكان بنو أسد على الركوسية. ولم يكن إيلاف قريش بمنأى عن الاختلاف حول عيسى من خلال الشاهد بالخبر القرآني:

وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) سورة الزخرف

وما لا يفوتنا تذكرة عن فئة الأحزاب من القرون التي سبقت الأحزاب، التي اختلفت حول ابن مريم، أنهم حاولوا قتل الأنبياء الثلاثة فيهم صالح ولوط وشعيب. كما فعلتها أيضا الأحزاب التي اختلفت حول عيسى.

ولا يخفى على الفطن عند استقراء التاريخ وجود ميل وهوى من بني عبد شمس إلى المسيحية. إذ قد بقيت آثارها إلى دولة ابن هند ودولة بني مروان من بعده. فيما لم يكن أبو سفيان إلا عميلاً بيزنطياً في أم القرى بعد زوال نفوذ بيزنطة، عبر أبرهة الحبشي في اليمن إثر سقوط دولته على يد الساسانيين.

ولعل عمالة أبو سفيان زعيم إيلاف قريش لبيزنطة وفشل حصار الأحزاب ليثرب هي التي جعلته يمنع أهل الصحيفة من الحجّ، في خرق فاضحٍ ومشينٍ للأعراف القبلية في شبه الجزيرة. باعتراض حجيج يثرب عند الحديبية ببطن مكة لفرض الهدنة من أجل العودة للتجارة في أسواق الأحزاب بالشام. غير أن هذه الهدنة مع الأحزاب الموالين لبيزنطة أعطت الدولة الجديدة التي تأسست ببيعة الشجرة فرصةً سانحةً جداً لاستئصال التهديد الساساني لها في خيابر يهود وادي القرى الموالين للساسانيين. بما جعل فتح الحديبية نصراً ازدواجياً على البيزنطيين والساسانين معاً. ومهّد لفتح المسجد الحرام، ثم إخراج الأحزاب منه.

التصنيفات
المواريث

ردي على طرح المستشار أحمد عبده ماهر في نقد إقتراح المساواة في الميراث

رد الأستاذ نزار الفجاري على طرح المستشار أحمد عبده ماهر في نقد إقتراح مساواة الذكر والأنثى في الميراث وجواز زواج المسلمة من الكتابي في تونس.

رأي المستشار أحمد ماهر في النقطتين جاء في منشورين مستقلين كالآتي:

1) سبب عدم جواز زواج المسلمة من كتابي:
لم يشرع الله زواج المسلمة من كتابي وذلك لقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  (51) المائدة

والزواج ولاية وذلك بسبب أن القوامة تكون للرجال عموما لقوله تعالى: 

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34) النساء

ومن الآيتين بسورة النساء والمائدة يتبين لك سبب عدم جواز زواج المسلمة من كتابي.

إذاً فهي القوامة فضلا عن توريث دين الأب للأبناء وفقاً للأعراف والقوانين. وهل سيذهب الأولاد مع الوالد إلى الكنيسة أم مع الأم إلى المسجد؟ أم سيتم إهمال الدين بتلك العائلة؟ وتسمية الأولاد بأسماء قد تتناقض مع العقيدة الإسلامية مثل [صليب ـ عبد المسيح] فتصير الأم. والخلاصة أن المرأة المسلمة ستكون كوعاء للمتعة للرجل وخدمة الأولاد وهذا يتنافى مع قوله تعالى “ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين”.

2) منشور نقد المساواة:
كلمة لأهل تونس وشياطين المساواة بالعالم العربي: إن تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة لا يكون على حساب الرجل إنما يكون وفقا لقواعد المساواة المعروفة بقواعد العدالة.

فمن يظنون أنفسهم يقيمون شريعة أفضل من شريعة الله فليقيموا المساواة على أصولها. فلا يكون للمرأة حق على الرجل في الإنفاق.
ولماذا تستحق المرأة مهراً وهدية زواج. فالمهر يقابله مهر منها للرجل والهدية من الرجل يجب أن يقابلها هدية من المرأة للرجل حين إبرام الزواج. هيا طالما أنكم تريدون المساواة.

ولماذا يجب على الرجل إيجاد منزل الزوجية وتجهيزه؟ هيا فليكن عليها إيجاد المسكن والأثاث معا بالمناصفة مع الرجل.

وليس عليه كسوتها ولا علاجها كما يقول بذلك الأئمة الأربعة بشأن أجر الطبيب ونفقة الدواء. فعلاجها على أبيها وأمها بالتساوي بينهما.

وحق الدولة بالجندية والتجنيد بالقوات المسلحة والشرطة يجب توزيعه بين الرجال والنساء بالتساوي. فما يدفعه الرجل من عمره مقابل قروش زهيدة لابد أن تشاركه المرأة فيها.

وليكن للأعمال الشاقة أجر مضاعف لمن يقدر على القيام بتلك الأعمال. فالأحمال وفقا للأعباء. وكلما تحملت جزيناك أكثر. وهكذا تكون المساواة لمن يرفعون عقيرتهم بالمساواة، فلا يحق لك أن تأخذ من الله أموراً وتترك أخرى.

أرجو ممن يريدون العبث، فليعبثوا وفق قدراتهم المحدودة وكياناتهم المهترئة. وليعلموا أنهم يعبثون بقوانين الله خالق السماوات والأراضين ومن يعلم الخلق وما يصلحهم ويقيم مصالحهم.

وطالما ظل عبث المشايخ في شأن الناسخ والمنسوخ ووقف العمل بالوصية على حاله المعهود، فلن ينصلح الحال وسيظل الصراع قائماً إلى حين تقيموا قانون مدني متكامل للأسرة ودعكم من تلق الرتق التي تقومون بترقيع أفكاركم بها من خلال قصاصاتكم الفكرية المريضة.

مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي

*******************

رد الأستاذ نزار الفجاري على المنشورين:

أولا: نقد منشور عدم جواز زواج المسلمة من الكتابي

1) مسألة إذن الولي في النكاح:
فالمستشار أحمد ماهر قد خلط وخبط بين نكاح ما ملكت أيمانكم وهذه حالة انتقالية قد راحت مع الوقت، وبين نكاح الراشدة التي تبرم عقدها بنفسها لما تبلغ سن الرشد الذي هو نفسه سن النكاح

2) لاحظت أنه يخبط في الألفاظ فهو يقابل الرجل بالمرأة. ولا يقابل المرأة إلا لفظة امرؤ!

3) القوامة للرجال بما أنفقوا وليست للذكور (الرجال لفظة قد تفيد الذكور أو الإناث أو كلاهما). وهذا خلط لفظي وفقهي معاً من أحمد ماهر. الرجال تفيد الذكور والإناث بدليل سورة الحج:

وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج

4) قوله: إن آيات المواريث تؤكد على أن الذكورة لها الضِّعف. هذا قول من لا يعرف أن حظ الضعف للذكر ما هو إلا في أربع حالات فقط. يكون فيها نقل الملكية بالحظ وصية من الله وليس نصيباً مفروضاً وهي :

  1. إذا كان الولد ذكورًا وإناثًا إن تعددوا
  2. الأخ والأخت وإن تعددوا 
  3. الأخ لأب والأخت لأب وإن تعددوا 
  4. ولد الولد ذكورًا واناثًا وإن تعددوا 

وفي خلاف هذه الحالات فهي أنصباء فروض. لذلك نقول أن: قوله “المعمم” مجانب الصواب. ثم إن حظ الضعف ليس نصيباً مفروضا فهو وصية الله، وليس توصية من الذي حضره الموت فقام بالتوصية! وهذا الحكم يضمن للأنثى نصف حظ الذكر. ولم يمنع الزيادة والترفيع في حظ الأنثى طالما تغير المجتمع وأصبحت الأنثى تمارس القوامة بالإنفاق.

كما أن كتاب الله قد وضع حداً أدنى ولم يضع حداً أعلى حتى لا يكون الترفيع في حظ الأنثى مسا من حدود الله. لأنه طالما يقع إعطاء أولو القربى إن حضروا القسمة، فيمكن بالشورى أن يقع الترفيع في حظ الأنثى. ونحن لا نمس بالفروض بهذا الحكم الشوري. ولا يوجد في كتاب الله ما يمنع الترفيع.

ثانياً: مسألة نكاح المسلمة للكتابي!

1) هو لا يعرف ضبط اللفظ. ونقول: مسألة نكاح المؤمنة من امرؤ من أهل الكتاب أو نكاح مؤمن من امرأة من أهل الكتاب. فهذا مباح لأن في الإسلام ملل أربعة. (*) أما المحرّم فهو نكاح مؤمنة من مشرك أو نكاح مؤمن من مشركة.

ولم أفهم لماذا يخبط بإقحام القوامة في نكاح المؤمنة من امرؤ من أهل الكتاب!

* الإسلام أربعة ملل “إن الدين عند الله الإسلام” وهم :

  • الصابؤون وليس المجوس
  • الذين هادوا وليس اليهود
  • النصارى وليس المسيحيون
  • الذين آمنوا وليس المحمديون

وهذا الإسلام = تسليم لله الواحد الأحد + إيمان باليوم الآخر + العمل الصالح (أحكام الصراط المستقيم العشرة)

تفصيلات إضافية في الرد:

  • الشورى لا تخالف الحدود والحد في حظ الوصية. هو الحد الأدنى ولا وجود لحد أعلى
  • الشورى في الدولة المدنية لها الصلاحية في الترفيع في حظ الأنثى ولا مساس بذلك بحدود الله
  • نحن في حالة وصية الله ولسنا في حالة توصية
  • وصية الله ليست توصية البشر. إذا حضره الموت
  • القانون هو ثمرة الشورى.
  • أنا (الأستاذ نزار الفجاري) مع الترفيع في حالات الحظ بوصية الله، ولكني ضد المساواة بين الذكر الأنثى عامة في أحكام الإرث. لأن ذلك يمس بالفروض وهي لمصلحة الأنثى ولفائدة الذكر. ومن الشهامة الترفيع للأنثى طالما أصبحت لها القوامة أو تساهم بالتناصف في النفقة.
  • الفرق بين النصيب المفروض والحظ: النصيب المفروض معلوم النسبة بالقسمة العشرية ومعلوم مسبقاً. أما الحظ فهو في وصية الله غير معلوم المقدار، لأنه مجرد حظ ولكونه قيمة الباقي بعد انصباء أصحاب الفروض.

انتهى

—————————————-
ملاحظة : هذا المنشور يحمل في جوهره رأيين متقابلين لرجلي قانون، أحدهما :
قاضي سابق متخرج من المعهد الأعلى للقضاء منذ اكثر من عقدين وكان مستشار بمحكمة الاستئناف (الأستاذ نزار الفجاري)
والأخر محامي بالنقض ومستشار متخرج من جامعة الأزهر (أحمد ماهر عبده)

التصنيفات
دراسات

بين “نكاح المتعة” و ما ملكت أيمانكم

يمكن تعريف حكم ما ملكت ايمانكم بان “ما ملكت ايمانكم ” وردت في جميع المناسبات بكتاب الله في صيغة جملة فعلية ولم ترد البتة في صيغة جملة اسمية “ما ملكت أيمانكم”. و ليست” ما تملك أيمانكم ” و ليست أيضا “ما ستملك ايمانكم ” بما يفيد قطعا و بالجزم ان احكام “ما ملكت أيمانكم ” تتعلق فقط بتسوية الوضعيات. العالقة لمن سقطت عنهم اهلية الالتزام والتصرف ولم يقدروا علي استرجاع الاهلية بعد المكاتبة كما ورد بالآية 33 من سورة النور وذلك أثر نزول شرع الله بتحريم البغي بغر حق في الآية 33 من سورة الاعراف بجميع مظاهره.

أحكام ما ملكت أيمانكم هي احكام انتقالية لتسوية الوضعيات العالقة و ليست احكام أبدية.

البغي بغير حق من أحكام الرسول. ومن يحارب الله ورسوله فهو يحارب حكم الرسالة هذا وله الجزاء على ذلك بما ورد في الآية 33 من سورة المائدة.

وكتاب الله قد نهى عن اكراه الفتيات اللاتي لم يقدرن على التحرر بالمكاتبة علي البغاء . وطالما وقع النهي على الاكراه على البغاء فلأن البغاء حرام …
عقد البغاء حرام لما فيه من بغي بغير حق و السبي من اجل الاسترقاق حرام أيضا لأنه بغي بغير حق كما ورد في الاية 33 من سورة الاعراف
و لا خلاف في أن السبي حرام بدليل الآية 33 من سورة الأعراف و أما حديث اوطاس كاذب و يسهل تفنيده و دحضه لأن سورة النساء قد سبق نزولها عن معركة حنين التي كانت بعد فتح مكة في العام الثامن فيما ان غزوة بني المصطلق هي غزوة وهمية تكذبها الجغرافيا و الظروف الجيو_ استراتجية لدولة النبي ما بين معركة الخندق و الحديبية بما ينافي معه تبرير السبي على كذبة سبب النبي السيدة جويرية. فالغزوة وهمية وهي من اختلاق الحكواتي بن إسحاق.

وأمام تقارب وتداخل المفاهيم الفقهية في العلاقة بين المرء والمرأة فإن فقه كتاب الله بما فيه من أحكام هو الذي يميز أنواع العلاقات المباحة عن المنهي عنها و المحرمة و النكاح الفاسد أيضا …..
و لا خلاف في أن الزنا حرام. و أما هذه العلاقات المشابهة له فهي منهي عنها وهي 
– البغاء 
– المخادنة 
– السفاح
وأما النكاح الفاسد ببطلان العقد فهو قابل البطلان بحكم كاشف صادر عن الجهة المختصة بذلك وهي القضاء دون غيره من الجهات لعدم وجود كنيسة في دين الإسلام على ملة إبراهيم من الذين يتبعون النبي الخاتم.

و يمكن تعريف الزنا بأنه علاقة الجنس العلنية بين ذكر وأنثى بما يتوافر معه ركن الأربعة شهداء. 

أما البغاء فهو عقد مخالف للأخلاق يتم بمقتضاه التلذذ بجسم إنسان من جنس مخالف له مقابل أجر.

وأما السفاح فهو عقد تتعدد فيه الذكور و تنفرد الانثي فيما ان المخادنة هي علاقة مساكنة بين ذكر وأنثى دون وجود نية النكاح بينهما ولا عقد النكاح أيضا. 

و الفرق بين النكاح الشرعي الصحيح والسليم من القابلية البطلان و الابطال و بين البغاء يكمن في آثار العقد :. فالزوجة ترث و البغي لا ترث 
أما أوصاف العقد من شرط أو أجل العقد فهي لا تبطله إذا لم تتعارض مع سبب العقد و محل العقد. 

و من ذلك النكاح المحدد بأجل فهو غير باطل ولا شيء يبطله.من كتاب الله إن توافرت في عقد النكاح جميع الأركان و الشروط .
ولكن ان غاب أثر العقد المتعلق بالارث في عقد نكاح محدد المدة بأن تنازلت المرأة مسبقا عن حقها في المطالبة بالارث في حال وفاة زوجها أثناء اجل العقد فهذا الشرط يجعل العقد عقد بغاء و ليس عقد نكاح محدد المدة إلى أجل معين.

وفيما يتعلق القول _من جهة اللغط في أخبار التاريخ النبوي _ بأن النبي قد أحل النكاح المحدد المدة بأجل معين فهذا قول مقبول و هو يتعلق فقط بصلاحية الاشتراع القانوني بعد الشورى من سماح و منع و ليس تحليل وتحريم و لكنه قانون دولة النبي الذي لا استمرارية له بحكم إلزامية الشوري في الاشتراع و الاستنباط.

و النبي لما تغاضى عن عقود النكاح المحددة المدة فهو قد استند لأحكام ما ملكت ايمانكم التي تبيح هذا النوع من عقود النكاح و لكن فقهاء الشيعة الإمامية بعد ذلك قد فهموا ان النبي قد أحل ذلك الأمر وهذا منزلق وقع فيه هؤلاء الفقهاء. لأنهم لم يفهموا ان أحكام ما ملكت أيمانكم هي أحكام انتقالية غير أن عدم تحريم السبي للإناث هو الذي اوقعهم في هذا المنزلق الفقهي فجعلوا من عقد نكاح ما ملكت ايمانكم ما يسمى ب ” نكاح المتعة ” و لم يهتموا بأثر العقد بحكم حرمان المرأة من الإرث لأنهم توهموا أنها فاقدة الأهلية بحكم أنها “أمة “ليس لها أهلية الالزام والالتزام.

و عموما يمكن القول بأن عقد النكاح المحدد الأجل مسبقا لا شبهة فيه طالما لا يقع فيه بمقتضى خيار الشرط حرمان المرأة مسبقا من حقها المحتمل في الإرث من جهة. و أن يكون أجل انقضاء العقد بانتهاء المدة غير متعارض مع سبب العقد وهو سكن النفس و استمرار بقاء النوع لأن إسقاط حق المرأة مسبقا مع تحرير العقد المحدد بأجل في الإرث المحتمل يجعل من هذا العقد مجرد عقد بغاء و البغاء منهي عنه في كتاب الله 

التصنيفات
دراسات

مسحنة محمد النبي

يسري الوهم كما يجري الدم في العروق ،عند طائفة كثيرة من الزاعمين انهم على ملة إبراهيم، من الذين امنوا برسالة محمد النبي ؛ بأنهم على الصراط المستقيم و الإسوة الابراهمية ، مع ازدراء منهم لمن ضلّوا السبيل قبلهم من المسيحيين. الذين يقولون ” ثلاثة” في دوغمائية التثليث و يرونهم من الكفار .

بينما لو يقع النظر بتفحص لهذه الطائفة المسماة ” اهل الجماعة والسنة ” فإنه يتضح له أنهم يفعلون نفس الشيء و مثل. ما فعله أتباع مجمع نقيا في العام 325 ميلادي ، أين ترجحت في المجمع المسكوني كفّة ،من “ألّهوا” يسوع / عيسى برفع الأيدي للتصويت، و انتصر اثناسيوس في قوله المرسكل للتثليث الجبتي الاتوني ،على قول اريوس القليل بوحدانية الله و ببشرية عيسى الرسول؛ قبل ان تنطلق حملة حرق الهراطقة من اتباع اريوس بالنار على شريعة الخسيديم ، ولم يسلم من ذلك الا الدوناتيون بفينقيا و الكثريون في جبال البرينيس، و الأنصار من الاوس الخزرج الذين نصروا محمد النبي لما ظهر لهم الباركليتس / أحمد الذي هو بشارة عيسى في الانجيل ؛ ولكن سرعان ما ظهر من من ” ألّهوا” أحمد أيضا من القول المأثور المأثور لعتيق ابن ابي قحافة التيمي لما بلغه خبر وفاة محمد : “من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ” و كأنه.

يقول ذلك لنفسه فيما. لم يصدق المتكوهن عمر موت محمد _كما روى جمهور الرواة _ ولم يصدق الا بعد سماع اية :” وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ/ ال عمران 114. 
و لم يطل الوقت كثيرا حتى ظهرت ملامح مسحنة محمد بلانقلاب ، فقد. كذب عتيق التيمي على محمد بقوله على لسانه :” نحن معشر الأنبياء لا نورث ،وما تركناه صدقة ” لما انتزع عتيق لقطاع حائط فدك من السيدة فاطمة بنت محمد فيما ورثت عائشة حجرتها في بيوت محمد ! و بدات تظهر ملامح نفى البشرية عن محمد من أجل تأليهه ،كما سبق أن فعل ذلك من اتبعوا دوغمايية التثليث الكنسي المسيحي ؛ دون أن يقولوا ثلاثة إنما اتجهوا نحو المثنوية كما عند يهود التناخ و زنادقة الزرادشت و مانوية ماني بن فاتك النبي الكاذب الذي ظهر في الفترة بين عيسى وأحمد زاعما انه الفارقليط / الباركليتس.

و لعل أن انتشار اللاهوت اليهودي الخسيديمي في احابيش قريش ،و غيرهم من قبائل جنوب أم القرى ، وقبائل تهامة ، لم يندثر بمجرد فتح مكة . وصبغ الفكر اللاهوتي لملة الذين آمنوا بمثنويته من وجود مصدرين للدين الكتاب و سنة موسى. الموثقة في التلمود بسند متصل الى موسى النبي لكونها الشريعة الشفوية التي اجراها يهوه على لسان موسى . ولم يسلم من ذلك إلا الذين اتبعوا على ابن ابي طالب سليل الحنفاء الذي تزعم من بقي ثابتا على الحنيفية .فيما عاد عتيق لترا اثه الخسيديمي القرشي لما احرق الفجاءة السلمي بالنار مقموطا كما فعل “يوسف أسار” الدي احرق المؤمنين النصارى بنجران من اصحاب الاخدود ، وإلى التلاعب بأحكام إخراج مال صدقة الزكاة بتعشير المال؛ متبعا في ذلك ما ورد في أسفار” عزير” الذي قال عنه يهود انه” ابن الله” كما ورد في سفر التثنية : [14 :22 ]تعشيرا تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة. و لم يتوقف هذا المدّ المثنوي مع عتيق انما واصل المتكوهن عمر ذلك بعده بابتداع “صلاة ” الاستسقاء معيدا ممارسة طقوس دراما استنزال المطر كما فعلها يهود البعليم وكما اتبعها من جعلوا بعلا صاحب الرزق من السماء و يذرون احسن الخالقين. وتوسل المتكوهن عمر بالعباس عم النبي محمد ،وخرج للبوادي مع قلب العباءة في استعادة لممارسات قريش و من معها من أهل الحُمس لطقوس العزّى عشتار ابنة هبل/ بعل؛ فترسخت الردة الي المثنوية الخسيديمية، في مخالفة لما في كتاب الله أين استسقى موسى لقومه بضرب الحجر، و ليس بالخروج للبوادي عند مواقيت توثين الارض حسب المنازل القمرية لطلب الماء من بعل شميم / هبل ….

و بقطع النظر عن بروز صورة ‘الحاكمية لله ‘ في شكلها الكنسي البابوي ، كما فعل عثمان بقوله الشهير يوم الدار. :” لن انزع سربالا سربلنيه الله”. وهو الذي أسقط إخراج صدقة مال الزكاة عن المال الباطن وجعلها في المال الظاهر فقط ، فإن معاوية بن هند قد أقام أثر اغتيال أمير المومنين علي مفهوم الجماعة [ الجماعة هي كنوسس بالاغريقية ومن اشتقت كلمت كنيسة ] لفرز أهل الجماعة من شيعة أمير المومنين علي زعيم الثابتبن على ملة ابراهيم حنيفا ؛ثم سار ابن هند في تقليد المسيحيين المُلكانيين البيزنطيين ،و اتبعه في ذلك بنو الزرقاء من ال مروان الذي شيدوا قبة الصخرة التي يتخذها يهود التناخ قبلة لهم كمسجد ضرار للمسجد الحرام وجعل شكلها ثماني الاضلاع على رمز هيكل القمر امون أو مناة الثالثة الأخرى ،و انطلق الكذب على محمد بن عبد الله باكذب حديث، وهو حديث المعراج لاضفاء القداسة على هيكل القمر، فوق الصخرة المقدسة عند اليهود؛ و التي جعلها المسيحيون صخرة المزبلة انتقاما منهم، بعد دخول دولة بيزنطة الديانة المسيحية ….

وقد تكرست ملامح هجر كتاب الله، مع تقديم اقوال محمد عليه بجعله شريكا لله في الشرع و الأحكام بالتحريم؛ في تجاهل لسورة التحريم وعتاب الله للنبي لقيامه بالتحريم على نفسه ما لم يحرمه الله عليه. و ظهرت احاديث تحريم الخمر و تحريم الربا ،مخالفة لكتاب الله. ثم نسبوا لمحمد تطبيقه لشريعة الخسيديم برجم الزانية، حتى ذهب بهم الكذب لترويج حكاية اكل الداجن لصحيفة أية الرجم من حجرة عائشة. وانطلقت المثنوية بجعل محمد” نصف اله ” يشارك الله في الدين و انه لولا بعض الحياء و الخشية من اتباع الإمام علي الذين ظلوا على الحنيفية، لقال اهل الجماعة بألوهية محمد على نفس منوال اتباع مجمع نيقيا في تأليه يسوع / عيسى. طالما أن “المثنوية المحمديين “قد جعلوا المرويات عن محمد قاضية على الكتاب؛ مع اتهام من تمسكوا فقط بما في الكتاب المنزل بأنهم أصحاب الاريكة تماما كما فعل المسيحيون قبلهم؛ من طمس لكتاب الانجيل وإظهار الأسفار القانونية بسيرة يسوع / عيسى واعتماد أسفار التناخ التي كتبها عزير أساس الشريعة عندهم _كذلك فعل المحمديةون بجعا السيرة من الدين _فيما عمد الرواة من “المثنوية المحمديين” الي اعادة رسكلة ما في اسفار عزير، و تسريبها عبر المرويات كذبا على لسان محمد؛ حتى استشرت تلك الاحكام في فقه ” الشريعة الاسلامية ” و التي هي ليست إلا شريعة الخسيديم من قريشتن / كريشتن، في مخالفة في البعض منها لكتاب الله، و مناقضة له في البعض الاخر ….

ولم يتغير الأمر كثيرا بسقوط بني الزرقاء، و تولى السلطة من بني العباس، الذين ازدهرت في عصر المأمون خاصة الأفكار الغنوصية العرفانية مع المعتزلة، مع إعلاء مكانة العقل عن النقل بالمرويات. إذ سرعان ما كانت الردة الكبرى مع تحالف المتوكل بالله العباسي مع احمد بن حنبعل زعيم المحدثين الاشغان الخسيديم، الذي اضاف كلمة سنّة لعبارة اهل الجماعة، و الذي أظهر دين الحرانية الذين اسموهم “صائبة المأمون” لاتباعهم معابد هيكل سين.
وظهر المجسمة الخسيديم الذين جعلوا حتى المرويات الضعيفة أفضل من اعمال العقل في الدين. ثم التحق المجوس الستة بابن حنبعل في جمع تلك المرويات وهم البخاري ومسلم و الترمذي وابن ماجة و النسائي وابو داوود. عندها وقع ضخّ التراث المجوسي لزنادقة الزرادشت و تكريس المثنوية الزنذيقية ، في ابهى مظاهرها من خلال جعل مواقيت الصلاة خمسا ،بدل ثلاثة كما في كتاب الله مع التكتف مثل يهود التناخ. و تمّ سكب التراث المجوسي الزرادشتي في وعاء فقه” الشريعة الاسلامية “قبل أن يكمل المهمة، ذلك الحراني ابن تيمية مع بداية عصر الحفاظ المقلدين. وظهر المجسمة المؤلهون لمحمد جهرة دون أن نغفل على تلوث بعض شيعة الإمام علي بداء تأليه البشر ،فقد قام بعضهم بتاليه الإمام علي وخرج بعض من خدعهم السفراء الأربعة من الحنيفية التي سار عليها الامام علي.

وزاد الذين بلة من بعدهم الشيخ المفيد الكذاب ، بانتظار قدوم الامام الغائب في رسكلة لدين الجبت بانتظار الوهم دموزي الغائب في عالم الظلمات تحت الارض؛ كل ذلك من اجل جمع مال الخمس الذي جعلوه للاقربين و ليس لاهله ومن بينهم ذوي القربي. غير أنهم ظلوا على اطلال حنيفية الإمام علي ، ولم يجعلوا مواقيت الصلاة خمسا إنما ثلاثة ودون تكثف مثل يهود التناخ لكن تسرب في تلاميدهم بعض التراث الميثرائي الاتوني قبل تحل بهم الطامة، مع دخول الأتراك الصفويين للطائفة الشيعية في المذهب الامامي، لتظهر طقوس التطهر الميثرائي بالتطبير إضافة لطقوس اللطم الرافدية في مناحات عشتار على حبيبها ادونيس/ السيد. وهو دموزي ….
وهكذا تكرست مسحنة محمد من المحمديين الذين يهزؤون من المسيحيين المثلثة ؛ و من اليهود و المانوية و زنادقة الزرادشت المجوس المثنوية، خاصة بعد أن أصبح هولاء المحمديون من أصحاب السبت. لكونهم يسبتون في يوم عروبة/ الجمعة وهو يوم كوكب الزهرة رمز عشتار ،وهي نفسها العزّى ؛ باقامة قداس ظهيرة اليوم السادس من الأسبوع اليهودي مثلما يسبت يهود التناخ في يوم شيار / السبت ورمزه زحل؛ و اليزيديون في يوم دُبّار /الأربعاء ورمزه عطارد؛ و المسيحيون في يوم أول / الأحد ورمزه الشمس في ساعتها…….

ولقد تشابهت قلوب المسيحيين و امثالهم مع المحمديين ولا تعجبكم كثرتهم فالكثرة مذمومة في كتاب الله فاكثرهم كاذبون كافرون فاسقون لا يعقلون ….

التصنيفات
دراسات

واضربوهن مثنى وثلاث ورباع مع القسط

جاء بالآية 34 من سورة النساء :”الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”و ففي الاية بيان كيفية التعامل مع المرأة الناشر فإن لم يجد الوعظ لها و هجرها في الفراش نفعا لتعود عن نشوزها فيمكن للزوج أن يضربها بتعداد النكاح عليها مثنى وثلاث ورابع بشرط توافر شروط التعدد ومن أجل خدمة الغاية التي ورد بها هذا الاستثناء وهي رعاية اليتيم و القسط إليه. والا فإن النكاح الثاني يكون فاسدا و يتجه ابطاله من القضاء.

و الضرب فى اللسان العربي المبين هو تعداد الشيء كما يستدل على ذلك بعد ترتيل جذر ضرب في كتاب الله لذلك فضرب المرأة الناشز هو تعداد للزوجات عليها و ليس الاعتداء عليها بالعنف من صفع وركل و لكم وصك و غيره .

و امّأ إباحة التعدد ليست غايتها تلبية الرغبات الشبقبة للزوج إنما هي إباحة مرتبطة بعلة التعدد وهو القسط في اليتامى إذ وردت أحكام التعدد في معرض بيان أحكام وضع اليتيم و حماية أمواله و بيان حقوقه باعتبار أن أكل مال اليتيم من المحرمات. كما ورد ذلك في أحكام الصراط المستقيم.

و التعدد بضرب المرأة قد ورد في بدايات سورة النساء مع أحكام ملك اليتيم إذ جاء في السورة :”وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا*وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ” فيما تواصل بيان أحكام التعامل مع مال اليتم في الآيات اللاحقة بما يدل علي الترابط الوثيق  بين القسط لليتامي و التعدد في النكاح.

ويوجد فرق بين أحكام التعدد و مقاصدها في مصحف كتاب الله وبين التعامل الواقعي مع ايات التعدد على مر االتطبيق الفقهي في تاريخ ما يسمى ب ” الشريعة الإسلامية ” و ما هي إلا “شريعة قريشتن” لنا فيها من تناقض في البعض منها واختلاف. عنه في البعض الآخر لكونها مجرد. تراكم التجارب الفقهية لفقهاء البلاط أصحاب ” فقه الشرعنة” من احل عيون سلاطينهم الفراعين .

والمبدأ في كتاب الله هو نكاح صاحبة واحدة وامّا الاستثناء فهو التعدد مع توفر شروطه كاملة و ليس العكس إذ ورد بالآية 20 من سورة النساء :”وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ[ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ] وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا”و التعدد يكون عند ضرب المرأة الناشر لان الضرب فيها هو تعداد الصاحبات عليها القسط في اليتامى وهو ما لا وجوب فيه لأخذ رأيها فيما عزم عليه الزوج إلا أن كان ملزما بذلك في عقد الصداق في باب خيار الشرط كما يعرف في “. صداق القيروانية ” وأما في غير هاته الصورة وأن لم تكن الزوجة الأولى ناشزا وأراد الزوج القسط لليتامي فقط في غير نسور زوجته الأولى فمن باب أولى وأحرى ان يعلمها بما عزم عليه من نيته في ضربها بتعدد النكاح عليها .

و عقدة النكاح عند ضرب الزوجة. تختلف عن عقدة نكاح المرأة الأولى في محل العقد و سببه فيما لا اختلاف في ركن الرضا والأهلية . إذ وخلافا لما درج عليه المنتسبون للإسلام على ملة إبراهيم فإن محل العقد في النكاح مثنى وثلاث و رباع يكون فقط من امرأة أرملة ولها أولاد يتامي فقط فإن اختل هذا الركن فقد فسد عقد النكاح اذ لا يجوز أن يكون النكاح مثنى و ثلاث و رباع ننمن أرامل ليس لهم أولاد. ولا من مطلقات أيضا على حدّ السواء. و بالترتيب على ذلك وطالما وقع استبعاد الثيب التي ليس لها أولاد لم يبلغوا سن الرشد فانه يتجه بالترتيب على ذلك استبعاد. البكر العذراء من باب أولى واحرى والا بطل القعد للاختلال ركن المحل في الزوجة عند الضرب مثنى وثلاث ورباع.

ويتضح هذا الركن من الآية 3 من سورة النساء :”وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ” إذ أن علة إباحة التعدد مشروطة بالخوف من القسط في اليتامى لمن أراد كفالة اليتيم و يتعذر عليه ذلك على الوجه الأكمل لتعذر تردده عليه بمحل مبيته من أجل رعايته الرعاية المثلي فله وقتها أن طاب نفسا لي رضي بذلك ورضت به والدة اليتيم ان. ينكحها مثنى على زوجته الأولى ليقسط لليتيم أو اليتامى من اولادها.

وأما خصوصية ركن سبب عقد النكاح الذي هو ميثاق غليظ كما ورد وصفه بالآية 21 من سورة للنساء. فيكون يتوافر ركن بعد القسط لليتيم بالانفاق عليه وهو العول مع تساو مقدار. ذلك مع نفقة الرجل إلى ولد صلبه حتى يكون اليتيم ابنا له مثل ولد الصلب ليتوافر ركن العدل كما ورد بالآية 3 من سورة النساء فإن خاف ان لا يعدل بين الولد و اليتيم الذي يروم نكاح والدته.

فعليه ان يكتفي بزوجة واحدة و ذلك ادنى يعول اليتيم دون عدل بين ولد الصلب واليتيم باعتبار أن سبب عقد النكااح الثاني يكون ركن خاص وهو القسط مع العدل اليتامى فإن اختل هذا الركن فقط أصبح عقد النكاح قابلا للابطال من القضاءولعله من الجائز القول من باب الحوصلة ان ما تعددت أركانه وشروطه فاضله المنع لذلك وردت اباحت التعدد في الزوجات مقيدة بقيود ينجر عن عدم احترامها بطلا ن عقد النكاح لفساده فالأصل استبدال زوج بزوج اي نكاح امرأة واحدة وأنه لا تعدد إلا بضرب المرأة الناشز بدون لزوم موافقتها لنشوزها. فيما يكون من المستلزمات موافقة المرأة الزوجة الاولي عند الرغبة في القسط لليتامى لكون الآية 34 قد نعت. عن البغي مع المرأة المطيعة.

1- ترتيل الجذر: ض ر ب ضرب
ضرب الامثال  ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَالآية (755 النحل)

ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (38 الروم )

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29 الزمر)  

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10 التحريم)

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24 إبراهيم)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73 الحج)

 إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26 البقرة)

2- مفهوم التعدد
 وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60 البقرة)  

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (62 البقرة)

لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273 البقرة) 

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112 ال عمران) 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156 ال عمران) 

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34 النساء) 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94 النساء)

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101 النساء)

وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160 الااعراف)

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26 البقرة)

التصنيفات
دراسات

الصلاة من يوم الجمعة ليست صلاة يوم الجمعة

اشتدت بي الحيرة المعرفية  حول الآيات الأخيرة من سورة الجمعة في كتاب الله التي درج الناس على اعتبارها هي الصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس في الأسبوع.  وكان حرف الجرّ ” من ” هو مربط الفرس و محور وجوهر حيرتي المعرفية؛ لأنني لم أستسغ أبدا  أن العبارة القرآنية “.

إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ..” تفيد الصلاة الطقوسية التي درج الناس عليها في ظهر يوم السادس من الأسبوع و الذي تواطأ الناس على تسميته بيوم ” الجمعة “. وعموما كنت أعيش الحيرة المعرفية و أكتمها طالما لم أجد جوابا مقنعا شافيا ضافيا يريح بالي و ينزع عني رداء الحيرة المعرفية؛ لأني فهمت من استقراء كتاب الله ان  الله جل وعلا منزّه عن الحشو في آيات الكتاب  وأن حرف الجر ” من ” لم يكن حشوا ولا ورد اعتباطا في سورة الجمعة. ومما زاد حيرتي أني فشلت في العثور على ما يفترض ان يكون النبيء محمد (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم )قد القاه من خطب سواء ان افترضنا جدلا ان النبيء(عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم) لم يبدأ ممارسة طقوس صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع إلا منذ يوم نزول سورة الجمعة، و التي بلغنا من مرويات الاخبار انها من اواخر السور التي نزلت بالمدينة. وهو رأي لا يحوز الرجاحة؛ لتضمُّن سورة الجمعة لخطاب الى ملة الذين هادوا صلب مضمون السورة  بما يفيد انه – زمن تنزيلها – قد كانت بالمدينة فئة من ملة الذين هادوا سواء من الذين دخلوا عهد صحيفة المدينة كما وردت اسماء عشائرهم بنص  كتاب الصحيفة، او من يهود الصياصي و الآطام  الذين وقع اجلاء آخرهم في السنة الخامسة للهجرة إثر مغادرة من بقي من بني قريظة الى  خيابر وادي القرى و حصونها، و دخول اهل الصحيفة من الذين هادوا في ملة ابراهيم بآتّباعهم النبيء محمد (عليهما الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم )سواء صدقا او نفاقا من البعض منهم. اللغز: اين خطب النبيء في صلاة ظهر اليوم المسمى “جمعة”؟ 

ومهما يكن عدد الخُطب المفترض نسبة قيام النبيء (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم ) بها لو تصورنا ان الصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس من الاسبوع  قد كانت تمارس على ما درج عليه الناس، و بلغنا ذلك بالعادة السائدة ، فإنه – في المحصلة – لم تصلنا  تلك الخُطب بما يبعث على الشك من ممارسة النبيء لهذه الصلاة الطقوسية الاسبوعية، خاصة وانه لم يكن يتعذر على من كانوا حول النبيء (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم ) من أهل يثرب  حفظ تلك الخطب حتى يتسنى تدوينها اثر ذلك بعد تناقلها عبر المحدثين الى زمن التدوين، طالما ان الكتب المزعومة ” الصحاح” ( وهي عندي لا تعدو إلا أن تكون تلاميد الاخبار-تلمود وتجمع تلاميد و تلمود هو اسم الة من الجذر الارامي لمد ولمذ بحسب الابدال السني اي درس وتعلم  ومنه تلميذ و تلموذ غير ان اللفظ سار بنطقه الارامي الاشوري كما شاع وليس بالارامي الحجازي  )  و مصادر كتب التاريخ للسيرة النبوية لم تترك شاردة ولا واردة عن النبيء سواء حقا او كذبا إلا قاموا بتدوينها عنه حتى في ادق جزئيات حياته؛ مثلما بلغنا ذلك في كتب التراث، غير اني فشلت فشلا ذريعا في العثور على خطب اليوم السادس في الاسبوع على ما درج الناس على تسميته بالصلاة الطقوسية، والتي يقال انها صلاة من  ” السنّة “.  

كما فشل معي جميع من كانوا على اطلاع تقريبا على عموم كتب التراث من تلاميد الاخبار و كتب السيرة النبوية،  ولم نعثر إلا على خطبة واحدة قيل إنها الاولى في الاسبوع الاول من وصول النبيء  (ع) لقباء، فيما ان خطبة حجة الوداع المشهورة قد وقع الدس فيها بالتدليس في بعض ما ورد فيها؛ بما يخالف كتاب الله، وخاصة في بيان اسماء الاشهر الحرم الاربعة؛ اذ تركوا اسماء الاشهر التي كانت قريش تجعلها حرما، والحال ان تلك الاشهر وأسمائها واضحة وجلية في سورة التوبةو ليس المجال هنا للاسهاب في المسالة . ومع  اشتداد حيرتي من عدم العثور ولو على جزء يسير من خطب النبيء في ظهر كل يوم سادس من الاسبوع خاصة بعد أن احتجت الى نصوص تلك الخُطب؛ لمعرفة واقع الحياة الاجتماعية والسياسية من خلالها في يثرب لدواعي بحث عن دولة النبوءة و ملامحها بيثرب: فقد  هرعت الى كتاب الله  لعلي أجد في بعض آياته ما يبدد حيرتي و يزيل شكوكي و يطمئن قلبي وحتى اتجنب ان اكون من بين الذين وردت فيهم الاية التالية :” وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)سورة الفرقان احتماء بمصحف كتاب الله وبدأت رحلة الاستقراء و التدبر بعد الترتيل الآيات و إزالة ما علق بمعاني الالفاظ عندي من لغو اللغة  في مقابلة اللسان العربي المبين الذي نزل به كتاب الله، و الذي يسّره الله بلسان النبيء (ع) ؛ وهو اللسان الآرامي الحجازي الذي انتشر بمنطقة البؤرة الحضارية التي تتواصل باللسان الارامي بألسنه السبعة رغم عجمة بعضها إلا ان اللسان الآرامي الحجازي(1) قد انتشر فيها مع انتظام شعيرة الحج وحبال إيلاف قريش (2) ونصب أسواق للشعراء بالمكان بعد انتزع قصي بن كلاب (3) السيطرة على البيت من خزاعة وإعادتها  الى الفرع الإسماعيلي من العدنانيين، وقيامه بتوطين أحابيش  قريش معه ببطن مكة بعد ان استقدمهم من وهاد تهامة في بداية القرن الرابع من الروزنامة(4) اليوليانية الميلادية(5) فيما لم اغفل عن الاطلاع على كتب التاريخ وكتب الاخباريين والرواة عن واقع الحياة  بالحجاز قبل البعثة المحمدية وبعدها. 

وقد حصلت لي قناعة راسخة تقوم مقام مصادرة معرفية صائبة و قويمة بأن هناك فرقا واضحا و جليا وكبيرا  بين العبارة القرآنية  ” من يوم الجمعة ” وعبارة ” يوم الجمعة ”  لأنه يستحيل استحالة مطلقة – مهما قلبنا الامر حتى من الجهات الست – أن يكون حرف الجرّ ” من ” التبعيضية هي حرف زائد كما يتقوّل بعض الحشوية. وقررت هتك ستر الثقافة الطقوسية  مثل الذي يحاول خرق حاجز الدهر سواء نحو الماضي  أو المستقبل بآتّباع منهج السير في الأرض ليطمئن قلبي اقتداء بالاسوة الابراهمية عند البحث المعرفي  قبل ان أقوم بتحطيم ما قد اجده امامي من اصنام وأوثان معنوية تشكل افكارا دوغمائية باستعمال فأس النبيء ابراهيم (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم )أي  منهجه الجدلي  الحنيف.

ومع اعتماد هذه المصادرة المعرفية فقد تخلصت من ترديد القول إن الصلاة المقصودة في سورة الجمعة ليس  لها علاقة بالصلاة الطقوسية التي تقام في ظهر اليوم السادس من الاسبوع، و تكون بخطيتين وركعتين،  و يسمونها صلاة الجمعة؛ لأن المقصود هي الصلاة من يوم الجمعة، لما لتأثير دلالة ” من”  التبعضية من أَثَرٍ في فهم المعنى لمعرفة هذه الصلاة: فما هو يوم الجمعة في اللسان القرآني المبين بعيدا عن لغو اللغة واوثانها ؟ هل تنزل الذكر الالهي باسماء الايام ؟وباستهلال البحث عن ” يوم الجمعة “، قرآنيا يتبادر الى الذهن سؤال هل أن الذكر المنزل في كتاب الله قد تعرض لتسمية ايام الاسبوع، او تركها للناس ليتواطؤا و يتراكنوا على تسميتها. فطالما استبعدنا ان يكون يوم الجمعة – قرآنيا – هو فقط اليوم السادس من الاسبوع.

فهل ورد بكتاب الله ذكر ليوم السبت على انه اليوم السابع من الاسبوع؟ 

ورد بكتاب الله :﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)سورة النحل وورد ايضا : وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)  وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)﴾ [ سورة الاعراف ].

ويتضح أن السبت في اللسان القرآني ليس يوما محددا؛ لوجود الاختلاف فيه كما ورد بالخبر القرآني اليقيني. وأن السبات بما ورد في كتاب الله ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)﴾ [ سورة الفرقان ] ، وورد ايضا بكتاب الله :﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) ﴾ [ سورة النبأ ]؛ فيكون معنى السبات – لمن يسبون السبت – هو السكون والقعود عن القيام بأعمال معينة؛ مثل الكناية عن النائم الذي لا يفعل ولا يعمل  شيئا. 

و يُستشف من الآيات المذكورة آنفا ان السبت يكون يوما  بدليل “… وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ” فيما لم يتضح هل يسبتون يوما واحدا أم  يسبتون اياما ؟ وهل اطلق الله على اليوم الذي يتخذه اصحاب السبت يوما يسبتون فيه اسم يوم السبت ؟ وهل يكون يوم السبت هو اليوم السابع في الاسبوع أم يكون يوما آخر طالما اخبرنا الله عن السبت أنه قد جعل للذين اختلفوا فيه ؟ ومن هؤلاء الذين هم من اصحاب السبت الذين ورد فيهم قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا(47)﴾  [ سورة النساء] كما ورد ايضا  بنفس السورة :﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) ﴾ [ سورة النساء] وعموما فهل هم ملة اليهود او هم من بعض  الذين هادوا ؟ 

مقدار الاسبوع و اليهود الذين هادوا يختلفون عن اليهود؛ لاختلاف الجذر اللساني ” هاد” أي سار بالهدى في استقامة، و هود أي سار بميل بدون استقامة، وعموما فاليهودي هو عكس الحنيف الذي يسير بميل مع الحق باستقامة.

و الله أخبرنا عن اصحاب السبت الذين لعنهم الله  -بعد اعتداءهم في السبت – بما فعلوه؛ ليحل عليهم جزاء ما اقترفوه ومن هذه الافعال يمكننا التعرف على هذه الامة او الملة. وعموما فأصحاب السبت هم امة من ملة اليهود الذين اعتدوا في السبت: أي في اليوم الذي يسبتون فيه؛ لقولهم بأن ذلك اليوم هو اليوم الذي سبت فيه الله جل و علا وله المثل الاعلى، ونال راحة بعد خلق السماوات و الارض في ستة ايام؛ فجعلوا اليوم السابع من الاسبوع ليسبتوا فيه، مماراة منهم لله لمعرفتهم بأن الله  قد  خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يدبر الامر.

ومماثلتهم اليوم الالهي باليوم الارضي هي من فرط النزعة المادية التجسيمية التي تشوب فكرهم اللاهوتي ، وذلك من دون الاسهاب في طقوس السبت كما ورد في اسفار عزير المسماة بكتاب العهد القديم والتي هي ليست بالطبع كتاب الله التوراة. 

و يمكن القول إن السبت فعلٌ قبل ان يكون يوما من ايام الاسبوع، ولو انه اتخذ اليوم السابع في الاسبوع اليهودي الذي يبدأ من غروب يوم السابع، بحكم بداية اليوم عند ملة اليهود من الغروب على الخلاف من ملة المؤمنين الحنفاء من المسلمين الذين يبدا حساب اليوم لديهم من الفجر،  واتخاذ ملة اليهود لليوم السابع من الاسبوع يوما يسبتون فيهم ومن دون الإسهاب في هذا المجال حول مصدرية هذه الطقوس، فإن غيرهم يتخذ من اليوم الرابع في الاسبوع – اي يوم الاربعاء- يوما يسبتون فيه عن بعض الافعال  وهم الطائفة الايزيدية(6). وفي كل الأحوال، فرغم تعرض كتاب الله لقصة اصحاب السبت فإن اسم اليوم السابع من الاسبوع لم يرد بأنه يوم السبت في النص القراني، إنما ورد فعل السبت فيما اقترنت لفظة اليوم بغير فعل السبت؛ بما يجعلنا نستخلص ان اليوم السابع من الاسبوع اليهودي لا يتسمى بحسب اللسان القرآني بيوم السبت، وتسميته لهذا الاسم انما هي من انتقال صفة الفعل؛ لما فيه من طقوس على اسم اليوم؛ اذ ان اليوم السابع الذي يسبتون فيه اسمه شبار، و الاحد اول ، الاثنين اهون ،الثلاثاء جبار، الاربعاء دبار ، الخميس مؤنس ،و الجمعة عَروبة ؛كما بلغنا من الاخباريين و الرواة عن اسماء الايام قبل البعثة المحمدية. 

ومع التحقق من عدم ورود اسم اليوم السابع في الاسبوع في كتاب الله وبانه يتسمى بالسبت، فقد زاد يقيني المعرفي باتباع منهج السير في الارض لتقصي المعرفة بان يوم الجمعة التي وردت في سورة الجمعة لا تفيد فقط اليوم السادس من الاسبوع  باعتبار ان اليوم السابع من الاسبوع  فهو لا يتسمى عند الله يوم السبت ايضا فما هو يوم الجمعة ؟ وما تاثير حرف الجر “من ” التبعيضية على الاية 9 من سورة الجمعة ؟ يوم الجمعة : يوم جمعة الناس ؟ نقل الاخباريون والرواة في كتبهم ان اسم اليوم السادس من الاسبوع قد كانت العرب تسميه يوم عَروبة قبل ان يقوم كعب بن لؤي(7) احد اجداد النبيء بإبداله و جعله يوم الجمعة؛ لاجتماع الناس فيه عليه كما تناقل الاخباريون ومن زعموا تفسير كتاب الله ذلك، خاصة وانه يسبق اليوم الذي يسبت فيه اليهود الذين سيطروا على منطقة الجزيرة العربية بطقوسهم في ذلك العصر، و باعتبار ان اجداد النبيء قد مدحهم الله؛ لما ورد في كتاب الله من كون النبيء محمد قد تقلب في الساجدين؛ فمن البديهي ان يجري على لسانهم اللسان العربي ؛ فيما ورد في مرويات اجتماع الذين كفروا في دار الندوة لقتل النبيء محمد  (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم )بأنّهم قد اجتمعوا في “يوم الزحمة” كما اورد الطبري ذلك في تاريخه في معرض ذكره لاجتماع من ارادوا قتل النبيء قبل الهجرة. 

فهل يكون المقصود من يوم الجمعة قرآنيا انه يوم اجتماع الناس في مواقيت نصب الاسواق للبيع والشراء و التبضّع؛ بما لا يكون معه يوم الجمعة اسما ليوم فقط من ايام الاسبوع اليهودي ذي السبعة ايام انما قد يكون اي يوم يجتمع فيه الناس لارتياد الاسواق للبيع و الشراء؟ وقد ورد في كتاب الله :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)﴾ [ سورة الجمعة ]

وما يمكن التوصل اليه بالاستنتاج من الاية 9 من سورة الجمعة ان فرض القاعدة الشرعية التي وردت فيها تتعلق بالنداء للصلاة من يوم الجمعة في حين ان الحكم في القاعدة هو أن يذروا  البيع؛ لما فيه من خير لملة المؤمنون. وهو ما يفيدنا بوجود ارتباط وثيق جدا بين النداء للصلاة من يوم الجمعة والبيع  الذي فرض الله بان يذره المؤمنون وهو ما يدل على ان يوم الجمعة هو يوم اجتماع الناس للبيع وبما يكون معه  يوم نصب الاسواق سواء اسبوعيا او شهريا او سنويا او مواعيد اشتداد عمليات البيع في الايام؛ اذ ان علة الحكم ان يذر المؤمنون البيع اذا نودي للصلاة.  و يمكن معرفة هذه الصلاة من مواعيدها المتواقتة باشتداد البيع او بحركة البيع في الاسواق وقت النداء لهذه الصلاة كما يتضح من الاية؛ لما لحرف الجر ” من ” التبعيضية من اثر على المعنى في السياق القرآني؛ وذلك لفهم حكم الاية بأنها ليست مخصوصة بصلاة الظهر في  اليوم  السادس من الاسبوع اليهودي، باعتبار ان اليهود الذين يسبتون  بداية من غروب ذلك اليوم السادس، قد تشتد حركة البيع و الشراء عندهم في ذلك الوقت من النهار؛ لقرب بداية موعد سبتهم مع غروب اليوم السادس. ويمكن لنا ان نفترض أن “الصلاة من يوم الجمعة ” هي كل صلاة مكتوبة يتواقت مع اقامتها اشتداد حركة البيع و الشراء و التبضع. 

غير ان هذا الافتراض قد يجعلنا نتساءل هل المقصود بها فقط اقامة الصلاة الموقوتة فقط ام هي كل صلاة يقع النداء لاقامتها حتى ولو خرجت عن الصلوات الموقوتة المكتوبة على ملة الذين امنوا؟ وهل يكفي النداء للصلاة  في مواقيت اشتداد البيع لتكون تلك هي “الصلاة من يوم الجمعة”؟ 

اليوم هو وحدة قياس للوقت، و يكون يوما ارضيا هو مقدار ما تستغرقه الارض من الدوران حول نفسها في حركتها كفاتا (8) في  المنحنى الزمني التابع لها؛ بفعل ما تتركه جاذبيتها على موقعها في مدارها حول الشمس لما تقوم الارض بالسباحة كفاتا في المنحنى الزمني للشمس  داخل المجموعة الشمسية بدرب التبانة ليكون الحول ذي الاربعة فصول او الفصلين عند الاقتضاء لمن كان في منطقة خط الاستواء في حين يكون اليوم الكوني الرباني  هو مقدار الوقت من الدهر  الذي يستغرقه خلق السماوات و الارض او عروج الملائكة من الارض وما يعنينا في هذا الصدد هو اليوم الارضي الذي يكون باختلاف الليل و النهار معا ما بين الفجر الى الفجر فهل هي الصلوات التي كانت على المؤمنين كتاب موقوتا في اليوم؟ لتكون الصلاة من يوم الجمعة من بينها او انها صلاة خارجة عن تلك الصلوات؟ الصلاة من يوم الجمعة : صلاة موقوتة عند جمعة الناس ! “الصلاة من يوم الجمعة ” هي مبدئيا الصلوات التي كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وان كان تتواقت في يوم الجمعة بمعنى يوم اجتماع الناس به  و الذي لا ضرورة لان يكون يوما وحيدا في الاسبوع اليهودي  انما هو كل يوم يكون جمعة للناس أي هو كل يوم لا يسبتون فيه انما يجتمعون فيه للبيع و الشراء  وقد خاطب الله النبيء محمد بعد اخباره بما اوحي اليه من اتباعه لملة ابراهيم حنيفا بأنه غير معني بالسبت؛ لأن السبت قد جعل للذين اختلفوا فيه، بما يفيد –  بدايةً – أن جميع أيام ملة المؤمنين من اتباع النبيء الخاتم (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم ) هي ايام  جمعة جميعها، ما دام يجتمع الناس فيها بدون استثناء؛ لعدم وجود طقوس السبت في ملة المؤمنين  فيما ورد في خطاب الذكر الإلهي في مصحف كتاب الله المنزل على النبيء الخاتم (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم ) الى  ملة المؤمنين – في الآية 9 من سورة الجمعة – على أنه اذا وقع  النداء للصلاة من يوم الجمعة، فعليهم ان يذروا البيع في الوقت الذي يستغرقه أمد قضاء الصلاة. وبانقضاء الوقت فعليهم الانتشار في الارض لابتغاء فضل الله بدون ان يسبتوا؛ مماراةً لملة اليهود. 

ولأن السبت لم يفرض على ملة المؤمنين، فإن يوم الجمعة – بحكم امكانية ان يكون جميع الايام التي يجتمع فيها الناس  – هو كل يوم يكون فيه سوق سواء يوميا او اسبوعيا او شهريا او سنويا او حوليا، وكل صلاة موقوتة في ذلك اليوم يمكن ان تكون هي المعنية بالحكم المنزل في سورة الجمعة بالآية 9 ؛ فجميع الايام هي ايام جمعة على ما تراكن عليه المؤمنون في امرهم بالشورى بينهم، في ضبط مواعيد نصب اسواقهم؛ اذ المعتبر ان  يذروا البيع عند النداء للصلوات المتواقتة مع معاملات البيع، بداية من صلاة الفجر في الاسواق التي تشتد فيها عمليات البيع وانتهاء بصلاة العشاء  إن تواصل البيع و الشراء بداية من الفجر الى الغسق  بالاسواق،  الامر الذي نستنتج معه أنّ الآية 9من سورة الجمعة  لا تتعلق بصلاة اسبوعية انما هي بالصلوات الموقوتة في كامل الايام؛ لكون جميع الايام هي ايام جمعة، في حين أنه اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فإن ” من ” التبعيضية تفيد أنها تتعلق بمواقيت الصلوات في اليوم؛ لأنها بعض من اليوم الواحد، و جميع الايام هي ايام جمعة ( اذا تراكن الناس شورى بينهم على الاجتماع فيها ) لعدم تكليف او جعل فعل السبت على ملة  المؤمنين؛ انما جُعل السبت على الذين اختلفوا فيه و الذين وان كانوا يسبتون فهم يعتدون في ذلك اليوم فحق عليهم الجزاء من الله لما اقترفت ايديهم.   وانطلاقا من فهم آية 9 من سورة الجمعة، ومن غياب أي اثر او خبر تاريخي على ممارسة النبيء محمد  (عليه الصلاة بالثناء و السلام بالتسليم ) مما رجح من اخبار التاريخ و السيرة النبوية و بالنظر لغياب الخطب التي يفترض ان يكون النبيء محمد ص قد خطب الناس فيها وعدم بلوغها الينا في مصادر الاخباريين والرواة، والحال أنه قد بلغتنا مسائل اخرى اقل اهمية منها؛ فانه يمكن – بالقول الراجح في القراءة التاريخية – نفي قيام النبيء بالصلاة الطقوسية التي درجت بين الناس في ظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي كما نعرفها اليوم بحكم القول الجازم باستحالة ان يخالف النبيء ما تنزل على قلبه من الذكر الالهي في كتاب الله فقد علّمه الله الحكمة التي تمكنه من فهم دقيق صائب جدا لما تنزل عليه فيما ان الامر ايضا يكون مسحوبا على من حوله. وانه مهما يكن من الامر، فلو كانت الصلاة الطقوسية، التي درج الناس عليها  في ظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي، فرضا على المؤمنين، فلا شيء يمنع الله من التعرض لها وذكرها صراحة في حكم من احكام كتاب الله مثلما انزل مواقيت اقامة الصلوات الموقوتة و انه لا شيء يعجز الله على ذلك وانها لو كانت وحيا قد تنزل على النبيء لاخبرنا الله عنه كما اخبرنا في الكتاب عن نزول الوحي للنبيء باتباع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين ، وكما اخبر الله عن صيام شهر رمضان مع تعريفه بالاسم بانه الشهر الذي انزل فيه القرآن ؛الامر الذي يجعلنا نقول برجاحة عدم قيام النبيء بممارسة اداة الخطبتين في صلاة ظهيرة اليوم السادس من الاسبوع اليهودي و الذي تراكن الناس شورى بينهم  على تسميته بيوم الجمعة بعد ان كان اسمه يوم عروبة كما يروي اهل الاخبار و السير من الرواة على انها فرض قد تنزل عليه في سورة الجمعة.

ويجوز القول إن الصلاة من يوم الجمعة هي كل الصلوات الموقوتة و المكتوبة قضاء من الله على المؤمنين لتعلق الحكم بأن يذر المؤمنون البيع في ميقات هذه الصلاة، و أن عليهم الانتشار في الأرض بعد انقضاء وقتها ،واقامة الصلاة. وبذلك يتضح أنّ الآيتين 9 و10 من سورة الجمعة تتعلق بحكم من احكام الشعائر الايمانية المرتبطة باقامة الصلاة الموقوتة الشعائرية عند النداء لها، غير أن ذلك لا يجعلنا نمرّ دون التحقق من مقتضى ما ورد في مضمون الآية 11 من نفس السورة وهل أنها تتعلق بالتبعية للآيتين اللتان سبقتاها باستكمال بيان الحكم الالهي في شعيرة الصلاة الموقوتة، ام هل انها تتعلق بتوثيق حدث من القصص المحمدي لما ورد فيها :﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)﴾ [ سورة الجمعة ]  يتجه التساؤل حول  لفظة “تركوك” : على من تعود الكاف في اللفظة ؟ وهل تعني محمد بن عبد الله او محمد النبيء او محمد الرسول؟ و الذي ان مات كإنسان فإن الرسالة لم تمت بل هي ذكر محفوظ . فمعرفة ما هو المقام المقصود بالضمير مهم جدا اعتبار بانه لكل مقام مقال وانه لا بد من التفريق و التمييز جيدا بين المقامات الثلاث لاشتراع واستنباط الحكم، فعلى من تعود الكاف في الضمير المتصل بفعل الترك بين المقامات الثلاث محمد بن عبد الله و النبيء الخاتم و الرسول . يتجه التنويه إلى أن الحكم الوارد في الآية 9 من سورة الجمعة يتعلق بأنه – بمجرد سماع النداء- أن يذر المؤمنون البيع بالامتناع عنه لأمد انقضاء وقت الصلاة.  واما في الاية 11من نفس السورة   فان الامر لا يتعلق بسماع النداء انما برؤية التجارة او اللهو والانفضاض؛ و ترك من يعود عليه الضمير المتصل في لفظة “تركوك ” قائما  .كما يجدر التنويه ايضا  الى أن  ورود الفاء في ” فإذا ” التي استهلت الاية 10 من سورة الجمعة تفيد التتالي السريع في الوقت رغم اقترانها ب “اذا” التي تفيد التراخي في الوقت والتحقق من الامر من دون احتمال ؛ بما يدل على ان انقضاء وقت الصلاة من يوم الجمعة ليس امدا كثيرا انما هو امد اقامة الصلاة الموقوتة من يوم الجمعة بحسب تواقتها مع النداء اليها في حين استهلت الاية 11 ب “واذا ” فالواو الاستئنافية  و التي تتلوها ” اذا ”  تفيد التباعد في الوقت مع وجود التراخي فيه من اثر ” اذا ” ، فهل ما ورد في الاية 11 هو توثيق “خبر” من السيرة النبوية في القصص القراني المحمدي أم هل يفيد فرضية قد تحصل من المؤمنين و نزول الإخبار الالهي بذلك لمحمد بن عبد الله النبيء الرسول وانه إن تركوه قائما فقد اخبره الله مسبقا بالامر وما عليه قوله عند وقوع الفرض من ملة المؤمنون. 

السياق الخاص و العام للآية 11 لا يشير الى توثيق حدث حصل لمحمد بن عبد الله الانسان او محمد بن عبد الله النبيء باعتبار انه لو كان  كالامر كذلك، لما ورد الامر الالهي للرسول بأن يقول ﴿… مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ خاصة أن الامر متعلق بالصلاة من يوم الجمعة التي تنزلت احكامها في الايتين السابقتين و هو ما تتراءى معه ان مضمون الاية 11 من سورة الجمعة لا يتعلق بحدث تاريخي قد وقع توثيقه في باب القصص المحمدي ؛ انما مضمون الاية وما ورد في الحكم الوراد على فرضها، وهو رؤية المؤمنين للتجارة و اللهو بالانفضاض عن اقامة الصلاة من يوم الجمعة ؛فان حكم اتيان البعض من المؤمنين لهذا الفعل ان يقول لهم الرسول النبيء ما امره الله بابلاغه من رسالة ربه بالقول ﴿.. مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾. فالأمر بالقول يفيد تعلق الحكم المتضمن في القول في المستقبل لما بعد نزول ايات سورة الجمعة على قلب النبيء محمد ونطق به للناس في ابلاغ الرسالة مع لطيفة النطق بغير هوى اذ ان ما ﴿ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ فالله من يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر في خصوص التجارة إن ذكر الله خير و أبقى من اللهو رغم أن الله يخبرنا بأن الحياة الدنيا لعب ولهو…  فهم القران  بالتناص بمرويات ظنية من خارج كتاب الله ! قد ورد في تلمود البخاري وكذلك في تلمود مسلم عن جابر بن عبد الله قال: بينما نحن نصلي مع النبي (ع) ، إذ أقبلت عير تحمل طعاما، فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي (ع)  إلا اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ﴾. وتثير هذه المروية عدة ملاحظات: ان الحادثة التي وردت بالمروية لا تتعلق بالصلاة الطقوسية لليوم السادس من الاسبوع اليهودي في وقت الظهر بعد مَيَلان الشمس عن الزوال إنما قد وردت عامة بدون تحديد او تدقيق للوقت الذي حصلت به وهي تتعلق بالتفات الناس عن النبيء وهو يخطب في الناس بما لا يمكن حصرها في ما يتعلق بالصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس من الاسبوع. 

ان متن المروية لا يشير الى ان جابر بن عبد الله – وهو العربي – وهو يذكر الحادثة بالقول بإقبال العير التي تحمل طعاما انما كانت البلاغة تقتضي ان يقول أقبلت لطيمة فيفهم المعنى، بما يشير الى ان المروية منسوبة له، هي من تاليف اعرابي(9) لا يجيد اللسان الارامي الحجازي.

إن التعرض لاسباب النزول من خارج المتن القرآني ومن سياقات الخبر أو الحدث الموثق قرآنيا انما  يبقى قولا مرسلا اقرب الى التكذيب منه الى القبول به؛ لأن الله ما اشهد في الملأ الأعلى جابر بن عبد الله عن نزول الاية على قلب النبيء ليتقول على الله ورسوله بهذا لو صحت المروية على لسانه؛  باعتبار انه  لو افترضنا ان الوحي قد نزل على النبيء إثر هذه الحادثة، و أبلغ النبيء الناس بها مباشرة اثر الانفضاض عنه وهو يخطب، لورد سياق المروية بغير هذه الصيغة التي ورد بها. 

إن المروية لو كانت تتعلق بخطبة يخطبها النبيء في الناس، لوردت الاية 11 في سورة الجمعة  بصيغة لتركوك تخطب و ليس “تركوك قائما ” لدقة البيان في اللفظ القرآني الذي نزل بلسان عربي مبين. ويتحصحص من تمحيص المروية انها من المرويات المدسوسة و المنسوبة على لسان جابر بن عبد الله  فيما غفل من دسّ عليه المروية عن بلاغة العرب في اللسان؛ فهي لا تستقيم  بما ورد فيها من متن خاصة أن ابل اللطيمة التي تقدم من شمال المدينة لا تنيخ في جهة المسجد النبوي وانما بسوق الأنباط الواقع في الشمال الغربي للمدينة بعيدا عن المسجد النبوي، الامر الذي يستحيل معه أن تكون الحادثة قد حصلت قرب المسجد النبوي . 

ومع ردّ ما في هذه المروية فان الامر لا يكون برد قيام النبيء بالخطبة في الناس  عامة انما يكون رد المروية لعدم رجاحتها ولما يحوم حول وثوقيتها في صحة الحدث انها لا تتعلق بما درج عليه الناس من كون تلك الخطبة من النبيء هي خطبة الصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس من الاسبوع و بالبحث عن المقام المشار اليه من الضمير المتصل (الكاف) بلفظ تركوك  يتجه افتراض المقامات الثلاث :
– محمد بن عبد الله  – النبيء  – رسول الله 
كان محمد بن عبد الله يخطب الناس في ما يتعلق بالشورى في امر الناس أي في ما يتعلق بحياتهم الاجتماعية و السياسية  بوصفه صاحب الولاية الكبرى على امارة الامة و رئاسة الدولة التي اقامها بالتدبر الانساني للضروروات الاجتماعية التي واجهته واقعيا؛ ولكي ينتظم له العمران الانساني في يثرب  فقد كان يخطب في الناس من مقام سلطته السياسية التي نالها بالبيعة وحازها بما توافق عليه اهل يثرب، من الذين دخلوا في عهد صحيفة المدينة  وهي العقد /الاساس لممارسة السلطة؛ لذلك تكون هذه الخطبة متعلقة بامر الناس عند ممارسة الشورى الملزمة للنبيء  لما ورد في كتاب الله له من امر الهي جازم ﴿ وشاورهم في الامر ﴾ (10)في حين ان الأمر هو امر الناس  لما ورد في كتاب الله ﴿ وامرهم شورى بينهم﴾(11). 

و القيام هنا يكون بالخطبة في الناس  فيما يتعلق بامرهم ،في حين تتعرض الايات الثلاث الاخيرة من سورة الجمعة الى شعيرة القيام بالصلاة من يوم الجمعة ،التي هي مفروضة على المؤمنين لكونها وردت في الاية 9 من سورة الجمعة في صيغة خطاب مخصوص لملة المؤمنون ، بينما كان الناس في يثرب ممن دخلوا عهد الصحيفة من بينهم يهود ونصارى كما يوثق نص الصحيفة ذلك  الامر الذي يتجه معه استبعاد فرضية ان المقام المقصود في الاية 11 من سورة الجمعة  يتعلق بمقام محمد بن عبد الله  رئيس الدولة العربية بيثرب او ان شئنا ايضا القول صاحب الولاية الكبرى على امارة الدولة . اما مقام النبيء فهو يتعلق بالانباء التي ينبأُ بها النبيء الناس من أنباء الغيب من كتاب القرآن ومن أنباء القصص على حد السواء فهي أنباء ينطق بها النبيء للناس و للمؤمنين بما تنزل على قلبه من الذكر الإلهي المتعلق بذلك وحيا، في حين ان السياق في الآيات الثلاث الأخيرة من سورة  الجمعة لا يتعرض إلى أي نبأ بل يتعرض الى القيام بشعيرة صلاة موقوتة؛ بدليل مضمون الاية 10 التي تفيد انقضاء الوقت إثر القيام بتلك الصلاة بعد ان يذر المؤمنون البيع، الامر الذي يتجه معه ايضا استبعاد مقام النبيء. 

ولم يبق لنا الا مقام رسول الله، والذي يتوضج انه المقام المقصود في الايات الثلاث الاخيرة من سورة الجمعة  بداية من صيغة الخطاب ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)﴾ [ سورة الجمعة ]  الترتيل يحسم الاشكال . فالخطاب والسياق يدلان على أن الامر يتعلق بإبلاغ الرسالة بالتشديد على الصلاة من يوم الجمعة التي تتواقت مع الصلوات الموقوتة المكتوبة قضاء من الله على ملة المؤمنين، و هكذا يتضح ان الكاف في الضمير المتصل في ” تركوك ” تعود على مقام رسول الله في القيام بتلك الصلاة؛ بما لا يجعل مضمون الايات الثلاث الاخيرة من سورة الجمعة متعلقا بحدث محصور في عهد النبيء محمد فقط ، ولا يتعداه لما بعده في الدهر لان الصلاة من يوم الجمعة هي شعيرة مقضي بها من الله على ملة المؤمنين الى قيام الساعة وليست قضاء مفروضا على النبيء محمد فقط ؛ وانه بموت النبيء محمد تنقطع ممارسة شعيرة الصلاة من يوم الجمعة وهي الصلاة الموقوتة التي تصادف يوم اجتماع الناس  للبيعة و التجارة و اللهو وتتواقت مع وقت احدى الصلوات الموقوتة باليوم الارضي. 

ولما نقوم باستقراء الفاظ “قائما” التي وردت اربع مرات في الكتاب ولفظة “قائم” التي وردت ثلاث مرات ولفظة “قائمة” التي وردت خمس مرات و”قيام” التي وردت مرتين. ولفظة “قيامة” التي وردت سبعين مرة، يتضح بعد ترتيب الالفاظ و تفحصها في سياقاتها ان القيام يكون ضده القعود و القيام يفيد مضارعة الفعل الوراد بالسياق ؛ وهذا ما يشير اليه ترتيل الذكر الالهي في كتاب الله في مشتقات الجذر اللساني” ق ا م”  بما يدل على ان ” تركوك قائما” تفيد تركوك قائما تصلي الصلاة من يوم الجمعة التي تتواقت مع إحدى الصلوات الموقوتة في اليوم الارضي، ومثال ذلك في الاسواق التي ينطلق فيها البيع والشراء والتجارة قبل الفجر او بالتواقت معه فإن صلاة الفجر – قرآن الفجر- هي الصلاة من يوم الجمعة؛ لاجتماع الناس وقتها على التجارة والبيع، وهكذا دواليك بحسب أعراف وعادات كل أمة؛ تماشيا مع جعل الله لكل امة منسكا: فلكل امة مواقيت تنصب فيها اسواقها للبيع و التجارة ومواكبا تقيمها للهو. 

النداء للصلاة الموقوتة مندوب وتثار مسالة النداء للصلاة بعد تمييز الامر مع الاذان للحج؛ فالحج يكون بالأذان له، في حين يكون النداء للصلاة؛ لكي لا يتداخل الامر كما يفعل من يلغون في كتاب الله بلغو اللغة بعد ان هجروا كتاب الله وابتعدوا عن اللسان العربي المبين. فهل النداء للصلاة الموقوتة واجب أم هل ان معرفة الوقت لا تفرض النداء لإقامتها؟ وردت الاشارة على النداء للصلاة في كتاب الله كما ورد في الاية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) سورة المائدة  كما وردت ايضا في الاية : :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) سورة الجمعة وقد وردت الاية : أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)سورة الاسراء كما ورد في بيان مواقيت الصلاة : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) سورة هود  كما ورد ايضا في كتاب الله :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) سورة النور فدلوك الشمس هو ميل الشمس وزوالها ، بما يعني ان مواقيت الصلاة الموقوتة يقع ضبطها بحركة الشمس  الى غسق الليل؛ وهو ذهاب اخر اثر لأشعة الشمس الغاربة وهو ما يتوافق مع اقامة الصلاة طرفي النهاري وزلفا من الليل وهي الى حدود الغسق بعد بداية الليل اثر الغروب؛ فيما تكون الصلاة في طرفي النهار أي بدايته فجرا وانتهاؤه غروبا وفق حركة الشمس التي تتسامت في الضحى والعصر، وتتعامد في حركتها عند الظهر و تبزغ صبحا بعد انفجار ضوئها فجرا وذلك دون الاسهاب في الجدل حول الاوقات الخمس للصلوات المكتوبة في الاوقات الثلاثة عند البعض كما هو الامر عند ملة الصابئة(12) او في الاوقات الخمسة كما هو عند طائفة الزرادشتيين(13)؛ اذ ان النبيء قد كان يصلي كما تعلّمَ الصلاة عن اجداده من الساجدين(14) صلوات الحنفاء التي انتقلت اليه بالتتابع الطبقي من جده النبيء اسماعيل(15)؛ بما يجعله يصلي الصلاة الابراهمية(16) مع اعراضنا عن التعرض لمروية فرض الصلاة في أكذب مروية في حديث المعراج التي هي ليست الا خرافة كهنوتية  ليس المجال للاسهاب فيها. 

والمواقيت لحركة الشمس وان كانت واضحة للجميع بما ينفي الجهالة فإن النداء للصلاة يكون على اساسها ممن علم بالوقت مع الدقة في ضبطه. ثم النداء لإقامة الصلاة حتى يجتمع الناس لها  لتكون الصلاة من يوم الجمعة: أي عند اجتماع الناس بعد النداء وذلك عند الطمأنينة وقت اقامة الصلاة، بينما يكون الامر استثناء في صلاة الخوف كما ورد التعرض لها في كتاب الله : ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)﴾ [ سورة النساء]. ويتضح من الايات المذكورة آنفا في سورة النساء ان إقامة الصلاة عند الخوف وغياب الطمأنينة لا يستلزمان النداء؛ بحكم الظروف الاستثنائية لما قد يكون عليه المؤمنون الذين كتب الله عليهم القتال وكيف يقيمون الصلاة اذا تواقت وقتها مع  القتال، فيما يكون النداء عند الطمأنينة وعند الصلاة من يوم الجمعة التي يتواقت فيها وقت الصلاة الموقوتة بحركة الشمس بدلوكها  مع وقت الصلاة من يوم الجمعة اين يشتد البيع وانه على المؤمنين ان يذروا البيع في ميقات تلك الصلاة عند سماع النداء. 

فالنداء يكون للصلوات الموقوتة في اليوم ، بحسب دلوك الشمس في النهار و زلفا من الليل الى حدود وقت الغسق  في طرفي النهار بداية من صلاة قرآن الفجر عند الطمأنينة ؛ فيما انه على من يسمع النداء في وقت الصلاة من يوم الجمعة، فما عليه الا ان يذر البيع وقتها الى انقضاء وقت الصلاة ،ثم عليه الانتشار في الارض بعد ذلك من اجل الفلاح وخير العمل ؛ كما انه على المؤمنين عند اقامة الصلاة الموقوتة في ميقاتها ان لا ينفضوا عنها اذا رأوا تجارة او لهوا. غير ان صيغة ما ورد في الاية 9 من سورة الجمعة بجعل فعل النداء مبني للمجهول قد يشير الى امكانية المناداة لإقامة الصلاة من يوم الجمعة في غير اوقات الصلاة الشعائرية الموقوتة .و صيغة بناء الفعل المبني للمجهول قد تفيد بذلك، بما يوحي بانه ان وقع سماع النداء في غير اوقات الصلاة الموقوتة فهي صلاة من يوم الجمعة او هي صلاة تشبهها ، ان كانت من نوع سنة الصلاة جامعة لتدارس امر من امور الشورى او للخوض و لتدارس امر جلل قد يتعرض له المؤمنون  ومن معهم من الناس ؛ فهل ان النداء للصلاة جامعة في غير اوقات الصلاة الموقوتة ــــ يجعل من ذلك النداء لإقامة الصلاة الجامعة ــــ يتخذ نفس حكم الصلاة من يوم الجمعة ؟ فهل بمجرد سماع النداء للصلاة جامعة على المؤمنين ان يذروا البيع ؟ او ان الصلاة الجامعة لا تكون بالنداء فقط انما بالاذان ؟ ورد في سورة النساء : ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)﴾ والاية تفيد النداء اليومي والمتكرر و المستمر للصلوات الموقوتة ، وذلك حسبنا يتضح من صيغة الاية و سياقها الخاص و العام فيما ان ما ورد في الاية : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)﴾ [ سورة الجمعة] يفيد ان السامع للنداء لا يعرف من المنادي للصلاة من يوم الجمعة لانشغاله بالبيع فهو لا يعلم من ينادي للصلاة ، ثم انه مطالب بمجرد سماع النداء ان يذر  البيع ان تواقتت الصلاة المكتوبة و الموقوتة مع يوم الجمعة في وقت الجمعة بين الناس للتجارة و اللهو فعليه ان يذر البيع وان يسعى لذكر الله. وعموما  فان النداء يكون للتذكير بحلول وقت الصلاة المكتوبة ،وهو ما يفرض ان يذر المؤمنون البيع وقتها، وان يسعوا الى ذكر الله فاذا انقضى وقت الصلاة فعليهم ان ينتشروا في الارض لعلهم يفلحون .ولا يفوتنا في هذا الصدد الا القول بان البيوعات التي تجرى في ذلك الوقت لمن لم يذر البيع فهي ليست فعلا محرما كما يتقول بعض “الفقهاء” الذين لا يتورعون على الاستدراك على حكم الله المنزل في الكتاب وهم يعصون ما نهى الله عنه من التقول هذا حرام وهذا حلال كما ورد في الاية : وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) النحل . والقول بتحريم تلك البيوعات يبطلها في حين ان الله نهى عن البيع فقط ولم يحرم البيع بما يتجه معه التقيد بما تنزل في حكم الله فقط دون أي استدراك على الله الامر الذي يكون معه قول الشق الاخر من الفقهاء ،الذين لا يحرمون البيع في وقت  “الصلاة من يوم الجمعة ” غير صائب بدروه لقول طرف منهم  بان تلك البيوعات  في حكم المعدوم في حين يرى الطرف الاخر انها بيوعات فاسدة وقابلة للفسخ !!!  الفرق بين سنة الصلاة جامعة و “الصلاة من يوم الجمعة ” اما الفرق بين الصلاة من يوم الجمعة و الصلاة الجامعة للعمل بالشورى فالاختلاف بين الصلاتين بيّن واضح ،لانه ولئن فرض الله على من يسمع النداء للصلاة من يوم الجمعة فعليه ان يذر البيع و عليه ان يسعى الى ذكر الله لكونها الصلاة التي كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، فان النداء للصلاة الجامعة ورغم تعلقها بامر الناس الذي يهتم له جميع الناس  ، ورغم ان الشورى تحكم امر الناس فيما بينهم فلا وجوب لان يذر البيع عند سماع النداء اذ لا يجبر المؤمن على الخوض في الشورى ان تقاعس عن الامر ، فيما ان الصلاة جامعة لا تتعلق بملة المؤمنين من امة الدولة فقط انما تتعلق بامة الدولة جميعها. فالصلاة من يوم الجمعة تتعلق بملة المؤمنين فقط ،وعلى من ينتمي اليها ان يذر البيع عند النداء للصلاة من يوم الجمعة ،أي الصلاة الموقوتة عند اجتماع الناس للبيع و التجارة و اللهو. وهذا الحكم يتعلق فقط بملة المؤمنين فيما لا فرض على غير ملة  المؤمنين ان يذروا البيع   فيما ان النداء للصلاة جامعة للتداول في امر الناس بالشورى يكون لجميع الامة. وهنا فإنه لا ضرورة للتوقف عن البيع عند الصلاة الجامعة لتعلقها بأمر من امور دنيا الناس ولمواجهة ضرورات الاجتماع الانساني؛ لذلك يمكن القول إن الصلاة الجامعة للشورى وللتداول والخوض في الشأن السياسي فهي ليست فرضا على المؤمنين رغم اهميتها لهم، و بالتالي فلا توقف عن البيع عند النداء بالصلاة لها. وان النداء لها  يكون لجميع الامة مع اختلاف الملل فيها. عادة الصلاة جامعة كما بلغنا من اخبار التاريخ عن العهد النبوي هي عمل اجتماعي سياسي يتعلق بمجال امر الناس المحكوم بالشورى الملزمة للنبيء محمد بن عبد الله ذاته؛ بدليل الامر الالهي له في ﴿و شاورهم في الامر﴾ لكنها ولئن  تبدا بصلاة نافلة، فهي لا تعني انها امر متعلق بالدين انما هي امر متعلق بالدنيا، و امر الناس بالنظر لما سيقع الخوض فيه.

وان خَطَبَ النبيء فيها الناس، فالخطاب سياسي،  ويكون من مقام محمد بن عبد الله الانسان صاحب الولاية الكبرى على امارة و رئاسة الدولة ، بما له من صلاحيات ومهام نالها بالبيعة وببنود صحيفة المدينة، وهو ليس نبيا وقتها، لأنه لا يعلم الغيب و ليس رسولا الا فيما يتعلق بإبلاغ الحكم الرباني المتعلق بتلك المسألةبتلاوة ما تنزل على قبله وحيا من الذكر الالهي .

ومثال ذلك ما درج عليه الناس في صلاة العيدين: فالعيد مناسبة اجتماعية وليست بمناسبة دينية شعائرية. لذلك تغلب عليه الطقوس الاجتماعية التي لم يرد الذكر الالهي بها. وتكون إقامة الصلاة النافلة بها التي تعقبها خطبة من الامام للأمة من ملة المؤمنين فعلا اجتماعيا لا علاقة له بالشعائر التي لم ينزل الله بها من سلطان. وعلى شاكلة صلاة العيدين تكون الصلاة جامعة. 

فهل من ابدع القول بان صلاة اليوم السادس من الاسبوع اليهودي ظهرا هي فرض واجب لكونها الصلاة المقصودة في الاية 9 من سورة الجمعة ،قد قايس وانتحل على الصلاة جامعة وصلاة العيدين وقام بتسبيق الركعتين بعد النداء للصلاة جامعة للتداول والخوض في مسائل امر الناس لكي لا تنفض عنه الناس ان قام بتسبيق الركعتين النافلة على الخطبة  قد فعل بدعة بما تقوله على كتاب الله بالزيادة في شعائر الايمان ؟ ولماذا وقع اختيار هذا التوقيت بالذات للصلاة الجامعة  التي يدعو لها الامير /الامام  من باب العمل بالشورى ليقوم بعظة تماثل عظة يوم الاحد عند المسيحيين ؟ وما هي دلالة هذا التوقيت بالذات ؟ وهل ثبت تاريخيا ان النبيء محمد قد كان يخطب في الناس  في ذلك التوقيت الخطبتين ويصلي ركعتين فقط بعدها عوضا عن صلاة الظهر من اربع ركعات ، ومن الذي ابدع هذه الصلاة الطقوسية وأخرجها من الصلاة جامعة الى صلاة يوم الجمعة و ليست الصلاة من يوم الجمعة للاختلاف كما سبق بيانه ؟سنّة الصلاة جامعة ليست موعدا اسبوعيا انه باستقراء التاريخ النبوي  مما رجح من اخبار التاريخ عبر ما بلغنا من روايات موثوقة، فإننا لا نعثر على ممارسة النبيء محمد  (ع) لما يسمونه بصلاة يوم الجمعة  التي درج عليها الناس وبَلغتنا  اليوم بما دأب الناس عليه من تقليد ومحاكاة لما وجدوا عليه اباءهم . غير ان ذلك لا يعني ان النبيء لم يكن يخطب في الناس في مجال ” امر الناس “: اي مجال الحياة السياسية، في حين ان تلاوة ما ينطق به النبيء من الذكر الالهي المنزل على قلبه عند ابلاغه للرسالة لا يعتبر خطبة  انما هو بلاغ للناس ولو اتخذ شكل الخطبة بصعود النبيء الى المنبر فيما كانت صلاة العيدين  الطقوسية  لست من الشعائر الايمانية انما هي طقوس اجتماعية ولا غير و لا ضير منها  على حالتها تلك، فهي لا تقوم على تعويض  ركعتين من صلاة الظهر بخطبتين  من الامير / الامام  انما هي عظة  في سياق الحياة الطقوسية الانتروبولوجية لأي امة. 

والذي يشغلنا ويكون من اهتماماتنا في هذه الدراسة هي خطبة ما يسمى بصلاة “يوم الجمعة “ظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي ،باعتبارمقدار الوقت بحساب الاسبوع هو ابداع يهودي اذ  ان الرومان مثلا قد كان لهم “اسبوع” ان جاز التعبير بثمانية ايام  قبل ان يتأثروا بالحضور اليهودي ويجعلوا اسبوعهم بسبعة ايام … في غياب ادلة تاريخية  حتى من تلاميد المرويات،يمكن القول -بالرجحان – إن النبيء محمد لم يكن يمارس طقوس صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع كما نعرفها اليوم ؛ لغياب الخطب عن تلك التلاميد، وعن مصادر  كتب الاخبار والرواة  التي كتبت مع زمن التدوين، وليس من الغريب  القول إنه لو كانت تلك الخطب موجودة لعثرنا عليها مثلما بلغتنا مثلا خطب الامام علي في كتاب نهج البلاغة. 

والنبيء محمد قد خطب في الناس فيما يتعلق بالحياة السياسية وخاصة عند الحروب والمعارك وهذه وقائع نجد لها اثرا في كتب السيرة كما وثقها كتاب الله حول الامر الالهي للنبيء بتحريض المؤمنين للقتال كما ورد بسورتي البقرة و الانفال مثلا في الارهاصات الحربية التي سبقت معركة بدر.

وقد خطب النبيء في الناس في كل دعوة الى الصلاة جامعة لتدراس موضوع من مشمولات العمل بالشورى لذا يتجه التنويه الى الفرق بين  الخطب السياسية التي كان  النبيء يقوم بها بوصفه صاحب  الولاية الكبرى على امارة و رئاسة الدولة بيثرب و بين ما يسمى بالخطبتين ظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي ، فيما قد يكون النبيء قد قام بخطب تحت  الدعوة للصلاة جامعة بيثرب في ظهر اليوم السادس من الاسبوع  لممارسة الشورى بما ينتفي معه الخطاب من جانب واحد فقط فهذا يجافي العمل بالشورى.

 كانت مدينة يثرب واقعة تحت سيطرة الجو العام اليهودي فهي مدينة اليهود من قبل ان يقدم عليهم بنو قيلة من الاوس و الخزرج  و يزاحموهم في التوطن بها ورغم بقائهم على ما حملوه معهم من الحنفية الابراهمية والاسماعيلية، فإنهم قد وقعوا انتروبولوجيا تحت تأثير العادات والطقوس اليهودية، وسارت الحياة بيثرب على ذلك الايقاع. ولا يكون غريبا أن يكون يوم عروبة /الجمعة هو يوم اجتماع الناس بأسواق المدينة للتبضع مع اشتداد حركة التجارة بالبيع و الشراء، بحكم سيطرة اليهود بها على التجارة في اسواقها، وبالنظر الى ان اليوم السادس من الاسبوع هو اليوم الذي يبدأ اليهود في غروب شمسه طقوس السبت  الى غروب اليوم الموالي اذ يعتكفون في اطامهم وصياصيهم(بيوتهم وحصونهم ) وتنقطع  التجارة من اسواق يثرب  في اليوم السابع. وانطلاقا من  هذه العادة الاجتماعية التي فرضتها ضرورات العمران الانساني بيثرب فلا غرو ان يكون يوم عروبة / الجمعة هو موعد اشتداد التجارة ليكون موعد السوق الاسبوعي  بيثرب  قبل ان يسبت  اليهود من الغد ، فيكون هذا اليوم موعدا لقدوم البدو من خارج يثرب للتبضع و يرتاد اغلب اهل يثرب بين حراتها الثلاث و ووادي  القناة شمالا اسواق يثرب التي يسيطر عليها اليهود ، فيكون اليوم موعدا لاجتماع الناس بما يسمح بالدعوة للصلاة جامعة في ظهر اليوم اثر انصراف الناس عن الاسواق وقيام اليهود بالرجوع الى اطامهم و صياصيهم استعدادا لطقوس السبت ؛ مما جعل من الموعد ميقاتا لما تعوده الناس عند الضرورة و الحاجة للدعوة الى الصلاة الجامعة لممارسة الشورى والخوض وتدراس ما يواجه اهل صحيفة المدينة و امة الصحيفة مهما اختلفت مللهم في مجال امر الناس.   ومما بلغنا عن الاخباريين والرواة من خبر عن ابدال كعب بن لؤي احد اجداد النبيء لاسم اليوم من عروبة الى الجمعة يكون مقبولا بالنظر الى سيطرة التراث اليهودي على جزيرة العرب وخاصة ارض الحجاز و تهامة  لاجتماع الناس اسبوعيا للتبضع  قبل يوم السبت اين يسبت اليهود الذي كانوا مسيطرين على التجارة على كامل طريق البخور  الممتد من عدن و مأرب الى غزة و البلقاء مرورا بمكة و يثرب. فيما لا يخفى ان طقوس الخصب التي انحرف بها الدين الابراهيمي و ظهر الشرك معه كانت تقوم على تمجيد كوكب الزهرة /عشتار الذي يجعلون لها  اليوم السادس من الاسبوع (17) في حين يسبت اليهود في يوم زحل الموالي لخشيتهم من روحانية هذا اليوم عليهم ، وبذلك يتفق اليهود واعراب الحُمس(18) على  مكانة اليوم السادس من الاسبوع فتشتد حركة الاسواق و يجتمع الناس للتبضع … الصلاة جامعة حتى في ظهر اليوم السادس من الاسبوع : صلاة طقوسية بالعادة الاجتماعية والمهم في الامر انه لئن كان النبيء محمد(ع)  – بحكم ضرورات العمران الانساني  بيثرب – يدعو الى الصلاة جامعة، فإنه لا يفعل ذلك بحكم كونها عادة تتعلق بشعائر الايمان في الدين، بل بمحض دوره السياسي من أجل انتظام الدولة التي اقامها بدخول من دخل في حبال عهدها، وصار من امة اهل الصحيفة. وانه لما نحاول تدبر وتعقب الذكر الالهي المنزّل على النبيء في سورة الجمعة، فهي قد تكون حين يتقاطع وقت جمعة الناس بيثرب مع اشتداد البيع ظهرا قبل انصراف اليهود للاعتكاف لطقوس السبت مع الغروب. غير ان مضمون الاية 9 من سورة الجمعة لا يفيد تعلقها حصرا بصلاة الظهر من اليوم السادس من الاسبوع الذي يتسمى جمعة. والمعتبر في الامر ان هذه الصلاة الطقوسية التي درج عليها الناس لم تكن من الصلاة الشعائرية بل هي صلاة طقوسية لضرورات الاجتماع الانساني للتداول في مواضيع الشورى في مجال امر الناس بما تستلزمه من خطبة وشورى، وما يتحصحص معه القول انه لم يثبت تاريخيا ممارسة النبيء لصلاة شعائرية في ظهر اليوم السادس من الاسبوعي تكون من خطبتين وركعتين عوضا عن صلاة الظهر المكتوبة على ملة المؤمنين . اما بعد وفاة وموت النبيء(ع)، فقد استهل ابو بكر عهده بخطبة البيعة بالمسجد كما بلغنا ذلك من الاخباريين والرواة . ولكنني لم اعثر على خطب لأبي بكر الصديق بعدد الاسابيع التي قضاها في فترة امارته للناس بالمدينة. غير ان كتاب نهج البلاغة يشير الى خطب الامام علي. ولم اعثر على خطب لابي بكر على انها من خطب صلاة ظهر اليوم السادس المسمى بالجمعة في كتاب السيوطي “تاريخ الخلفاء” (19). وانه لو كانت لأبي بكر “خطبُ جمعة” لما تركها السيوطي ولاستشهد بما ورد فيها. كما انني لم اعثر على ما ابحث عنه في  “تاريخ الطبري” ايضا. وقد اطمئن قلبي الى عدم مواصلة البحث العبثي  في بقية تلاميد الاخبار من التراث لما تذكرت ان ابا بكر قد جهز في فترته احدى عشر جيشا ارسلها في اقليم الدولة لحرب من عارضوا بيعته وهي حروب مانعي الزكاة بما يجعل المدينة مفرغة من الرجال الذي قد يحضرون لطقوس صلاة اليوم السادس من الاسبوع فيما اورد السيوطي خطبتين لأبي بكر بدون أن يقرنها بصلاة اليوم السادس من الاسبوع. اما في زمن عمر، وبعد خطبة البيعة بالمسجد، ذكر السيوطي ان لعمر خطبة مرجعه من الحج. وقد اوردها في باب ذكر اخبار ابي بكر. في حين اورد خطبة قرنها على ما ذكره الراوي عمرو بن الحارث مما اخرجه ابو نعيم في “الدلائل” عن قصة سارية الجبل ــــ التي لا تقبل عقلا ـــ لمّا كان عمر يخطب الجمعة على حد ما رواه الراوي. غير اني لم اعثر له على خطب تقترن بصلاة الجمعة بمثل عدد خطب الامام علي التي نجدها في كتاب نهج البلاغة والتي لم تقترن بخطب ما يسمى بصلاة يوم الجمعة . واما في عهد عثمان، فلم يورد السيوطي له خطبة يقرنها بصلاة يوم الجمعة، لكن كاتب  تلمود البخاري قد اورد خبرا مفاده : حدثنا محمد بن مقاتل،قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا يونس عن الزهري قال: سمعت السائب بن يزيديقول: إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك. ومما يتجه التنويه به في تمحيص هذا الخبر ان من رواه من الاعراب لكونه لا يفرق بين الاذان للحج و النداء للصلاة مما يوهن المروية في متنها خاصة وانه لم يعثر على خطب لعثمان مقترنة بموعد الصلاة في ظهر يوم الجمعة مما يوهن ويشكك في القول بممارسة الخلفاء الثلاثة الاول لطقوس الصلاة الجامعة في اليوم السادس من الاسبوع. اما بعد بيعة الامام علي وبالنظر لما حصل من احداث بالمدينة و باقليم الدولة الترابي  فانني لم اعثر على خطب الامام مقترنة بكونها خطب صلاة الجمعة رغم بلوغ العديد من الخطب للامام علي .كما هي عليه في كتاب نهج البلاغة  ؛ انما هي خطب في العلم و السياسة ولعله في هذه الفترة التي تقابلت فيها فئتان  من ملة المؤمنين من امة دولة النبوءة بالمدينة قد دعت الحاجة الى اعتماد الخطب في جلب الانصار و الاشياع و الجموع و الى استعمال الخطابة فيهم  في هذه المسائل السياسية ؛ وقد يبدو ان معاوية قد عمد الى اتباع الخطابة من فوق منبر مسجد دمشق تحت قميص عثمان  لشد اهل الشام اليه و الفارين له من غلمة قريش اليه من مكة . “صلاة يوم الجمعة “في المرويات : سنّة من ؟! لما نقوم باستقراء المرويات عن صلاة يوم الجمعة في التلمود المنسوب للبخاري فيتضح من خلال احصاء المرويات أن : ـ 22مروية عن التطهر و الاغتسال و السواك و الطيب في يوم “الجمعة ” 
ـ 5مرويات عن الترغيب و الترهيب  ـ 5مرويات عن التوقيت  ـ صلاة ركعتين والنبيء يخطب  ـ 3 مرويات عن المنبر  ـ 5عن” التاذين ” ـ 1 مروية في فضل يوم “الجمعة ” ـ 1 في يوم “الجمعة” لملة المؤمنين 
واما المرويات التي نسبت قيام النبئ بصلاة الجمعة ظهرا فهي ثمانية منها ما تعلق بالاذان و بالدعاء و الاستسقاء وامر النبي(ع)  لمن لحق بالناس وهو يخطب بان يصلي و النبيء يخطب. واهم ما يستشف ان اليوم المسمى الجمعة لكونه يوم اجتماع الناس مكانة في اجتماعهم بحكم العرف و العادة  ولعل ذلك ما جعل النبيء محمد ينتهز مناسبة هذا الاجتماع باسواق يثرب ليخطب في الناس  في باب الصلاة جامعة ، لذلك كثرت المرويات التي تهتم بالتشديد على نظافة الناس القادمين الى المسجد من انحاء يثرب وما حولها. ومما يلاحظ ان هناك مرويتين تذكران ان عمر بن الخطاب كان يخطب الجمعة صراحة، في حين ان المرويات الثمانية التي اشارت لخطبة النبيء (ع) يوم الجمعة لم تتعرض لذلك بصفة مباشرة بل بصفة غير مباشرة؛ مما يستنتج معه قيام النبيء (ع) بالخطبة ظهر يوم الجمعة. ولا يفوتنا بدعة عمر بن الخطاب لصلاة التراويح(20)؛ فلعله من استنّ سنة الموعد الاسبوعي  لخطبة ظهر يوم الجمعة بعد انفضاض الناس من الاسواق يوم اجتماع الناس بيثرب؟
ومن الملفت للنظر ان جميع المرويات في  التلمود المنسوب للبخاري في باب صلاة الجمعة لم تتعرض اي منها للامام علي، بينما تم التعرض لما يفعله معاوية ابن ابي سفيان عند سماع النداء وهو على المنبر،  فيما كانت المروية التي تتعرض لبيان “فضل “يوم الجمعة وكونه اليوم السادس من الاسبوع مخصوصا لملة المؤمنين فهي تظهر عند من اختلقها مماراة منه  لعظات الرهبان المسيحيين ولمكانة  اجتماعهم صبيحة يوم الاحد لسماع عظة القسيس و الصلاة ؛ في حين وردت مرويةٌ غريبة جدا تدعو للتندر فقط وهي تتعلق بالرواح للجمعة بعد الغسل بالساعات وعن تقريب البدنة و البقرة انتهاء بالبيضة لمن تأخر وهو ما لا يتصور ان يحدث به النبيء الناس لما في القول المنسوب للنبيء من تفاهة وترديد مثل هذه المرويات التي تدعو فقط للتندر فيها مس من اعتبار النبيء الذي علّمه الله الحكمة  . اما مرويات الترغيب والترهيب ومعها مروية ضرورة الالتزام بالإنصات بدون أن ينبس المرء  ولو ببنت شفة حتى القول لصاحبه والامام يخطب انصت لأنه – حسب من روى المروية – فهذا لغو، وان من لغى فلا جمعة له.  فهذه المرويات توحي برغبة من اختلقها بضرورة ان ياتي الناس لسماع العظة فقط  من الامير /الامام  وهو يخطب من فوق المنبرــــ دون ادنى حق في الاستفسار او النقاش او الجدل معه فيما يبثه فيهم من خطاب ــــ لما فيه من تمثل بخلافته للنبيء (ع) من اجل استحضار قداسة المنبر الذي وقع توثينه بما أهالوه عليه من قداسة مصطنعة تمتد لمن يعتليه ليروج ما في عظته من خطاب سياسي. وتثار التساؤلات الآتية: لماذا لم تكن الصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس في الاسبوع تماثل صلاة العيدين وعلى انها صلاة جامعة ؟ ولماذا يقع تسبيق الخطبة عن الركعتين ؟ وهل حقا كان النبيء(ع)  يقوم بتعويض الاربع ركعات للصلاة الموقوتة ظهرا بركعتين فقط و خطبتين ؟ أنْ تلي الخطبة صلاة الفجر والصبج في العيدين فمعناه أن الخطبة تكون مستقلة عن الصلاة وهي مناسبة اجتماعية يقع التعاطي معها بخطبة في شكل عظة نبوية فتسبق الركعتان الخطبة. وأن تكون الصلاة جامعة للتداول والخوض في مجال ما يتعلق بالشورى بتسبيق الركعتين على الخطبة فمفاده ايضا  أن هذا امر عادي لكون الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و البغي قبل الشروع في خطبة لاصلاة جامعة لممارسة الشورى  . لكن لما تسبق الخطبة اداء الركعتين، فهذا ما يثير بعض الحيرة المعرفية؛ خاصة بعد الاطلاع على ما ورد في تلمود البخاري من وجود مرويتين عن امر النبيء (ع)  لمن دخل المسجد وهو يخطب ان صلى الركعتين او لا ولما اخبر الرجل النبيء بانه لم يصل الركعتين فقد امره النبيء  بأن يصليها؛ مما يوحي بأنه قد يكون اختلط على الرواي او المحدث ان الامر يتعلق بالنبيء (ع)  وهو يخطب في صلاة العيدين او انه ان صدقت المروية فان المقصود فهي الصلاة جامعة و التي تسبق فيها الركعتان الخطبة. ولعل من جعل من صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع موعدا اسبوعيا لإلقاء عظة في شكل خطاب سياسي بدون ممارسة الشورى؛ ومن شدة خشيته من انفضاض الناس حوله  بما يتفوه به و يزعج به من يخطب فيهم ، فإنه وقع التشديد على وجوبية حضور خطبة هذه الصلاة الجامعة من الجماعة. ولعل ذلك قد بدا بعد عام الجماعة مع كثرة المرويات على التشديد على عدم الخروج عن الجماعة سواء بالترغيب أو بالترهيب حتى اعتبروا أن ما ورد في الاية 11 من سورة الجمعة يتعلق بالانفضاض عن الامام /الامير وهو قائم – بمعنى واقف- يخطب في الناس، والحال ان معنى “قائم” يفيد القيام بالصلاة الموقوتة المكتوبة كما سلف بينه سابقا بان من ينفض عن الامام /الامير قد خرج عن الجماعة بمعنى قد خرج عن الملة . وقد بلغنا في اخبار التاريخ عن اقدام مروان بن الحكم بتقديم الخطبة في صلاة العيدين ولما اعتذر عن ذلك برر ما اقدم عليه بخشيته من انفضاض الناس عنه وهو يخطب اذا جعل الخطبة في العدي لاحقة عن الصلاة . ولا يخفى على المطلعين على الفترة التاريخية لفترة ما يسمى بالخلافة الراشدة ان عمر بن الخطاب قد ابتدع صلاة التروايح؛ ليشغل الناس عن التعاطي في الشأن السياسي في ليالي شهر الصيام: فهل هو من ابتدع صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع ام هل ان من ابتدعها قد كان معاوية اثناء صراعه في زمن الحرب الاهلية مع الامام علي ثم تكرست هذه العادة الطقوسية مع بداية ما يسمى بعام الجماعة ؟لم يذكر أحدٌ – حسب علمنا – من كان يقوم بالصلاة الطقوسية لظهر اليوم السادس في الاسبوع من بين الخلفاء الراشدين الا عمر بن الخطاب، -في حين تم التعرض للأذان وهم يقصدون النداء في زمن عثمان – والذي وعلى ما يروى عنه في تلاميد التراث- قد قال له النبيء (ع) :” أ متكوهن يا عمر ؟” (21) من استن “صلاة يوم الجمعة ” بالعادة :عمر ام معاوية ؟ ولما نستقرئ جميع ما روي وما بلغنا عن الخطب التي ألقاها عمر بن الخطاب، فإن العثور على خطب الجمعة من بينها لم يرد الا في مناسبة او مناسبتين فيما تتكرر عبارة الصلاة جامعة بعد النداء والأذان لها وانتظار عمر الناس إلى ان يمتلأ المسجد ليخطب فيهم، ولعل بعض المحدثين-مع افتراض حسن النية فيهم – قد خلطوا بين الصلاة جامعة وبين صلاة ظهر يوم عروبة المسمى بيوم الجمعة. واما عادة اجتماع الناس بيثرب في اليوم السادس من الاسبوع فهي عادة انتروبولوجية تعود الى زمن سيطرة التراث و العادات والاعراف اليهودية في يثرب بجعل السوق الاسبوعي في يوم عروبة الذي اصبح يسمى الجمعة  قبل ان يسبتوا؛ لذلك يسمى اليوم بالجمعة لاجتماع الناس فيه بالسوق لحاجة التبضع والذي يقع فيه اثر انفضاض السوق ظهرا مع ميل الشمس عند الزوال موعدا لاقامة الصلاة جامعة، والتي قد تحرفت واصبحت صلاة يوم الجمعة بالعادة، وهذا مرجح بدليل أنه لم يثبت انتظامها في زمن الخلفاء الراشدين؛ لأنه لو كان الامر كذلك لما بلغنا هذا العدد اليسير من خطب عمر بن الخطاب ، في حين لم تصلنا خطب النبيء عن صلاة يوم الجمعة كما لم تبلغنا  بعض خطب النبيء في عادة الصلاة جامعة بانتهازه وجود الناس في يوم عروبة/الجمعة للاجتماع للسوق واقامة هذه الصلاة اثر انفضاض السوق ظهرا مع ميل الشمس. ويمكن القول  إن اقامة عمر بن الخطاب الصلاة جامعة – ولو بانتهاز يوم السوق الجمعة اثر انفضاض السوق ظهرا لاقامة الصلاة الجامعة – من باب العمل بالشورى: فهي لئن كانت بالمسجد فإنها لا تعدو ان تكون إلا ممارسة للعمل السياسي -خاصة وقد سار الفقهاء على شرط اقامة هذه الصلاة بالامصار فقط – حتى لو سبقتها الركعتان، وكانت بها خطبة سياسية تهتم بامر الناس وهي لا تعدو الا ان تكون ايضا صلاة نافلة، باعتبار ان  غاية اقامة  الصلاة جامعة انما هو استهلال ممارسة الشورى بصلاة ركعتين لمباركة هذا الفعل . وانه عند إحصاء ما بلغنا من خطب عمر بن الخطاب واستقراءها نجد أنها تقارب 33 خطبة منها 23 خطبة سياسية و 8 وعظية و 2 فقط وعظية سياسية، فيما ورد عن مناسبة الخطب أن منها اثنتين قد اقترنتا  بعبارة صلاة يوم الجمعة واثنتين قد اقترنتا بالصلاة جامعة.  بيْدَ انه لما نتفحص مواضيع الخطب نجدها انها من قبيل خطب الصلاة جامعة؛ لتعلقها بالشأن السياسي في مجال امر الناس. وهي خطب امير وليست خطب واعظ او فقيه؛ بما يجعلنا نستنتج انها جميعها من باب خطب الصلاة جامعة. وحتى بالنسبة للخطبتين اللتين اقترنت الرواية فيها بانها صلاة الجمعة، فهي تشير بالنظر الى موضوعها الى انها من نوع خطب الصلاة جامعة حتى ولو كانت في يوم السادس من الاسبوع ظهرا اذ ان انتهاز اجتماع الناس للصلاة ظهرا في يوم عروبة/الجمعة لا يفيد الا انها عادة الصلاة جامعة اثر انفضاض السوق. واما خطب الامام علي، فقد تم توثيقها في كتاب نهج البلاغة وترواحت بين الخطب السياسية والوعظية والمعرفية، والتي – باستقرائها والوقوف عند خصائصها البيانية والبلاغية – توحي بأنها كانت سلاحا ّفتّاكا قد استعمله الامام علي في مقارعة ثورة الارستقراطية القرشية(طبقة تجار قريش التي كانت تسيطر على التجارة بحبال ايلاف قريش على طريق البخور الممتد من مأرب الى غزة ) التي تمردت على بيعة الجماهير الغاضبة على حكومة غلمة (فتيان من قرابات الخليفة عثمان  ) قريش زمن عثمان، ولعل معاوية لم يجد في مواجهة هذا الاكتساح المعرفي للامام علي (على مستوى الخطاب السياسي زمن الحرب الاهلية بعد توثينه لقميص العثمان وجعله قميصا للمبكى مثل حائط البراق في مبكى اليهود على الحائط الغربي من هيكل هرودوت الادومي بأرض ايلياء) أقول: لم يجد معاوية الا “فرض” الحضور للصلاة جامعة على ما تحت يده من ولاية الشام واستحضار “القداسة ” المستعارة من منبر النبيء(ع) بمجرد الصعود على المنبر للخطابة في ظهر اليوم السادس من الاسبوع، والحال ان مدينة دمشق في ذلك العصر ـــــ  لم تكن قبل سيطرة دولة النبيء(ع) العربية على ارض الشام بعد تحريرها من الاستعمار البيزنطي ـــــ مدينة ذات حضور يهودي ضارب في التاريخ ولم تكن ايقاعات الحياة فيها مضمخة بالعادات والاعراف اليهودية مثلما  بقيت رواسبها في يثرب: من انتظام السوق، واشتداد البيع والشراء فيه يوما قبل دخول اليهود في طقوس السبت عند غروب اليوم السادس من الاسبوع اليهودي . لم يكن غريبا على معاوية وهو طليق ابن طليق (22) قد تمرس بلعبة الكهنوت الحُمسي، ان يحسن  التخفي بالمقدس للتمعش من المدنس، ولم يكن توثين(23) المنبر بالمسجد في استحضار قداسة النبيء بالزعم بالسير على سنته من الداهية معاوية بأنّ من يصعد على المنبر خطيبا في الناس على انه خليفة للنبيء (ع) قبل استشراء مفهوم الجبرية من ثنايا مخادعة مقولة “الحاكمية لله ” لتمرير وهم ان من يصعد من الامراء /الائمة على المنبر “خليفة لله في الارض” في استحضار  لزعم ملوك سومر واكاد ومن سار على دربهم؛ لكونهم  “ابناء الرب ” انكي و يحكمون باسمه. الاقتداء بالنبيء (ع)  في جعل يوم صلاة الجماعة مع يوم الجمعة: أي يوم اجتماع الناس في السوق لا يكون بجعل اليوم السادس من الاسبوع؛ باعتبار ان النبيء محمد (ع) قد وجد تلك العادة التي سبقته بيثرب ، وهي من اعراف الناس، ولم يسع لتغييرها انما اكتفى بمسايرة الاعراف التي دأب الناس عليها   مع جعل صلاة الجامعة الاسبوعية في نفس اليوم، وقد جعلها النبيء محمد في يوم اجتماع الناس في السوق لتدارس امر الناس بالشورى، اما  “الاقتداء المزعوم من معاوية فهو يدل على فهم سقيم للاية 9 من سورة الجمعة، علاوة على سوء فهم لما مارسه النبيء(ع)  من النداء للصلاة الجامعة اثر انفضاض السوق بيثرب، وهي ممارسة تستجدي استحضار القداسة فقط لإيهام الناس بالاقتداء بالسنّة انطلاقا من محاكاة تقليد المسيحيين وفي مماراة لهم بجعل طقوس صلاة الجماعة –  التي هي في الاصل للشورى – على شكل عظة صباح يوم الاحد عند المسيحيين الذي يجتمعون فيه لكونه يوم رب الشمس الساطعة وذلك من فرط التأثير الميثرائي الحراني  الذي قام بولس الطرسوسي(24) بتسريبه ، واستغلال الصعود على المنبر من اجل بث خطاب ديني ظاهريا وسياسوي حقيقة. التخفي بالمقدس ! ولا نغفل تاريخيا على ان  ممارسة استجداء المقدس من اجل المدنس قد مارسها معاوية منذ ان هرب اليه غلمة قريش بقميص عثمان فعلّقه على المنبر واقام له بكائيات، مع ما يتخللها من خطب سياسية دعائية لتوظيفها في المجهود الحربي مع الزعم بكفر الامام علي، إلى درجة جعلت اهل الشام – الذين كانوا تحت سلطة معاوية لما بلغهم خبر استشهاد الامام علي بالمسجد – قد تساءلوا : هل كان الامام علي يصلي بالمسجد وهو كافر؟ كما اخبرهم معاوية وهو على المنبر . ولم يكن غريبا على اهل مكة  اتقان اسلوب التواصل مع الناس بالخطابات الرنّانة؛ اذ ان قيمة الخطاب امر معلوم لهم من اسواق عكاظ، لذلك لم يفوّت الطليق معاوية الفرصة ليحتكر المنبر مع اظهار ان الماسك بالمنبر هو صاحب  السيادة على ما تحت يده  حتى اصبحت العادة والسنة تقتضي ان تقع الدعوة للسلاطين الملوك من فوق المنابر في اشهار ولاء المدن والقرى للسلاطين كمظهر من مظاهر السيادة . وانطلاقا من سوء الفهم لما ورد في الاية 9 من سورة الجمعة،  ولِما تراكن عليه اهل مكة من زمن كعب بن لؤي الذي ابدل اسم عروبة لليوم السادس من الاسبوع اليهودي بيوم الجمعة، فقد فهموا الاية 9 بأنها تعني صلاة يوم الجمعة وليست الصلاة من يوم الجمعة، واستغل معاوية سلطة المنبر؛ لينشر خطابه السياسي من فوق المنبر في استحضار للقداسة النبوية المحمدية واستعارة لها  إلى درجة جعلت ابا هريرة -الذي عمل راويا تحت الطلب – قد اسعفه بمروية على وجوب فرض هذه الصلاة على المسلمين بما ورد في تلمود البخاري. فقد ورد في تلمود البخاري ما يأتي” حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنا أبو الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج مولى ربيعة بن الحارث حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله (ع) يقول :« نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد» . وحتى لو سلمنا – جدلا  وافتراضا – بصحة هذه المروية المتهافتة والمهتزة في المتن فهي تتعلق بيوم الجمعة؛ كيوم يجتمع فيه الناس للتسوق والتجارة على العادات والاعراف الحجازية التي وجدها النبيء(ع)   بيثرب فيما غاب عن مختلق المروية ان اختيار المسيحيين ليوم الاحد- ولئن ظهر ان له علاقة بما يتردد من تفسير سطحي فهو  قد كان لمجرد مخالفة المسيحيين لليهود فقط – فهو امر لا يتعلق بذلك بحكم الهي تنزل على النبيء عيسى و بلغ العلم به الى النبيء محمد مما تنزل عليه من وحي  بل كان هذا الاختيار من الكنيسة الكهنوتية المسيحية  يتعلق برواسب المثرائية الحرانية التي تتبع الدين الفلكي المجوسي الذي يعطي ليوم الاحد مكانة كبيرة؛ لأنه يوم الشمس، والحال ان يوم الجمعة هو يوم الزهرة، واما يوم السبت فهو يوم زحل؛ لذلك يسبت فيه اليهود عن العمل والتجارة لأنهم يعتبرونه يوم نحس، بينما تشتد تجارتهم في يوم الزهرة قبل الزوال. وما لا يتصور أن يقوله النبيء(ع) ان يكون لقوله مرجعية من كهنوت ديانة العُزّى – التي هي عشتار رمز كوكب الزهرة – بما يفيد ان من اختلق المروية قد غابت عنه هذه المسالة أو انه اراد  التلبيس على الناس باختلاق هذه المروية، مع استغلاله لعادة اقامة النبيء (ع)  للصلاة جامعة ظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي اثر انفضاض السوق بيثرب. اما القول بأن هذه المروية هي حكم فرض صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع، فهذا قول فيه خيال مفرط؛ لأن المروية على حالها لا تشير الى هذه الصلاة الطقوسية على شكل عظة مسيحية مثل عظة القسيس يوم الاحد. وان ثبت ان النبيء قد كان يدعو الناس اليها في ذلك التوقيت، فهي لم تكن الا صلاة جامعة لانتهاز فرصة اجتماع الناس بيثرب لتلاوة ما تنزل على قلب النبيء من ذكر الهي بالوحي والتداول في امر الناس شورى بينهم : هذه هي السنة النبوية، وليست إلقاء خطبة كهنوتية سياسوية ، كما يفعل خطباء العظات من  هامانات  (25) السلاطين. “صلاة يوم الجمعة “:سنة معاوية ! أما مسألة تقديم الخطبة على الصلاة نافلة بركعتين، فهي لم تكن من سنّة النبيء (ع)  كما هي سنته في صلاة العيدين: أي أن تكون الصلاة جامعة ، فهي مسألة لم ترد فيها اي مرويات حتى في تلمود البخاري ، انما وردت مروية عن  الذي يقوم به الامام عند سماع النداء على سنة معاوية؛ اذ ورد في تلمود البخاري : حدثنا محمد بن مقاتل « قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن قال الله أكبر الله أكبر قال معاوية الله أكبر الله أكبر قال أشهد أن لا إله إلا الله، فقال معاوية: وأنا فقال أشهد أن محمدا رسول الله، فقال معاوية: وأنا فلما. أن قضى التأذين، قال: يا أيها الناس، إني سمعت رسول الله (ع)  على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم مني من مقالتي ». فهذه المروية تشير الى سُنة معاوية وليس إلى سنة النبيء (ع)  في ممارسة طقوس الصلاة جامعة. وهي تشير الى ان سنة تقديم الخطبة على الصلاة هي من بدعة معاوية ، اذ ان النداء يكون للصلاة الموقوتة ثم تليها الخطبة كما في صلاة العيدين، فالصلاة جامعة هي من الصلوات الطقوسية  التي لها مناسبات اجتماعية وانتروبولجية  بأن تبدا الصلاة بركعتين ثم تليها الخطبة، مثلما يستشف و يستنتج  مما ورد في تلمود البخاري « حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابرا قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي (ع)  يخطب فقال : أ صليت ؟ قال: لا. قال: قم فصل ركعتين » . وهو ما يشير الى رجاحة القول بأسبقية اداء الركعتين على الخطبة اسوة بصلاة العيدين؛ اذ ان علة الخطبة هي  بسط  الموضوع الذي اجتمع الناس من اجله، وليس إلقاء خطاب مثل عظة المسيحيين ومع جعل كل من ينبس ببنت شفة قد لغى، كأنّ اللغو اثم او ذنب أو جريرة أو أن الصلاة تفسد باللغو مثلما ورد في تلمود البخاري :« حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله (ع)  قال: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت». ومما يثير التندر في هذه المروية ان صاحبها يريد الصمت التام في المسجد  مثل سكون قداسات المسيحيين تقريبا، غير انه لو تذكرنا ما بلغنا من أخبار التاريخ عن خطب بني امية -التي كانت تقام لسب و شتم ابي تراب الامام علي، والكثير من المأمومين لا يعرفون من هو بالضبط، . لقد بالغوا في تجريم اللغو إذ يكون حتى بمجرد قولك لصاحبك: أنصت، فاظهروه جريرة كبرى، في حين ان الظلم والبغي والعدوان من فوق المنبر لا يعتبر كذلك،الى ان  قطعها عمر بن عبد العزيز في عهده  وابدل “ترنيمة ” السب والشتم في الامام علي من فوق المنابر بتلاوة اية “إن الله يأمر بالعدل والإحسانوإيتاء ذي القربىوينهى عن الفحشاء والمنكروالبغي يعظكم لعلكم تذكرون“. اللغو في القران ؟ ولولا اللغو في القران و الذي هو اشد حسب كتاب الله من مجرد اللغو في سماع الخطاب الكهنوتي السياسوي للسلطان المستبد الذي حاز السلطة و الامارة على الناس بقوة الشوكة . اذ انه لولا اللغو في اللسان العربي المبين الذي نزل به القران لما قيل ان الصلاة الجامعة لظهر اليوم السادس من الاسبوع هي صلاة الجمعة . لا لغو الا اللغو في القرآن الكريم. وهو اشد – حسب كتاب الله – من مجرد اللغو في سماع الخطب الكهنوتية السياسوية للسلطان المستبد الذي حاز السلطة و الامارة على الناس بقوة الشوكة؛  فانه لما قيل ان الصلاة جامعة لظهر اليوم السادس من الاسبوع هي الصلاة من يوم الجمعة؛ فقد كان ذلك تأويلا مجانبا للسان العربي و الحال أن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، ولا يلغو فيه الا الكافرون؛ فلا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة  اللغو في القرآن بالمحادثة الجانبية ؛ ويلزم من ذلك عدم تأثيم من يقول لصاحبه انصت والامام يخطب، والتي اختلق لها بنو امية طقوسا ومراسيم تشابه عظة صباح يوم الاحد عند المسيحيين لغايات سياسوية رخيصة غايتها تثبيت سلطان المستبدين بعد اخراج سنّة هذه الصلاة الجامعة عن مدارها ومجالها الحقيقي وهو ممارسة الشورى، وجعلها خطابا من جانب واحد مع استحضار واستعارة – ولو باستحياء في الفترة الاولى لابتداع هذه البدعة – لمقولة الحاكمية لله والتي سادت في العهد الاموي مضمّخة بمعاني القول بالجبرية، مع جبر الناس على حضور الصلاة. وقد جعلها الامويون معيارا للدخول في الجماعة او الخروج عنها، وبالتالي الخروج على الحاكم بما يجعله مستباح الدم والعرض والمال، ولو بدون وصفه بالردة، ( كما حصل في خلافة ابي بكر؛ عندما اعتبر من منعوا إشرافه على جمع مال الزكاة وصرفه على ابوابه الثمانية ردة تعادل الخروج عن دين الاسلام تبيح له قتالهم و غزوهم و غنم اموالهم وسبي نسائهم واسترقاق ذراريهم ).  والملاحظ لما حوته تلاميد الاخبار المسماة بالصحاح في باب صلاة الجماعة،  يقف على تشدد كبير في صلاة الجماعة، مع وجود مرويات الترهيب على  تركها والترغيب على حضورها، ومع التشديد في اقامتها جماعة، وفضل ذلك، وما قيل في مضاعفة الأجر، والدرجات التي تكون للإنسان في حضورها،  فيما تعرضت بقية المرويات تقريبا لتأكيد نيابة ابي بكر للنبيء(ع)  في اقامة الصلاة جماعة من باب تبرير زلزال السقيفة الملعونة ، دون اغفال التعرض لبعض المرويات على لسان  ابن عباس؛ اذ ان تدوين مرويات الاخبار قد كان في زمن العباسيين، فيما وردت في باب كتاب صلاة الجمعة – بعد الزعم بفرضها ووجوبها- الاشارة الى حالات الترخص منها، والا فعلى الجميع ان يحضرها حتى يسمع خطابا سياسيا في شكل عظة من فوق المنبر من خطيب ندبه الامير للناس وليختم الخطبة والدعاء بالدعوة لذلك الامير، اعلانا عن سيادة ذلك الامير على الجهة. ولعل وجود مروية وجوب الصمت التام، وما قيل عن وجوب وفرض صلاة الجمعة جماعة الا لمن له رخصة مما يدل على نفور الناس من خطب الامراء  الذين قدموا الخطبة على الركعتين في الصلاة الجامعة كما ورد ذلك عن مروان  الذي فعلها في صلاة العيد  ثم قيل انه اعتذر وبرر ما فعله بان الناس لا تبقى لسماع خطبته هو ما يفسر خروج صلاة ظهر اليوم السادس من الاسبوع، وهي صلاة جامعة للشورى اساسا تبدا بركعتين نافلة ثم تليها الخطبة التي كان النبيء يستهلها ب:”يا ايها الناس اشيروا عليّ” لتكون خطبة للشورى؛ فان جعلها خطابا على شاكلة عظة القساوسة ينفّر الناس منها ، الامر الذي جعل صناع المرويات يختلقون مروية مكيفة على ما نزل في الاية 11 من سورة الجمعة  من قدوم لطيمة فانفض الناس عن النبيء(ع)   وتركوه يخطب قائما، للتشديد على وجوب الاستماع كرها لخطبة الامراء او خطباء الأمراء. لماذا تخالف صلاة يوم الجمعة صلاة العيد رغم الاشتراك في العادة المناسبتية ؟ وباستقراء المرويات في تلمود البخاري، فإن طقوس تقديم الخطبة في الجامعة ظهر اليوم السادس من الاسبوع – الذي تراكن الناس على تسميته بيوم الجمعة – فإنه لا يقع الوقوف على وجود مروية تسلم من القدح فيها بمعايير الوثوقية على ضرورة وجوب تقديم الخطبة على الصلاة جماعة بالمسجد ظهر اليوم.  وهذه السنّة في الصلاة جامعة ليس لها من اساس وهدف إلا ممارسة الشورى وليس سماع ما يريد الامير المستبد قوله للناس كرها، وهذه السنّة في الصلاة جامعة ليس لها من اساس وهدف إلا ممارسة الشورى وليس سماع ما يريد الامير المستبد قوله للناس كرها، وما عليهم الا السمع والطاعة فقط مع وجوب طاعة الأمير، ما دام يسهر على اقامة الصلاة الحركية في الناس، وهو ما يفسر ظهور النزعة الطقوسية وغياب النزعة الشعائرية للصلاة جماعة في الصلاة الجامعة التي افرغها بنو امية من مضمونها و نزعوا الغاية و الهدف من اقامتها بين الناس في الجمعة يوم اجتماعهم الاسبوعي بمناسبة نصب السوق. ومما يثير التساؤل حول ممارسات معاوية – التي اصبحت هي السنة الدائبة والدارجة لمن اقتدى بها بعده الى اليوم – هي استعارة قداسة النبي محمد (ع) وحصرها وتركيزها على المنبر  بداية من قيام معاوية بقلع منبر النبي(ع) وحمله اليه وقيامه بالحج على المنبر كما اورد كاتب تلمود البخاري ذلك، « من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية رضي الله عنهما عام حجّ على المنبر يقول : يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” : هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ». وبالتمعن فيما ورد في هذه المروية الخبرية عن ما فعله معاوية، يتضح انه قد اتخذ من المنبر سلطة دينية كهنوتية؛ لإدراج سنن اليهود في صوم يوم العاشر من شهر طيفت على روزنامة التقويم اليهودي سنة منسوبة للنبي (ع)  زورا وبهتانا بمجرد ترديد مروية من فوق المنبر الذي زاد معاوية من درجاته على ما كان عليه في عهد النبيء(ع) بما جعل من يرتقي على المنبر يمكنه الدس على الناس بالبدع -التي ما انزل الله بها من سلطان -على الناس ومن المنبر وقع التخفي والتمترس بالقداسة المتسعارة من مكانة النبيء (ع) لما كان يصعد عليه الى درجة أن اصرار معاوية على ارتقاء منبر النبي(ع)  وحمله اليه بدمشق ما هو الا محاولة منه؛ لإظهار سيادته على الأمة بالدولة مع الزعم بكونه خليفة لرسول الله، وأنه يكون – بالتالي- خليفة لله في الأرض قد سلطه الله على الناس ليسودهم ولو بالقوة والشوكة طالما أن معاوية قد تنكر لما تعهد به في عام إبرام الصلح مع الإمام حسن الذي تخلى له عن إمارة الناس وفق بنود ذلك الصلح.   وبالرغم من أن النبي محمد(ع)  قد سنّ هذه الصلاة الطقوسية المناسبتية لغاية العمل بالشورى فإن الأمر من بعده وخاصة في العصر الاموي بداية من معاوية قد كان ضد الغاية التي استنت من أجلها الصلاة الجامعة في يوم جمعة الناس للتسوق بيثرب، وأفرغت هذه الصلاة الطقوسية من محتواها، ليقع ابدال وظيفتها: فبدل ممارسة الشورى فيها فقد أصبحت طقوسا لتكريس فكرة الحاكمية بالزعم بأن الامير /الامام ما هو إلا خليفة الله في الأرض بعد اللغو في القرآن بالإسقاطات المفاهمية والتاريخية بالاستشهاد على الايات التي وردت بها لفظ استخلاف على أنها تدل على منصب الخليفة كما ابتدع ذلك أبوبكر بعد السقيفة الملعونة، بأن تسمى بخليفة رسول الله والحال أنه خليفة بمعنى نائب صاحب الولاية الكبرى على امر الدولة بيثرب فقط ان اتم شروط البيعة المتلازمة بالشورى مثلما بلغ النبيء لذلك المنصب من مقام انه محمد بن عبد الله الإنسان بالبيعة  وليس لكونه النبيء الرسول. وما لا يفوتنا الإشارة اليه هو خروج طقوس صلاة الجمعة – كما درج الامر عليه من زمن الامويين-بأنها لا تعتبر درسا في الفقه؛ لأن الدرس يفترض ان يتلقي  المدرس للأسئلة من طلبة العلم عنده، انما هي خطاب من جانب واحد تكثر فيه تعضية – أي بتر- آيات كتاب الله وسرد المرويات وحكايا الزخرف عن النبي (ع)  لغايات ديماغوجوية سياسوية صرفة مع اللغو في اللسان العربي المبين و تحميل بعض الايات من الكتاب ما  لا تحتمله من المعاني بما يكون معه تحريف الكلم عن مواضعه فيما وقع طمس الشورى و الاستعاضة عنها “بشورى الكهنة ” التي تقتصر على الاستشارة بسماع الأمير لرأي البطانة من حوله، ثم اتخاذ القرارت التي تخدم مصالحه مع الترويج لذلك عبر “القداسة ” المستعارة للمنبر. السيطرة على المنبر ظهر اليوم السادس من الاسبوع :من مظاهر سيادة الامير ومما درج بين الناس أنّ المتحكم في المنبر هو المتحكم في أفكار الناس بما يقع بثه من فوق المنبر مع إيهام الناس المأمومين ب”قداسة “من يرتقي على  المنبر. ولئن بقي تعظيم مكانة الصلاة الطقوسية لليوم السادس من الأسبوع، وجعلها فرضا واجبا في مجال طائفة الجماعة والسُّنة، وسايرهم في ذلك المُحكِّمة الخوارج من الإباضية فإن الطائفة الشيعية لا تعتبرها فرضا واجبا بل خيارا فقط ؛ ففيما ذهب بعض المغالين منهم  إلى منعها بلفظة ” التحريم ” (26)، و يرى بعض الشيعة الإمامية أنها لا تكون الا مع ظهور الامام الغائب والا فهي صلاة طقوسية معطلة مثل تعطيلهم لفريضة الجهاد بالقتال . ويمكن القول بان بان طقوس ما تسمى بصلاة “يوم الجمعة” ليس هي الصلاة “من يوم الجمعة “المشار اليها في الاية 9 من سورة الجمعة فيما أن عادة الصلاة جامعة ولو وقع التراكن عليها في اليوم السادس من الاسبوع اليهودي بانها موعد للصلاة جامعة لممارسة الشورى، فقد انحرف بها السلاطين /الملوك المتسمين بالخلفاء زيفا ، لكونهم قد حازوا السلطة بغير بيعة متلازمة مع الشورى ؛انما حازوها بقوة الشوكة بما يستتبع ذلك  من بغي وعدوان ، و تعطيل لفريضة العمل بالشورى في امر الناس  لاانهم قد انحرفوا بهذه الصلاة الطقوسية من السنّة النبوية عن غرضها والهدف الذي استنه النبيء من اجلها لممارسة الشورى . وقد جعلوها خطبة سياسوية كهنوتية  لتابيد الاستبداد السياسي و الكهنوتي للملأ من القوم ، بجعلها عظة يمارون فيها عظة القسيس صبيحة يوم الاحد عند المسيحيين ؛ الامر الذي وقع معه افراغ طقس الصلاة جامعة من محتواه .و القول بان طقوس الصلاة المسماة بصلاة يوم الجمعة  هي الصلاة المقصودة في الاية 9 من سورة الجمعة ما هو الا محض لغو في القران لوجود الفرق البيّن و الجلي الواضح بين “الصلاة من يوم الجمعة” و “الصلاة يوم الجمعة ” الذي تراكن الناس على تسميته بهذا الاسم لما تعودوا على الاجتماع به فغلب الوصف على المسمى  ولكن القول  بان عادة الصلاة الطقوسية التي تكون من خطبتين وركعتين عوضا عن الصلاة الشعائرية الموقوتة في الظهيرة فهو لغو في القران  كما اخبرنا الله في الايات التالية  : “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) فصلت و يمكن القول  في الختام ان سنّة معاوية في العظة الكهنوتية  لإلقاء الخطبة مع صمت المأمومين التام و المطبق قد طمست سنّة النبيء في الصلاة جامعة بدون تقيد فيها بظهر اليوم السادس من الاسبوع اليهودي وقد تبارى فقهاء المذاهب في “تأثيث” سنة معاوية هذه بما قالوا انها “سنن”يكون في حكم المكروه عدم اتيانها  مع مغالاة  البعض فيها اذ  قال بعض الشافعية بان من يعطس وقت الخطبتين و يقول الحمد لله فقد بطللت خطبته  ورغم انفرادهم بذلك فهو قول يدعة فقط للتندر.  فيما تمسك المالكية بان تكون الخطبة باللسان ارامي الحجازي (العربية )والا سقطت عنهم الجمعة وخالفهم الاحناف في جوازها بغير ذلك اللسان ولو مع التمكن منه  ، اما الحنابلة فقد قالوا بعدم صجة الخطبة الا باللسان الارامي الحجازي ما يقم العجز من الخطيب على تعلمها واما الشافعية فاشترطوا هذا اللسان بين “العرب “ولم يشترطوه بين الاعاجم  . ولا يفوتنا الاشارة غلبة النزعة  الذكورية في فرض هذه الصلاة اذ اقتصر فرضها على الذكورفقط دون الاناث  كما قال الاحناف فيما اجاز  المالكية حضور الخطبة للمراة العجوز اما الحنابلة فقد اباحوها فقط لغير الحسناء اما الشافعية فقد جعلوا حضور الاناث في حكم المكروه على الانثى المشتهاة ولو كانت في ثياب رثة واباحوها للعجوز بشرط الخروج في ثياب رثة على ان لا تضع أي عطر كما ورد هذه التفصيلات في كتاب الفقه على المذاهب الاربعة في باب صلاة يوم الجمعة (26) و الله اعلم . 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش 1-    اللسان الارامي الحجازي : لسان اهل الحجاز الفصيح  الذي شاع في المنطقة مع الشعراء و التجار بعد توطن العدنانين ومعهم قريش القادمين من تهامة في بداية القرن الرابع الميلادي بمكة واستعادة بيت الله الحرام من خزاعة على يد قصي بن كلاب . وعروبة هذا اللسان هي صفة له بعد ان افصح واعرب في مقابل بقاء العجمة لبقية الالسن بتفاوت بينها في كامل منطقة البؤرة الحضارية التي تتكلم بالالسن الارامية و التي يسميها الانتربولوجيون من اوروبا  بالسامية تاثرا منهم بالكتاب المقدس 2-    حبال ايلاف قريش : هي اتفاقات تجارية وامنية  متعددة المستويات ابرمها الابناء الاربعة لقصي بن كلاب مع دول الروم و الفرس و الاحباش و المناذرة 3-    قصي بن كلاب : هو الجد الثالث للنبيء محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن قصي . 4-    روزنامه : مصطلح فارسي الاصل مكون  كلمتين نيروز و تعني اليوم الجديد للسنة  وروز تعني اليوم و ماهه تعني الشهر لحساب اليوم الجديد للسنة المسمى النيروز . 5-  يوليانية ميلادية : هي الروزنامة المعتمدة من الكنائس الشرقية التي ترفض روزنامة الكنائس الغربية وهي الروزنامة المنسوبة الى الامبراطور يولويس قيصر والتي انطلقت بعد عام اللخبطة في عام 46 قبل الميلاد بامرمنه . قد قطعت  مع اعتماد الرومان على التقويم المزدوج القمري الشمسي نهائيا و اتبعت فقط احصاء ايام الحول للسنة ب 365 فقط مع اسقاط كبس ربع اليوم على طريقة الاقباط .وهذه الروزنامة هي التي اعتمدها الراهب الارمني ديونسيس في السنة532 ميلادي ليقوم بتحويل التوريخ فيها الى الميلادي  الى ان تم تصويبها في سنة 1582 من البابا جريجوريوس باضافة 10 يوما لتلافي الفارق في الايام من الارباع حتى يعود الاعتدال الربيعي يوافق يوم 21 مارس (نام الناس الخميس 4 اكتوبر واستفاقوا الجمعة 15اكتوبر )واتباع كبس الارباع كل اربع سنوات باضافة يوم لشهر فيفري .وهي الروزنامة التي تزال متبعة من الكنائس الشرقية التي رفضت الروزنامة الغربية الجرجورية و الفارق قد اصبح 13 يوما بين الروزنامتين . 6-    يوم الاربعاء هو اليوم الذي تجعله الطائفة الايزيدية يوما مقدسا ويوما للراحة ويسبتون فيه عن العمل وفيه يوقدون الشموع و الفتائل المغموسة لتصورهم انه اليوم الذي تخثرت فيه الارض بعد خلقها في ستة ايام وكان نزول نزول طاووس ملك في “لالش” يوم الاربعاء .و الطائفة الايزيدية هي طائفية توحيدية و تقيم الصلاة في خمس اوقات وهي الفجر و الصبح و الظهر و العصر و المغرب و تتخذ الشمس قبلة الا في صلاة الظهر فيستقبلون لالش .وتتبع هذه الطائفة كتاب الجلوة ومصحف رش . 7-  كعب بن لؤي : هو الجد السابع للنبيء محمد  وهو كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان 8-  كفاتا : الطائر يكفت أي يسرع و يقبض عند الطيران وهي تقريبا نفس حركة الارض في سباحتها في فلك الشمس 9-  اعرابي : عربي صفة واعرابي فيها اعتداء على الفعل مثل اخوة واخوان وقد ورد بكتاب الله انما المؤمنون اخوة وورد ايضا لفظ  اخوة يوسف بينما ورد اخوان لوط لانه ليس منهم بالنسب و اخوان الشياطين وعموما فالعروبة في كتاب الله صفة و ليست اسما لاثنية بعينها و الاعرابي ليس البدوي كما اشاع السلف ذلك ويمكن القول ان الاعرابي هو المنتسب للعرب باللزاقة وان العربي هو الصريح من غير هجانة و الفصيح من غير عجمة لسان  لذلك ورد في كتاب الله ان القران قد نزل بلسان عربي مبين فيما يسّره الله للذكر بلسان قوم النبيء محمد من الحجازيين أي بلسان الحجازيين الارامي وهو احد الالسن الارامية 10- الاية : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ال عمران   11-  الاية : وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) الشورى 12– ملة الصابئة المندائنين :هي ملة توحيدية تعبد الله الحي العظيم ويبدأون تلاوة كتابهم  بالبسملة المندائية التي تؤكد على التوحيد فيما لا يقرنون فيها اسم أي نبيء مع اسماء الله ، ويتبعون  كتاب”الكنزاربا”(الكنز العظيم ) وكتاب شريعة يحي “دراشا اد يهيا”(دروس يحي ) وتمارس الصلاة :”البراخا ” بعد الاغتسال :”الرشاما” في اوقات ثلاثة : الصبح وهو من الفجر الى بزوغ الشمس و الظهر بجاية من استواء الشمس في السماء و العصر قبل الغروب و يتخذون الشمال القطبي قبلة لهم . وتخرج الزكاة :”زدقة “التي تكون سرية كما يمارسون  الصوم “صوما ” في ايام معينة في السنة . 13–الزرادشتيين  :يتبعون كتاب الافيستا او الابستاق  لزرادشت ويعبدون اهورا مازدا الها وحيدا و يؤدون الصلاة في خمس اوقات وهي الفجر ،الظهر ، العصر ، المغرب و الليل . و يؤدون الزكاة كما لهم البسملة التي يقرنون فيها اسم اهورا مازدا باسم زرادشت . من احكامهم بتر يد السارق و منع الاختلاط وفرض “الحجاب ” على المراة . ولما وجدوا ان كتاب الافيستا صعب الفهم فقد شرحوه في كتاب “الزند افيستا ” 14–الساجدين : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) الشعراء 15–النبيء اسماعيل : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) مريم 16–الصلاة الابراهمية : وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة 17- يوم الزهرة :اتفق العارفون بالتنجيم على جعل يوم كوكب الزهرة في الوم لاسادس من الاسبوع اليهودي 18-الحُمس (بضم الحاء ) من الحماسة وهو تحالف قبائل كان قائما في الجاهلية من قريش و ثقيف وبني عامر كانت تظهر الحماسة في الدين الوثني  مع تعظيم منهم  للموريات الثلاث اللات و العزّى و مناة و يقابلهم اهل الحلّ (من بينهم بنو هاشم و الاوس و الخزرج ) 19-كتاب تاريخ الخلفاء لجلال الدين السيوطي – طبعة دار الجيل 20-بدعة التراويح ورد في صحيح البخاري – صلاة التراويح – فضل من قام رمضان عن إبن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله . قد وردت هذه الرواية بطرق و أسانيد مختلفة , كلها تفيد المعنى نفسه : ” عمر بن الخطاب هو الذي ابتدع صلاة التراويح , و هي لم تكن على عهد النبيء (ع) واستغنينا عن ذكر جميع المصادر لكثرتها  ” 
21- وردت مروية “امتكوهن ، يا عمر ” في كتاب البداية و النهاية للحافظ ابن كثير الدمشقي في الجزء3    ص 35 – طبعة دار هجر 22-طليق: كنية اطلقت على من قال لهم النبيء محمد ( ع) من الذين كانوا يؤذونه وهربوا من مكة و استعطف  البعض النبيء ان يعفوا عنهم ما يروى ان النبيء(ع) قد قال لهم “اذهبوا فانتم الطلقاء “وكان من بينهم معاوية 23توثين : كانت العرب تقول قبل البعثة المحمدية  وثنت الارض  في نوء كذا أي امطرت في نوء كذا  فيقومون بتوثين ذلك النوء وفق حساباتهم للانواء بالمنازل القمرية في الحول 24- بولس الطرسوسي:هو شاؤول الطرسوسي نسبة الى مدينة طرسوس  قبل ان يبدّل اسمه الى بولس ليصبح “القديس الرسولي ” و ليقوم بنشر المسيحية رغم انه لم يشاهد النبيء عيسى  انما زعم انه راه مناما في اليقظة بعد ان فقد بصره واعاده له النبيء عيسى  عندها تغير موقف بولس من يهودي فريسي معادي لاتباع النبيء عيسى ورسالته الى داعية  ينشر المسيحية وقد كان لرسائله تاثير كبير في بلورة المسيحية في كنيسة روما وجعلها ديانة اممية  وليست مذهبا او فرقة يهودية  25-هامانات : عبارة تشير مشتقة من اسم “هامان ” في قصة النبيء موسى وفرعون من كتاب الله 26-كتاب الفقه على المذاهب الاربعة – عبد الرحمان الجزيري-الجزء 1 -كتاب صلاة الجمعة   –طبعة دار الكتب العلمية –بيروت لبنان و الحمد لله و كفى ، وسلام بعد الثناء على الذين اصطفى . و الحمد لله على العلم بجهلي و اعوذ بالله من وهم المعرفة وقل ربّي زدني علما . 

التصنيفات
دراسات

القول برجعة عيسى بن مريم من الموت : اقتفاء للسراب

كتاب الله يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان المسيح عيسى بن مريم (ع) قد توفى ومات .والتزيل الحكيم الذي نزل بلسان عربي مبين لا ترادف به بفي الالفاظ فالوفاة تتعلق بالنفس بينما الموت يتعلق بخروج النفس المتوفاة م الجسم ليصبح جسدا لا حياة فيه بدليل ما ورد بالتنزيل الحكيم :”اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ-;- عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ-;- إِلَىٰ-;- أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “(42) الزمر.

فالوفاة تتعلق بطاقة النفس المتحررة من سجن الكتلة التي تتوفى في المنام في حين ان الانفس التي تموت هي التي يمسكها الله لكونها قد تم القضاء عليها.

واما الجسم الحي فهو مادة متكاثفة بما يجعله كتلة تدب فيه الحركة من اثر طاقة النفس الحية فيه ، والتي تحافظ على التماسك و التكاثف لكتلة المادة وتمنع بداية التحلل بها بحكم تشكل الجسم بدوره من ملايين الانفس وفق جدلية علاقة المادة بالطاقة ،وان المادة تتحول الى طاقة لما تبلغ سرعتها سرعة الضوء بما يجوز معه القول بان وشيجة العلاقة بين النفس و الجسم مماثلة لوشيجة العلاقة بين الطاقة و المادة .فالجسم حي طالما لم تمت فيه جميع الانفس بتردي الطاقة بموتها تصديق لما جاء في التنزيل الحكيم :” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {ال عمران /185}

و يتضح ان المعادلة هي ان النفس تتوفى و الجسم يموت واما الروح فهي من امر الله لكونها برمجة النفس المتحكمة في الجسم وهي نفحة الله للانسان بما فضله الله بالعقل و ملكة التواصل باللسان و المقدرة على الشعور بالزمن و سيلانه عليه فيكون الانسان الحي حبيس سيلان الزمن الذي هو ليس الا تعاقب و حركة و تكيف وعموما قوانين الجدل الثلاثة التي تحكم ايات الله بالكون في انتظام دقيق وفق سنن الله التي لن تجد لها لها تبديلا و لن تجد لها تحويلا ومنها سنة الموت وكونه حقيقة شغلت و زرعت الحيرة المعرفية في الانسان منذ دخول البشر في حقبة الانسة باستخلافه في الارض و تعلّمه “الاسماء كلها” و تلقيه من خارج الوعي ل”كلمات “

وظلّت حيرة الانسان المعرفية مستمرة معه مع حقيقة الموت الذي هو اجل وانه لكل اجل كتاب و سبحان الحي القيوم .وقد شكلت مسالة تثبيت المسيح عيسى بن مريم (ع)على الصليب لصلبه اشهر حادثة تثير الجدل وحتى الجدال حول علاقة القتل بالوفاة وموته من عدم ذلك او بقاءه حيا بالروح و النفس او اختفائه من مدينة ايلياء و السياحة في ارض الله ؟ 

الله يخبرنا في كتاب التنزيل الحكيم في الرسالة المحمدية ان المسيح عيسى بن مريم لم يقتل يقينا الامر الذي يدل دلالة واضحة على ان الحياة لم تفارق جسمه بعد تثبيته على خشبتي الصليب وان خلايا جسمه لم تغادرها طاقة الانفس الكامنة بها رغم رجاحة وفاة النفس العاقلة باغماءة اصابته من شدة و الم التثبيت على الخشبتين و الصلب على ما جرى عليه اللسان العربي هو شدة العذاب المسلط على الجسم و يمكن القول بان وفاة المسيح عيسى بن مريم(ع) من جراء التثبيت على الخشبتين و صلبه قد حصلت باغماءة مشابهة لحالة النائم الذي يتوفى الله نفسه و يستدل على ذلك بما ورد في كتاب التنزيل الحكيم : “مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ “(117) المائدة 

و يتضح ان المسيح عيسى بن مريم قد توفى باغماءة مشابهة لوفاة نفس النائم بما انتفت عنه المدارك ولم يعد شهيدا على من ارسل اليهم لغياب النفس العاقلة عن عالم الشهادة المتوشجة بالديمومة الزمنية فانقضى التزامه بمراقبة من ارسل اليهم و الله على كل شيء شهيد و يخبرنا الله في كتاب التنزيل الحكيم : “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰ-;-كِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ-;- وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ-;- مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ-;- وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء.

وذلك بان من شهدوا حادثة التثبيت على الخشبتين لصلب المسيح عيسى بن مريم قد اعوزتهم المعرفة الطبية بموته الدماغي /القلبي يقينا بحكم محدودية المعارف و العلوم الطبية لذلك العصر رغم براعة اهل مدينة ايلياء الملحوظ بالمقارنة بغيرهم من الناس في المجال الطبي . وان ايات الله البينة التي اتاها المسيح عيسى بن مريم (ع)كان من جنس ما برع القوم به فانحبس المختلفون في امره في الشك و الجدل الذي تحول الى جدال عبثي بين الطرفين من قائل بموته ومن قائل بالعكس وانه طالما يستمر الجدال عبثيا فان المصادرات المعرفية لكلا الفريقين المختلفين تكون فاقدة للدقة و الصواب علاوة على غياب الحكمة/ المنهج للوصول الى الخبر العلمي اليقين الامر الذي يجعلهم يتبعون الظن كمصدر معرفي لمن نال منهم بعض الحظ من المعرفة و حاول النأي عن تخاريف الشكوك .

غير ان اليقين قد بقي غير متوفر لهم لغياب الخبر العلمي الجازم و القاطع و يمكن القول بان الشبهة التي حصلت لمن شهدوا واقعة حادثة التثبيت على الخشبتين لحصول القتل قد تمحورت حول تحقق الموت للجسم فانزياح النفس المتوفاة منه في فترة الاغماءة و ليست الشبهة بما يردده البعض من تخاريف بعض الكهنة بحصول ابدال الشخص المثبت و المصلوب على الخشبتين فهذا القول من هلوسات الوسوسة و من تخاريف الخيال الكنهوتي الاعرج المائل الى التفسيرات الاحيائية الخرافيةالموغلة في النزعة الغرائبية الكهنوتية الراغبة في الابهات كما فعل السامري بالعجل فجعل الجسد له خوار 

و يسافر الوهم بمن تقوقع في الخيال الاعرج الى نفي وفاة المسيح عيسى بن مريم و الاحتماء بعقيدة المخلص التي ظهرت من زمن ايزيس / عشتار بارض القبط و التي بقيت تنتظر ازوريس ليقدم عليها من عالم الظلمات الى عالم النور بعد ان قتله اخاه ست /شيث وكذلك بقيت عشتار تنتظر حبيها دموزي الذي قتله الخنزير الوحشي و تستمر ملهاة انتظار” المخلص” والتي تتحول الى مأساة ان ظهر بين القوم “سامري” يجعل لجسد العجل خوار ،وكذلك فعل شاوول /بولس الطرسوسي بالنصارى فتهود منهم الذي اتبعوه لما اصابهم من هَوَد فكري و انحرفت من ملة النصارى طوائف الكريستيان ليعلكوا و يجتروا قصة ايزيس و ازوريس و عشتار ودموزي و تستمر الملهاة لتتحول لماساة مع ظهور عقيدة انتظار “المهدي” في ملة المسلمين المؤمنين و لكل طائفة منهم مهديا تنتظره مخلصا بعد ان اصابتهم الغشاوة على ابصارهم من افاعيل الكهنة / الفقهاء وبظهور “سامريين” بامة محمد (ص ) كل يتغنى عشقا بليلاه و بمهدييه المنتظر او الذي ظهر بينهم بعد ان هجروا القران و اتبعوا المرويات الظنية المنسوبة زورا و زيفا و باطلا على لسان النبيء محمد(ص) بما جعلته يظهر في صورة البارع في النبؤات المستقبلية من الغيب و الحال ان كتاب التنزيل الحكيم يخبر يقينا و بما لا يدع أي مجالا للشك بعدم قدرة النبيء محمد على علم الغيب المستقبلي غير ان لعنة “المثناة “قد اصابت البعض من ملة المؤمنين باتباعهم ما يسمى زورا بالصحاح وهي ليست الا “تلاميد ” كتبها الكهنة بايديهم ثم قالوا عنها انها من عند الله فويل كما اخبرنا الله عن الويل لهؤلاء

وردت الادلة من التنزيل الحكيم بتحقق وفاة وموت المسيح عيسى بن مريم في عدة ايات من كتاب التنزيل بما نزل قرانا كريما على لسان عيسى بن مريم :” وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) مريم. فالموت محقق ليقينية ان كل نفس ذائقة الموت و الموت هو كتاب مؤجل و ان المسيح عيسى بن مريم كما جاء البيان القراني به :” مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ-;- كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ-;- انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ-;- يُؤْفَكُونَ (75) المائدة وهكذا فان طبيعته البشرية لا تمكنه من الخلود بدليل ما اخبر الله به النبيء محمد و العالمين بما ورد في كتاب التنزيل :” وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ-;- أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) الانبياء .

و الاخبار الالهي لملة المؤمنين بما انزله على النبيء محمد(ص) من الذكر المحفوظ يحسم أي جدل في انتفاء الخلود للمسيح عيسى بن مريم بالجسم او بالنفس واما الروح فهي من امر رب محمد خاتم النبيئين و الذي اذاقه الله الموت مصداقا لما نزل بكتاب التنزيل ” وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ-;- أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ-;- أَعْقَابِكُمْ ۚ-;- وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ-;- عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ-;- وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) ال عمران

فالله اخبر في كتاب التنزيل بموت ووفاة المسيح عيسى بن مريم بعد بيان طبيعته البشرية وجوهره هو رسول قد علمه الله الانجيل و التوراة و الكتاب و الحكمة غير ان اللغط يبقى في الاذهان حل اشكالية عدم تحقق القتل يقينا للميح عيسى بن مريم بعد تثبيته على الخشبتين لصبله و أين اختفى فيختطف الخيال الاعرج المتهود نحو الخرافة الغرائبية ممن اعمى الله بصيرته للقول بان المسيح عيسى بن مريم(ع) وطالما قد اخبرنا الله بانه رفعه اليه فهو في السماء او في احدى السماوات فالخيال الاعرج يفتك بالناس اشد من يفتك بهم الطاعون فيتوهمون من غباء و حماقة التجسيم لله ـ الذي ليس كمثله شيء ـ ان المسيح عيسى بن مريم(ع) يجلس على كرسي العرش بجانب “ابيه” في السماء كما يقول “الكريستيان “الذين اخبر الله في كتاب التنزيل بكفرهم لما يقولونه عن المسيح عيسى بن مريم في استمرار لعبثية ما سبقهم به اليهود فيما قالوه عن عزير غير ان الحماقة اعييت من يداويها و اعييت المسيح عيسى بن مريم(ع) نفسه الذي ابرأ الاكمه و الابرص و اعجزته الحماقة…

ان صدور القول بحياة عيسى في السماء من ملة المؤمين و انتظار رجعته كما بقي اتباع ايزيس و عشتار ينتظرون ذلك الى اليوم بقدوم “المخلص” في شخص “المهدي” .لكن من عميت بصيرتهم لا يفقهون انه لكل قوم هاد ولا مهدي الا كتاب التنزيل الحكيم بين جلدتي المصحف الشريف و يمكن القول بما رجح من اخبار التاريخ من ان المسيح عيسى بن مريم (ع) قد تعرض لحادثة التثبيت على الخشبتين لصلبه في عمر اللاربعة و الثلاثين بما يحقق معه عدم بلوغه مرحلة الكهولة في حين ان الله يخبرنا في التنزيل الحكيم بما بشّر به مريم :” وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) ال عمران وقد كلمهم في المهد صبيا و اخبرهم بموته ” وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) مريم .

غير ان من شهدوا حادثة التثبيت على الخشبتين لصلبه لم يكلمهم المسيح عيسى بن مريم كهلا لذلك يخبط الكثير من ملة المؤمنين باتباع ما قاله بنو اسرائيل ـ عن انفسهم من كونهم فقط هم اهل الكتاب ـ من “الاخيار” وان من عداهم من الامّيين من “الاغيار” وانه طالما اخبر الله بان المسيح عيسى بن مريم لؤمن نبه اهل الكتاب في يخلطون مثل الذي يخلط بين النفقة و الحضانة و من يخلط بين الافعال و الاعمال للانتهاء بالقول بالرجعة الذي يخلطونها بالبعث .و الحال انه لا رجعة للمسيح عيسى بن مريم (ع) انما سوف يبعث حيا كما يبعث الله الخلائق بالنشور و يتحاذق من يتوهمون المعرفة من هذا الفريق من المتشدقين بنيل مرتبة “عالم ” بان ضرورة ايمان اهل الكتاب بالمسيح عيسى بن مريم (ع) بعد الاختفاء اثر واقعة التثبيت على الخشبتين لصلبه يفترض معه رجعته في اخر الزمان في ترديد سمج و غناء و تنريم اشج الصوت للقول بالرجعة مع استبطان لا واعي لخرافة الهرمجدون العشتارية و التي تبناه اليهود اهل “المثناة “بالتلمود فيخبطون الخبط العشواء بين الرجعة و البعث و تستمر ملهاة و مأساة انتظار المخلص …. 

و يقول الشاعر : اسمع ان ناديت حيا … ولكن لا حياة لمن تنادي

وورد في كتاب التنزيل الحكيم : ” فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ( 52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53 الروم كما ورد ايضا بسورة الزخرف :” أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (40) ووورد ايضا : “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰ-;-ذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) الفرقان .