التصنيفات
دراسات

وتاه القرآنيون عن “الأرض المقدسة”

وهَم “القرآنيون” لما واجهوا عفن التراث السنّي، واكتفوا بإنكار الفقه والتاريخ، مع ازدراء لها مثل الذي عجز عن ارتقاء النخل لجني الرطب، فقال عنها شيص بدل الهدم واعادة البناء. وهذا أسلوب النعامة التي تطمر الرأس في التراب.

فيما برعوا في تخليص اللسان من اللغو، غير أنهم تورطوا في بحر رمال متحركة بالتوغل في الشقلبات اللسانية، التي رمت بهم في أحقاف الرمزية الغنوصية.

وأعاد بعضهم شطحات ماني بن فاتك النبي الكذاب بعد عيسى إلى السطح من جديد، ونشأ منهم تيار يزعم أن القرآن نزل على عيسى واستولى عليه محمد، وما هم فيما تحصحص إلا شياطين الغنوصية.

كانت حركة القرآنيين تجميلية طوباوية ولا غير، بعد أن أرادوا اجتثاث النص من التراكمات المعرفية المتواشجة به. إذ خلطوا بين اكداس المرويات من جهة، وبين المعرفة بالتاريخ بقراءة منهجية من جهة أخرى، وجعلوا أخبار التاريخ الذي لم يحققوا فيه مجرد حكايات، بحكم ما-قبلي يخالف منهج المعرفة. وهو ما شكّل لهم عائقا معرفيا في فهم صيرورة المفاهيم الفقهية، عبر زخم تراكمات السلف من الآباء، بما عاقهم أيضا عن الولوج إلى كنه الكارثة المعرفية الفقهية التي وصلنا اليها، والتي تحنّط بها الفكر الفقهي وارتد ذلك على السعي لتجديد العلوم.

ولئن اعتكف أهل الجماعة والسنة على اجترار اقتباسات “أئمة الفقه” من تراث الأحبار في “المدراش” و “الجمارة”، فقد ألبس “علماء الكلام” ما في فلسفة اللاهوت المسيحي على مبحث العقيدة، والذي تخيل كهنة “علم الكلام” أنهم شرحوا فيه الإيمان في كتاب الله. فأبدلوا البعض منه، وبنوا لهم تحت ما نفثوا من عُقد “إيماناً” موازياً. اقتبسوا فيه أيضاً من اللاهوت “اليهو_مجوسي” الأشكنازي لمنطقة مدينة بخارى وما حولها من خصوصية “تمجس” يهود التناخ الفريسين(البارثيين)، وفتل جميع هؤلاء حبلاً اعتصموا به بدل أن يعتصموا بحبل الله، وكتبوا الكتب بأيديهم وقالوا عنها أنها من عند الله، فاشتروا الضلالة بالهدى.

وظهرت كتب الحديث بعد ظهور كتب تقعر النحاة أعاجم اللسان، ومعاجم لغو الأعراب، وسقط الفقه في غيابة الجبّ التي تقوقع فيه أهل السند (الزنادقة الذين وقع اشتقاق اسمهم من لفظة زند بالفهلوية وهي لفظة السند). إذ أن السند لا يكون إلا لما كاد أن يسقط متهالكا من التهافت.

ولم يشذّ الشيعة الإمامية عن ذلك، فقد عمد كهنة الغيبة الصغرى منهم إلى حياكة أول “تلاميد” كتب الحديث عندهم مع “الكافي” بعد ظهور عجول السامري الستة من أشكيناز أهل الجماعة والسنة، ثم واصل كهنة كنيسة مال الخمس، التي أقامها الشيخ المفيد الكذاب وأعاد فيها رواج ميثولوجيا عبادة رب عالم الظلمات أنجي / أنكي / أنگي في شخصية الغائب.

ولعل من الوجيه القول إن فكر القرآنيين كان شبيها بجسم بلا رأس (لما فيه من علة التراث الفقهي) فحزّوه، وبلا ساقين لعلةٍ في تراث المرويات، فبتروها. وذلك عوضاً أن يعالجوا علة صداع الفقه التراثي الأعمى لجعله مبصراً، بهدم ما تهالك منه بتصويبه ومعالجة العرج والهرج في معرفة أخبار من سبق، بقراءة التاريخ بمنهج السير في الأرض، دون ازدراء الفقه والتاريخ كمعارف لها مناهجها الخاصة بها.

إذ أنه كما كان تاريخ العلم هو تاريخ أخطاء العلم، فإن تاريخ الفقه هو تاريخ أخطاء الفقه. فيما يبقى التاريخ في تمحيص وغربلة دائمة على وقع اكتشافات الشواهد الأركيولوجية والإيبوغرافية، من أجل إحكام وضبط الأخبار من مصادر كتب الروايات، وذلك بعد إخضاعها لمنهج الترجيح بعد الاستقصاء.

وكان من الوجوب عند تصويب الحراك لمواجهة عفن التراث من ظهور جيل جديد يعتصم بحبل الله وبالمنهج الحنيف، دون طمر الرأس في الرمال كحال القرآنيين. ودون قفز وتعالٍ كحال الغنوصيين الرمزيين بعد أن لاذ “يهود” التراث باجترار معارفٍ هي كأسمالٍ بالية لها أكثر من ألف عام. فاليهودي هو زعم أنه “ابن الرب” والمحافظ على عادات الآباء المقدّسين، بينما القداسة لله وحده.

ولما أشار الله في الكتاب/الرسول من أنها الأرض المقدسة التي أحجم من تبعوا موسى عن دخولها لوجود قوم جبارين. كذلك قال القرآنيون عن التراثيون بعد أن رأوا آيات الله المبصرة ولكنهم أحجموا عن تصويب الفقه وترجيح التاريخ، فلم يدخلوها وتاهوا في أحقاف الرمز وشقلبات اللسان.

التصنيفات
دراسات

صادق و صدّيق

لم تسلم رسالات الأنبياء من التحريف بالزيادة أو النقصان في الكتاب بعد موتهم. أو الزعم بخلافتهم في مقام الرسالة. وخاصة من الذين كانوا حولهم أو قريبين منهم بصحبة، إلا ما رحم الله.

مثل العبد الصالح إسرائيل الذي كان قريباً من النبي إبراهيم؛ غير أن بعض ذريته قد فعل الأفاعيل من بعده، وحرّموا ما حرم إسرائيل على نفسه، من غلبة نزعة شدة تقديس الآباء من السلف. حتى وقع هجر الكتاب بنبذه وراء الظهور، واتباع ما وجدوا عليه آباءهم، ولعنهم الله على لسان داوود وعيسى رغم تفضيلهم على العالمين بعد حين.

ولئن قفز عزير الكوهين كاتب أسفار التناخ في كتاب العهد القديم، عن الفترة بين النبيين يوسف وموسى ولم يتعرض لها ولو بالإشارة، فإن ظهور ديانة البرهمن في شبه الجزيرة الهندية، قد كان في تلك الفترة مع أتباع كتاب صحف إبراهيم “الفيدا” أي الحقيقة.

غير أن تلك “الخراف الضالة” من بني إسرائيل قد جعلوها تلاميد “الفيدا” الثلاثة بدل كتاب واحد، مع تجسيم منهم لصور الله الخالق واتخاذهم العجل رمزا للخصب.

كما فعل غيرهم ذلك في بلاد الجبت مع العجل “أنابيس”، الذي اتخذه السامري إلهاً لبعض من تبع موسى من بني إسرائيل، لما واعد الله موسى أربعين ليلة للصيام بالجبل.

ثم عبد الخلف من بعدهم ما وجدوا عليه آباءهم، واتبعوا “شريعتهم” مع جعل أخبار “الآباء المقدسين” دينا لهم، بدلاً نهلِ أحكام الدين من الكتاب. وامتدت القداسة لبعض البشر ممن كانوا حول الأنبياء أو زعموا خلافتهم في الدين، بالتصدي واحتكار للكلام باسم المقدس خدمة للمدنس.

وقد خلف يشوع النبي موسى بعد موته، وقاد مسيرة العودة لأرض “الميعاد” عند انتهاء بلاء التيه في الصحراء، بجريرة إحجامهم عن دخول الأرض المقدسة. وزعم يشوع “خلافة” موسى النبي في مقام الرسالة، وأحرق ونهب القرى التي اعترضت طريقه.

وقتل الأغيار وهم “الجوئيم” أي الأمّيين من أهل تلك القرى دون الصبايا الأبكار، وفرضوا على من كان لهم الحظ بالصلح معهم، “خراج الجزية”؛ بما جعل من أعمال يشوع دينا يتبعه الخلف اقتداءً بالسلف من بعدهم! رغم مخالفة ذلك لكتاب صحف إبراهيم وموسى من تحريم البغي بغير حق.

ولئن لم يجعل شاؤول الطرسوسي، من بعد اختفاء عيسى، من رسالته ذات طابع عدواني، فإنه أسقط تكاليف كتاب موسى، ونبذ وراء الظهور كتاب يحي (المُتّبع من الصابئين) و الذي أحل الله فيه للذين هادوا من ذرية يعقوب ومن تبعهم من بنى إسرائيل بعض ما حُرّم عليهم بظلمهم.

فيما أعاد شاؤول، هذا المواطن الروماني اليهودي الفريسي والحراني، رسكلة بعض تراث معبد سين وأرتميس لليونانيين من الإغريق، والذين انحرفوا بدورهم بعد النبي يونس من انشغالهم بتجسيد الملأ الاعلى، في صور مع حياكة التعبيرات الأسطورية المخيالية والترميزية المجازية، بعد أن تسمى اليونان بالنبي يونس كما تسمى قبلهم البرهمن على إبراهيم.

ثم تسمى الأنصار لعيسى من الذي اتبعوا سنّة بولس الرسول، بعد أن أبدل اسمه شاؤول، بالمسيحيين نسبة للمسيح كريستن / كريشتن / قريشتن. واتبعوا رسائله التي طمست الإنجيل وكتب يحي وموسى، والتي أُلحقت بأسفار السيرة الأربعة الموصوفة بالقانونية بعد مجمع نيقيا.

وأصبح عدو أنصار عيسى قديسا “رسولا” بمجرد أن أخبر من حوله بمنام يقظة زعمَ كذباً فيهِ أنه رأى عيسى بن مريم الذي أعاد له بصره.

وقد أقام القديس بولس الرسول جماعة “أي كنوسس” الإغريقية مستغلاً قربه وصحبته من الحواري سمعان الصفا المعروف بالقديس بطرس. فيما انطلقت أرهاصات عبادة عيسي/ يسوع من إسقاط ملامح معبود اليونانيون الاغريق “دينو زوس” أي ابن الله على شخصية عيسي/ يسوع، فيما قام بولس بالتبشير عندهم مع تسمية عيسى بـ “كريستن”.

كما هو اسم إبن الله في ديانة البرهمن كريشتن والذين كان قريشتن لِـ”قريش” على ديانته مع مزج ذاك بجعل الملائكة من بنات هبل / بعل وعبادتها، واتخاذ الموريات الثلاث اللآت والعزى ومناة الثالثة الأخرى شفعاء لهم ليرسل عليهم بعل / هبل الماء في استعادة لدين عقيدة الخصب العشتارية.

ولم يختلف عتيق التيمي الذي أبدل اسمه من عتيق إلى أبي بكر (بجرّ الباء) فيما لا يعرف له ولد باسم بكر ليتكنى به (أو لعله تكنى بولد الجيران!) عن السير بعد موت النبي محمد، وبعد استيلائه على إمارة الدولة في انقلاب السقيفة على الدولة المدينية، التي تركها النبي مع دستور الصحيفة، وخرق صريح لحكم الله بالشورى الملزمة؛ ليجعلها دولة جماعة دينية أي دولة كنوسس، تقوم على عصبية الجماعة والقبيلة والنظر للآخر على أنهم أغيار ليس عليهم من سبيل لأنهم من الأمّيين الجوئيم بقاعدة “من ليس معنا فهو عدو”.

ولم ينتظر عتيق التيمي طويلا إذ خلع على نفسه لقب “خليفة رسول الله”! هكذا دون خجل. وهو الذي لم يتنزل عليه الذكر الحكيم وحياً!

والحال أنه خلف أمير الدولة ببيعة مشوبة بالبطلان ثم كذب عن النبي بما رواه على لسانه من قوله: “نحن معشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة”، لينزع ويسلب انتفاع السيدة فاطمة من حائط فدك، بسبب امتناع الإمام علي من بيعته بيعة إذعان للأمر الواقع الذي دبّره حزب إيلاف قريش. وقام بتجهيز إحدى عشر جيشاً أرسلها لجباية مال شعيرة إخراج صدقة زكاة المال.

والحال انها احدى شعائر الإيمان، ولا إكراه في الدين؛ في خرق صريح منه لحكم الله في إكراه الناس على الإيمان. ولم تكن هذه العملية العسكرية إلا اجبارا للقبائل التي رفضت إرسال البيعة لحكومته الانقلابية ببيعة الإذعان. كما هو الحال عند بيعة الملوك الذين إذا دخلوا قرية أفسدوه فيها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون.

وقد فعلت جيوشه الجابية ما فعله يشوع بن نون في القرى التي اعترضت نظيره من صحراء التيه إلى بيت إيل قرب شكيم. فسبت الإناث والذراري، وجبت صدقة مثل الزكاة على شريعة عتيق التي لم ينزل الله بها من سلطان في الكتاب. إنما أعاد عتيق تعشير حق الحصاد كما ورد في شريعة يهود التناخ بسفر التنثية [ 14: 12].

فيما جعل إخراج غنيمة بهيمة الأنعام في حدود ربع العشر، وابتدع بدعة النصاب الذي لا إخراج لمال عليه، كما فيما روي عن كتاب أرسله مع أنس بن مالك للبحرين والذي تم توثيق خبره في “التلمود” المنسوب للبخاري [رقم 1454].

والحال أن إخراج مال الغنيمة على ما رزق الله المؤمنين في بهيمة الأنعام هو الخمس وكذلك حق الحصاد لأنه الحق المعلوم. وقد خالف في هذا ما أسقطه شاؤول من إخراج صدقة مال الزكاة على أتباعه من القريشتن/ الكريستن، بجعل مقدار الإخراج باختيار كل شخص على حدة.

وفي المحصلة فقد أعاد عتيق، قاعدة التعشير التي كان عليها الأحابيش من أعراب قريش وكنانة، ومن تبعهم من أهل الحُمس، قبل أن يبلى نعل النبي!

ورغم أن عتيق التيمي، لم يذكر في أي خطبة له، إنه قد كان صاحب الغار مع النبي إلا أن من اتبعوا جماعته/ الكنوسس قد كذبوا بجهل منهم بجهلهم لما ورد في آية الغار بسورة التوبة. وأبدلوا صاحب الغار وهو دليل الطريق عبد الله بن أريقط بن بكر الكناني بعتيق التيمي.

ولعل هذا من أسباب إبدال إسم عتيق لكنية أبي بكر (بجرّ الباء) وإظهار أن معيار الصحبة يحجب بقية معايير الفضل الخمسة في اختيار أفضل الفضلاء لمنصب الأمير. باعتبار عدم منافسة عتيق للإمام علي فيها الخمسة وهي: العلم / التقوى/ الحكمة/ الشجاعة / القيادة.

ولم يتوقف التزوير عند هذا الحد، إذ أطلقوا عليه لقب “صدّيق” في إسقاط قميء للقب النبي يوسف، ولصفة كل من النبي إدريس وإبراهيم. مع ترديد أتباع كنوسس عتيق وجماعته عن النبي محمد، بانه مجرد صادق فقط! بينما عتيق التيمي صدّيق! عجبا كيف يعقلون!!!

وبذلك جعلوا إظهار صفة التشبيه بالصدق لعتيق مستمرةً دائمةً في الوقت، في حين جعلوها متراوحةً في الظهور مع خاتم الأنبياء وهو الذي كان صادقاً مثل النبي إسماعيل.

ولعل كذبة عتيق في مسألة فدك، وملاحقة هذا الوصف له قد جعل كهنة كنوسس الجماعة يعقون في مطب أكثر من خلع لقب صديق على عتيق لكونه قد “صدّق” النبي محمد في أم القرى عن رحلة الإسراء والمعراج! والحال أن المعراج خرافة وما أنزل الله بها من سلطان؛ في حين أن الإسراء قد كان للنبي موسى بما يثبت من كتاب الله مصدر اليقين إنما كان للنبي محمد الرؤيا/الفتنة فقط.

وأنه حتى لو سلمنا جدلاً، بتصديق أكذب حديث رواه أبو هريرة شيخ المضيرة الكذاب، فإن التصديق في لحظة ما من سيلان الوقت لا يجعل صاحبه صدّيقا، تظهر الصفة المشبهة عليه باستمرارٍ وديمومة.

كما هو الحال مثلا مع النبي يوسف وما أبعد الثرى عن الثريا بين يوسف بن يعقوب وعتيق بن أبي قحافة!

وما روته عائشة (أو نسب إليها من الحكواتية) مختلف لما هو يقين من كتاب الله، خاصة وقد نهى كتاب الله عن تزكية النفس، والا يتصور أن يخلع النبي محمد لقب صديق على عتيق، لما يجعله يخالف ما نهى عنه الله في الكتاب.

فيما أن فِرية أن عتيق قد كان أول ذكر من الرشداء قد آمن وصدّق برسالة محمد لما أمره الله بإنذار الناس، كما ورد في سورة المزمل فإن آية: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ/ الشعراء 14. إذ إن العشيرة الأقربين من أوائل من اتبعوا النبي محمد، يكونون الزبير وعثمان وطلحة وعبد الرحمن وسعد. فهؤلاء من معد العدنانية، بينما عتيق من تيم القرشية. دون أن ننسى ما أورده ابن كثير في البداية والنهاية [ج :3 / ص:37] من أن خبر اتباع عتيق لمحمد قد كان بذهاب عتيق لمحمد لسؤاله عن سبب تركه آلهة أهلل الحُمس من قريش بما يخالف أن يكون النبي محمد هو من ذهب لإنذار عتيق.

وذلك دون أن نغفل على غرابة ما أورده ابن كثير من تولى عائق الخطابة بالمسجد الحرام عن الجهر بالدعوة في استدعاء دور النبي هارون مع موسى والحال أن النبي محمد لا يشكو من طلاقة اللسان مما عند النبي موسى!

ولم يكتف الحكواتية من تضخيم المرويات عن عتيق. ولم يكفهم إسقاط شخصية يوسف وهارون. فقد أسقطوا على عتيق هذا بعضا مما فعله النبي إبراهيم مع أصنام قومه ويكون لم يسجد لصنم قط.

والحال أنه كان صاحب الأشناق والديات في الملأ من قريش بما يقع معه رد هذه الحكاية التي وردت في كتاب محمود شاكر الخلفاء الراشدون. والذي أورد فيه حكاية تدعو للضحك فقط، من كون عتيق قد رأى مناماً لما كان بتجارة له في الشام فارتخل للرعب النسطوري بحيرى الذي عبّر له الرؤيا، بمبعث نبي في قريش. لذلك بقي عتيق ينتظر قدوم هدا النبي؛ والحال أن هذا الأمر قد حصل مع أبي طالب لما اصطحب النبي صبيا معه إلي الشام.

وأسقط هؤلاء الحكواتية على عتيق حكاية منام شاوول الطرسوسي دون أن يغفل السيوطي في تاريخ الخلفاء[ص:48] أن يذكر أن عتيق لم يرى الخمرة قط في حين مجدي فتحي السيد في كتابه “سيرة وحياة الصديق” [ص:34] من حديث عائشة إن عتيق قد حرّم الخمر على نفسه كما حرّم إسرئيل بعض الطعام على نفسه.

لذلك سار أتباع كنوسس/ جماعة عتيق، على مثل ما حرّمه مع عتيق على نفسه، و لم ينتهوا عمّا نهي الله عنه في الآية 116 من سورة النحل. 

عجبا لمن يكذبون جهاراً، ويزكون أنفس بعضهم بعضاً بعد أن نهى كتاب الله عن ذلك. ويفترون الإفك والكذب وقول الزور بما يفضونه بعضهم لبعض غروره من زخرف القول، ليجعلوا عتيق التيمي صدّيقا، بينما محمد خاتم الأنبياء الذي كان على خلق عظيم مجرد صادق.

والحال أن عتيق قد أحرق الفجاءة السلمي بالنار مقموطاً كما أورد ذلك جمهور الإخبارين على شريعة اليهود الخسيديم، مثلما فعل اليهودي “يوسف آسار” الذي أحرق أصحاب الأخدود بالنار نجران. كما فعلها الخسيديم قوم إبراهيم عند رميه في النار بعد جعله أصنامهم جذاذا.

ولئن جعلها إبراهيم كذلك وهو النبي الذي نحن على ملته، فإنه يتجه جعل الأصنام البشرية جذاذاً، وهكذا يفعل من يصدعون بالحق.

التصنيفات
دراسات

أين تقع شكيم؟

ورد في الكتاب المقدس في سفر التكوين عن رحلة إبراهيم:

  • 11:31– وَأَخَذَ تَارَحُ أَبْرَامَ ابْنَهُ، وَلُوطًا بْنَ هَارَانَ، ابْنَ ابْنِهِ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ امْرَأَةَ أَبْرَامَ ابْنِهِ، فَخَرَجُوا مَعًا مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى حَارَانَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ.
  • 11:32 — وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَنَ

كما ورد فيه أيضاً:

  • 12:1 — وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ.
  • 12:2 — فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً.
  • 12:3– وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ».
  • 12:4 — فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ.
  • 12:5 — فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ، وَلُوطًا ابْنَ أَخِيهِ، وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ.
  • 12:6 — وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ.

ـــــــــــ

والملاحظ حسب السرد لمن كتب سفر التكوين، أن الرب من أمر إبراهيم بالخروج من أور كاسد إلى حاران للاتجاه إلى شكيم.

فهل رب إبراهيم في سفر التكوين لا يعرف الجغرافيا؟ أو من كتب السفر هو من لا يعرف الجغرافيا. أو أن من أرادوا مطابقة ما في سفر التكوين على الجغرافيا هم من لا يعرفون الجغرافيا.

من زعمهم أن:

  • أور الكلدانيين/ أور كاسد = أور زيقورات = الناصرية بجنوب العراق حالياً 
  • حاران= إسكي حاران = تينباصاك/ اورفة بجنوب تركيا حالياً (الرهاسابقا) شكيم / سخيم= سبسطية / نابلس، بأرض فلسطين الحالية.

  فهل أقرب طريق من أور زيقورات بجنوب العراق إلى سبسطية (نابلس) لا بد أن يكون بالاتجاه إلى الشمال الغربي بمحاذاة نهر الفرات، أم بركوب القوارب والملاحة في نهر الفرات ضد التيار إلى حين الوصول إلى أورفة في جنوب تركيا ثم الانعطاف جنوبا إلى سبسطية (نابلس) في أرض آرام سوريا؟

أم أن الاتجاه من الناصرية إلى نابلس مستحيل لوجود هوة عميقة في الأرض، تمنع المرور، مما يفرض على إبراهيم أن يتجه نحو الشمال الغربي ثم الانعطاف جنوبا بدل الاتجاه غرباً؟

يبدو أن من أرادوا مطابقة ما في سفر التكوين لا يعرفون الجغرافيا أو يستغفلون ويستهبلون من يسمع لهم. خاصة وأن الآثاريين الصهاينة المتصلين بالأرض لم يحصلوا على أية آثار تعود للعصر البرونزي الوسيط (2000~ 1550 ق.م.) في سبسطية (نابلس).

ولا حتى في الخليل التي يزعمون أنها كما ورد في كتاب “التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها” بالصفحة 381 لمؤلفيه اسرائيل فنكلشتاين رئيس قسم الآثار بجامعة تل أبيب سابقا ونيل أشر سيلبرمان وهو مؤرخ يهودي.

حقا من غابت عنه الجغرافيا فقد راوغه التاريخ.

التصنيفات
دراسات

ملهاة تصنيم أو هلامية الأنبياء

إن الخروج من شرنقة تخاريف الفهم السلفي لقصص الأنبياء في كتاب الله، والمغرق في تصنيم الأنبياء الى حد عباداتهم، لا يعني أن يقع الغرق في القراءة الغنوصية المتعالية الهلامية، من الذين أصبحوا يعرفون بـ “الرمزيون القرآنيون”.

الذين ينفون الشخوص التاريخية للأنبياء. والذين لو كان في كتاب الله حكايات مثل الحكايات التناخية لجاز ما ذهبوا فيه، من تسامٍ وتعالٍ عن النص.

ولكن النص هو قصص من قصّ الأثر بما يفيد جزما بسير هؤلاء الأنبياء على الأرض وأنهم لم يتواجدوا في عالم المثل الهلامي المرتبط بتخاريف رب “نيبرو” وعالم الذر.

وأما بحث المؤرخين والأركيولوجيبن في الجغرافيا الخطأ، فهو لا يفيد بالجزم المعرفي عدم سير هؤلاء الأنبياء على الأرض. إنما يعزى نقص المعارف التاريخية عن هذه الشخوص لاختلالات منهجية معرفية في معرفة التاريخ والأسطورة.

ومما يقع فيه إخواننا الرمزيون، هو الخلط الفظيع الشديد الذي يصل حد الخبط بين الشخص والشخصية. إذ أنهم يهتمون بالشخصية ويفسرون هيأتها منزوعة، مجتثةً عن الشخص، الذي كان له وجود تاريخي.

ولعل ذلك يعود في عدم الثقة بتلاميد التراث فيقولون بإنكارها، مثل النعامة التي تطمر رأسها في التراب، لإخفاء والعجز عن الإلمام بالخفايا التاريخية والأركيولوجية لتلك الشخوص البشرية.

ويهربون من أمام هذا العجز المعرفي بأخبار وأنباء القرون التي خلت، لتقاعسهم عن السير في الأرض للنظر، وتكاسلهم المعرفي بالزعم الواهي جداً منهم بأنه لا شخوص للأنبياء! إنما هم مجرد “أنظمة”.

وذلك من فرط الوقوع في الغنوصية العرفانية الحلولية، التي تعيقهم عن تخطي هذا الخلل الابستمولوجي في منطلقاتهم المعرفية، بما يورث استخلاصاتهم بعد ذلك وهناً وتهافتاً معرفياً ملحوظاً.

مثل الذي أوقع الإغريق اليونان، الذين نسجوا بانثيون الميثولوجيا، بعد التوهان في الملأ الأعلى (ولا أقول الاسطورة لكون الأسطورة تاريخ) بنظرة تقدس الآبائية مع التعالي عن الأسطورة، مما أنتج لهم حكايات ميثولوجية غاية في الترميز والمجاز. وهو العائق المعرفي الذي وقع فيه إخواننا الرمزيون.

 لأن القصص في كتاب الله، ما هو بقول شاعر بما ينفي المجاز عنه ولا هو بقول كاهن بما ينفي الترميز أيضاً.

فإن الحنيفية هي سير بميل عن الباطل مع استقامةٍ نحو الحق. فلا صنمية سلفية،و لا هلامية غنوصية متعالية عن النص، بعد الإجفال من السير في الأرض للنظر.

سيروا في الأرض فانظروا ودون ازدراء لهذه الأرض، ولو أنها من الرض؛ لأن آدم خليفة فيها ولم تكن جنته في السماء. كما يأسرهم عالم المثل الغنوصي. لأن آدم قد أكل من الشجرة وانتهى وقضي الأمر.

والبحث عن الشخوص التاريخية للأنبياء في الجغرافية الخطأ، لا يفيد انتفاء وجودهم التاريخي والأركيولوجي في الجغرافية الحقيقية. إنما هو مجرد تقاعس عن السير في الأرض.

إن الهروب الى الأمام لا يختلف عن الاختباء في الماضي.

التصنيفات
دراسات

لا إله الا الله وحده

لقد تركت الفجوة التوثيقية لأسطرة وتوريخ أحداث الدولة “العربية” بيثرب؛ التي أقامها النبي ومدّن بها المدينة التي هي اسم مكان من الجذر “دان”، من جرّاء إتلاف الكتب وسجلات وزُبر بيت المال. والتي كانت نواة إدارة حكومة الدولة، في ظروف وملابسات تشير إلى قيام “الشيخين” بحرق صحف وكتب، قيل إن بها “أحاديث النبي”.

وعلى الأرجح فإن هذه الصحف قد كانت صحف بيت المال المفقودة، بحسب ما بلغ إلينا من مرويات عن حرق تلك الصحف. وقد ترك هذا الفراغ التوثيقي خللاً في تاريخ دولة النبي، من شأنه حسم الاختلافات والجدالات في معرفة تاريخية تلك الفترة؛ خاصة وأن حركة التدوين لأحداث السيرة ومعها تاريخ تجربة الدولة النبوية، قد جاءت متأخرة نسبياً، لانطلاقها بداية من القرن الثالث الهجري.

رغم ظهور إرهاصات تدوين سابقة عن ذلك مع كتاب قيس بن سليم في النصف الثاني من القرن الأول، وظهور كتاب زعيم الحكواتية سيرة ابن إسحاق في القرن الثاني. والذي فقد أصله ونقل منه ابن هشام بعد القيام بالتشذيب له، ليظهر كتاب سيرة بن هشام في القرن الثالث هجري، مع ظهور كتاب تاريخ الطبري شيخ الإخبارين الذي نقل أيضا عن ابن إسحاق، ونقل أيضا عن الراوي الكذاب سيف بن عمر التميمي.

بما لا تخلق معه الطمأنينة لأغلب تلك المرويات المدونة تحت إشراف البلاط العباسي الذي تغللت فيه عناصر أشكنازية يهودية، ومجوسية، قدمت مع قائد ثورة العباسيين أبو مسلم الخرساني، قبل أن تنطلق حركة تدوين الحديث لتغليبه على المعرفة بالتاريخ وجعل تلاميد الحديث الأشكيناز الستة، بداية من عهد المتوكل العباسي مصدراً مثنوياً للدين، كما فعل عزير لما كتب سفر التثنية كمصدر مثنوي على كتاب موسى، قبل ظهور تلمود المدراش الذي به تدوين “الشريعة الشفوية” وبسند متصل لموسى.

وقد كان لكل هذه العوامل، غياب الرجاحة في كتب الإخباريين (والتي لم ترتق إلى مصاف كتب المؤرخين) لغلبة النزعة الحكواتية عليها، وتضمين بعض الخرافات الغرائبية بها، إلى الشك المعرفي لما ورد فيها، خاصة فيما يتعارض مع كتاب الله.

ومن بين المسائل التي درج الناس عليها ما يسمى بركن “الشهادتان” كركن أول من “أركان الإسلام الخمسة”، تبعاً لحديث ينسب لابن عمر.

والحال أن الإسلام دين وليس عقدا له أركان بما يفيد بطلان هذا القول الأخرق الذي جعل الدين طقوسياً أكثر منه شعائرياً. وكان من استتباعات هذا الزعم الباطل على دين كتاب الله، أن تلطخ النداء للصلاة الموقوتة بالتّشهد المثنوي، على النموذج الزرادشتي الذي يشهد فيه المجوس أنه “لا إله الا آهورا مازدا وأن زرادشت عبده ورسوله” وذلك (علاوة على أوجه شبه أخرى مع الزرادشتية المجوسية الزندائية).

وهي ترنيمة يرددها المجوس، كما كان اليهود يرددون قول عزير ابن الله، والنصارى قول إن عيسى ابن الله. بينما المسيحيون فهم يقولون ثلاثة طبق دوغمائية التثليث الكنسي.

ولكن بالرجوع إلى كتاب الله، ولئن وردت إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان والحج، فإن ما يسمى بركن “الشهادتان” لا نعثر له على وجود. فالشهيد سميع بصير حسب كتاب الله. ومما زاد الطين بلّة، تضمين هذا “التشهد” المثنوي على النموذج المجوسي إلى صيغة النداء للصلاة الموقوتة.

فيما اختلفت الصيغة بين طائفة أهل الجماعة والسنة، مع طائفة الشيعة، رغم وجود القاسم المشترك في التشهد المثنوي المجوسي لغلبة المثنوية في المجوسية، بحكم أنها من أقدم الأديان.

وحتى كتاب الأفيستا الذي جاء به زرادشت، فقد وقع اتخاذه مهجورا ليحل محله كتاب “زند أفيستا”، ثم تلمود زندائية كشرح الكتابين بما لا يجعلنا نتحقق من تصويبات كتاب أفيستا لدين المجوسية.

ومما يدعم الاحتراز الشديد من صيغة النداء للصلاة الموقوتة ترنيمة الشهادتان، علاوة على عدم العثور على آية في كتاب الله بصيغة الأمر أو بصيغة الندب للتلفظ بهذه الترنيمة المشبوهة جداً لما فيها من قول شركي و ذلك بإشراك النبي مقروناً مع اسم الله.

والحال أن كتاب الله يخبرنا بما نزل للنبي محمد، عليه السلام، قوله: “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” [الكهف 110].

وأيضا في “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ” [فصلت 6].

وبذلك فالآيتين واضحتين جليتين في التوكيد على اجتناب الشرك مع الله، فيما تكلف النبي محمد بالقول للنفي عن نفسه شبهة التقول عليه من الذين زادوا في الدين، بما كتبوه في الأسفار ثم قالوا إنه من عند الله.

والشرك بالله هو إشراك أي شخص وأي شيء مع الله، حتى الملائكة والأنبياء. فقد زاغ أتباع الكنيسة من المسيحيين وقالوا ثلاثة وقرنوا اسم الآب (الخالق بالآرامية) مع الابن والروح القدس.

وأخبرنا كتاب الله بأن من يقولون ثالث ثلاثة، فهم كفرة، فيما كان المشركون من قريش يشركون في التلبية عند البخبخة بالهرولة حول البيت سبع أشواط في صلاة المكاء: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، أبو بنات في فدك”.

والبنات هي الموريات الثلاث؛ اللآت والعزى ومناة التي يتقربون بها زلفى إلى الله، الذي يعرفونه ولكنهم يشركون معه الموريات الثلاث والتي يقولون أيضا أن شفاعتها لَتُرتَجى.

وطالما أنه لا خيرة لما قضى به الله لواجب طاعة الرسول. وبحكم اتباع النبي الذي كان يردد لمن حوله ما أمره الله بقوله فقد وجب ذكر اسم الله وحده دون إشراك النبي محمد معه، أو أي نبي آخر.

وبالنسبة للمحمديين الذين يتبعون حديث النبي محمد فيما ورد في الآيتين من الكهف 110 وفصلت 6 فهو حديث يقيني لا يحتاج لتصحيح الألباني ولا لغيره من كهنة الحديث. ولا إلى ترقيعاتهم المضحكة بالبكاء المُرّ والحذلقات البائسة منهم. وحتى باستقراء صيغة النطق بما يفيد إسلام الأنبياء.

التصنيفات
دراسات

التثليث السنسني

  1. الله هو الآب؛ الآب هو اسم الفاعل في فعل أبَّ يَئُبُّ أبّاً. وأبيب وعموما هو خالق الأبّ مثل “فاكهة وأبّاً…”
  2. محمد حبيب الله وهو من خلق اللهُ الكونَ من أجله. وجعلوا له عقلاً مطلقاً يشارك به الله في أحكام الدين بالتحريم. ولولا الخجل من آيات كتاب الله عن المثلثة الذين يقولون ثلاثة، والذي أخبرنا الله بأنهم كفروا، لقالوا إن محمد هو ابن الله وليس حبيبه. بمعنى ابن الله أي تجسد الله فيه. ولكنهم فعلوا ذلك بجعله شريكا مع الله في التحريم مثلما قال المثلثة المسيحيون أن عيسى في السماء يجلس على كرسي العرش على يمين أبيه. ولا ننسى فرية جعل النبي راوياً محدثاً عن الله في الأحاديث القدسية، أو يتكلم نيابة عنه.
  3. الله قد أيّد عيسى بالروح القدس. والتأييد نصرة وقوة وتمكين. في حين أوهمنا السنسن أن جبريل عبارة عن خادم عند محمد. وولولا الخجل، لجعلوه مثل خادم المصباح في حكايات ألف ليلةٍ وليلة. فقد جعلوا جبريل ملازما للنبي في المرويات الخيالية الكاذبة. ولم يكفيهم ذلك؛ إنما جعلوا من العشرة المبشرين بالجنة (كذبا من عند أنفسهم على الله) مع الحسن والحسين، الاثني عشرا حواريا. ثم أسبغوا صفة القداسة عليهم كما فعل النصارى، وكذلك المسيحيون، ذلك من قبلهم. رغم وجود مبرر لذلك، إذ أنه قد كان يوحي للحواريين وهم أنصار الله. وهم من أكمل التبشير بالإنجيل عن الباركليتس في أصقاع الأرض بيننا لم يكن يتنزل الوحي على من كانوا حول محمد. سواء من العشرة أو من البقية الذين قالوا عنهم “صحابة”. وتسببوا عليهم قداسة مثل قداسة القديسيين عند الكنيسة المسيحية وخلعوا عليهم صفة “العدالة” رغم أن من بينهم الذين جاؤوا بالإفك. والأعراب المنافقون المنقلبون على الأعقاب، الكذبة الذين تخلفوا ساعة العسرة، الذين قتل بعضهم بعضاً من أجل الإمارة.

والغريب أن السنسن يزدرون المسيحيين مع نعتهم بالكفرة. ونسوا أنهم مشركون يشبهون المسيحيين فيما فعلوا قبلهم من إشراك لعيسى مع الله ثم عبادته كما يعبد السنسن النبي محمد، ولكنهم لا يشعرون. فقد أصَّلهم كُبراؤهم واتبعوهم، وبقوا على ما وجدوا عليه آباءهم.

التصنيفات
دراسات

النبي الامّي يقرأ و يكتب

يزعم المُتهوِدة الأعراب من الذين أسلموا وقالوا إنهم أهل الجماعة (الجماعة بالإغريقية هي كنوسس ومنها كانت كنيسة) أن النبي محمد جاهل بالقراءة والكتابة والتلاوة والخط. لاتِّباعهم لأقوال كعب الأحبار والسدّي والقرظي وبن منبه.

ثم أتِّباعهم لما جمعه وقاله اليهود الأشكيناز المجوس من أمثال البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي والنسائي وأبو داوود من جهة، والمجسمة الحرانية مثل ابن حنبعل و ابن تيمية الحراني، لشدة وغلبة النزعة التجسيمية والمادية التي طغت على اليهود بزعمهم الكاذب الذي اقتبسوه من أسفار التناخ. وتحديدا من سفر إشعياء الذي ورد به في الاصحاح:

29:11 وَصَارَتْ لَكُمْ رُؤْيَا الْكُلِّ مِثْلَ كَلاَمِ السِّفْرِ الْمَخْتُومِ الَّذِي يَدْفَعُونَهُ لِعَارِفِ الْكِتَابَةِ قَائِلِينَ: «اقْرَأْ هذَا». فَيَقُولُ: «لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ».

29:12 أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هذَا». فَيَقُولُ: «لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ».

ورغم أن اليهود قد نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، لأنهم حملوا التوراة ولم يحملوها، فكانوا مثل الحمار يحمل اسفاراً، فقد سار على نحوهم متهودة أهل الجماعة والسنة. إلا إنه رغم ذلك فقد بقي لهم علم بقدوم النبي الأمي كما أخبرنا كتاب الله بذلك في الآية:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) الأعراف.

ولم يجد الذي كذّبوا بالنبي محمد من الأعراب اليهود إلا اقتباس مروية قول جبريل للنبي محمد “اقرأ” فرد عليه “ما انا بقارئ” مثل قول الله لإبليس اسجد لآدم، ورفضه السجود. لإظهار النبي محمد بمظهر من عصى الله فغوى. ويصرّ ذرية هؤلاء الأعراب على ذلك بشدة رغم أنهم لو كان يفقهون ويعقلون فإنه حتى لو بدأ النبي محمد تعلم القراءة والكتابة منذ البعثة وعلى مرّ ثلاثة وعشرين عاماً، لتعلم ذلك. لكن الله ختم على قلوبهم غشاوة. وحال في ذاتهم وقراً.

ورغم أنه لا يخفى على الجميع أن أم القرى كانت محجة وعاصمة التجارة الدولية، بطريق الوساطة في عصر حياة النبي. وكانت تدار لها العمليات التجارية والصيرفية. وهو ما يجعل الاّميبن من أهلها قادرين على القراءة والتلاوة والكتابة وخط الصكوك والرقاع والقراطيس والصحف.

ورغم أن النبي محمد قد نشأ في بيت سادة وأشراف، لم يتخلف أي منهم عن تعلم القراءة والكتابة. ورغم أنه مارس التجارة نيابة عن خديجة، ولا يتصور أن يدير “رجل أعمال” ثروة بمثل ثروة خديجة دون أن يكون عارفا بالتلاوة والخطّ.

فإن ذرية الأعراب المتهودة (لأن اليهودية صفة من تمسك بقداسة السلف من الآباء) ما زالوا يصرّون على التنقيص من مكانة النبي محمد، لإظهاره بمظهر العاجز عن ذلك. فيما يزعمون أن ابن هند صاحبة الرايات الحمر الذي دخل الإسلام بعد فتح المسجد الحرام كرهاً، لأنه طليق ابن طليق، كاتبا للوحي. وكأنّ ابن أمّه هذا ليس من الأمّيين. رغم ما ورد في كتاب الله:

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) الجمعة.

لأن من يعلِّم الكتاب لا بد ّ من مقدرته على الكتابة والخط والقراءة والتلاوة. باعتبار أنه لا يجوز للمفلس أن يتبرع. وما أفلس إلا هؤلاء الأعراب المتهودة المنافقون. وقد لغى هؤلاء الكافرون في القرآن بجعلهم معنى كلمة “الامّي” التي تجمع على الأمّيين تفيد بأنه من يجهل القراءة والكتابة. وذلك من لغوهم باللغة. كما قال الكافرون لا تسمعوا لهذا القران والغوا فيه. رغم تحذير كتاب الله من هؤلاء بما ورد في الآية:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ(29) فصلت.

لذلك كتبوا معاجم اللغة من اللغو للإعراب وعلم اللسان. وقاموا بتحريف الكلم عن مواضعه بعد أن فشلوا في تحريف الكلم من بعد مواضعه، رغم ما فعله نعثل عثمان من إبدال ترتيب المصحف من ترتيب حسب النزول لترتيب حسب طول السور.

وترد كلمة أميين في أسفار التناخ بصيغة أممين في إلى الترجمة الآرامية الحجازية (العربية). فيما ترد في النسخة الآرامية الصنعانية المعروفة بالعبرية بلفظ “جوئيم” (ג ים). وهم الأغيار الذين لم يتنزل عليهم كتاب في مقابل الأخيار “شعب الله المختار”، حسب زعمهم، والجيم العبرية تنطق قافاً بدوية، أي جيما معجمة. مثل أهل النيل. وتنطق ياء كما في جوزيف أي يوسف. لذلك فليس من فرق بين أمّيين ويوئيم/جوئيم عند النطق لوحدة اللسان الآرامي بالألسنه السبعة.

ومن اعتبار أن هؤلاء الأعراب المنافقين المتهودة قد لغوا في كتاب الله وجعلوا على قلوبهم غشاوة، وقد صغت قلوبهم فهم لا يبصرون الآيات التي وردت بكتاب الله لإثبات أن النبي محمد يتلو. ولكنه لم يكن يتلو ولا يخطّ الكتاب الذي نزل عليه. لما كان من الغافلين قبل نزول الذكر على قلبهم فقط. لأن الكتاب ليس من عنده، إنما نزل عليه من الله.

والتلاوة التي هي تهجية الكلمات المخطوطة بالتتالي وليس النطق من الحفظ كما يفعل رواة الشعر والسجع، فهي تستلزم بالقطع مقدرة على الخط والكتابة. فقد ورد في كتاب الله في دعاء إبراهيم وإسماعيل: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ…

التصنيفات
دراسات

سن الرشد في النكاح في كتاب الله

لمن لا يفقه في كتاب الله، فإن سن النكاح للفتيات هو نفسه سن الرشد بأهلية التصرف في الأموال. فقد جاء في كتاب الله:

وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) النساء.

فسن الرشد يكون مع الفتوة. فقد جاء في الآية:

آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) الأنبياء.

وجاء كذلك في الآية:

قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) الأنبياء.

أما الحريديم فهم يجعلون سن النكاح، هو سن ظهور ملامح الأنوثة على الصبية لتتحول إلى فتاة عندهم. كما جعلوا ذلك في تلمود “صحيح” البخاري عن سن عيشة برسكلة موروث الحريديم عبر الحديث.

وجعلوا المرويات في الأسفار دينا لهم، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. كتاب الله لا يخالف الفطرة والإنسانية. فلا يخدعنكم كاهن بثوب سياسي. ولا سياسي بثوب كاهن. والنكاح هو الملامسة والمباشرة. بينما عقدة النكاح هي عقد الزواج.

إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ…

التصنيفات
دراسات

ملامح عن المنهج الحنيف

ليس للحنيف الرباني المسلم مذهباً ولا طائفةً. إنما هو على ملة إبراهيم حنيفا.

الحنيفية منهج معرفي جدلي، يقوم على قوانين الجدل الثلاثة:

  • الحركة
  • التغيير المستمر
  • التأثير والتأثر

وهو لا يقتصر على المادة فحسب، مثل المادية الجدلية. إنما يشمل المادة والإنسان في نشاطه العقلي المجرد، الذي يميزه عن الأنعام.

والحنيف لا يقوم بالدعوة، ولا يبذل أدني جهد في ذلك. ولا يبخع نفسه من أجل ذلك ايضاً.

ولا يهمه من ضلّ أو اهتدى، “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”. والحنيف عرِف الله رب العالمين، ثم قرأ الكتاب ليكون ربانياً، يدرس الناس بما في الكتاب، وهو لا يهتم بتجارة الأجر والثواب.

الفضل للحنفاء في هدم التراث العفن بالمنهج والحجة والبرهان. ونحن نعاني من تهجم الشيعة والسنة والاحمدية وغيرهم … على حد السواء.

الحنفاء أربعة أنواع:

  • الصابئين
  • الذين هادوا
  • النصارى
  • الذين آمنوا

ولئن لم نعد نعثر على إخواننا النصارى، فإن بيننا إخوة لنا من الذين هادوا والصابئين.

والحنفاء لا يعتبرون الآيات البينة المبصرة (المعجزات) فيها خرق لحتميات العلم وسنن العالم. إنما هي خرق للعادة وتكون لإسكات المكذبين. بينما الحنفاء لا حاجة لهم بها لأنهم يعرفون الله بالفطرة، ثم يقرأون الكتاب وهو ثاني عطفه، إذ إن الفطرة الإنسانية أول عطف.

والحنفاء يتعاملون مع القصص في كتاب الله بمنهج العلم والمعرفة، بعيداً عن الخرافة التي صنعها الكهنة.

كتاب الله ميسر للذِكر، وهو هدي لجميع الناس، وبالتالي فهو ميسر. وإن أحوجت الضرورة لتفسير المتشابه فيه، فنتبع منهج التفسير الذي بالكتاب نفسه، في الآية 33 من سورة الفرقان. وذلك بعد ترتيل وتقليم وتدبر.

والمنهج مشترك بين الحنفاء وليس فردانياً. رغم أن كل حنيف أمة بذاته. وإن حصل اختلاف بين حنيف وحنيف، فيقع حسمه بالحوار المعرفي العلمي. لأن لكل مسألة معرفية حل معرفي واحد لها، والمنهج من يحسم النزاع بينهما.

أما كتب تفسير السلف، فهي اجتهاد لمن كتابها وفق حدود السقف المعرفي لعصرهم. وهي اجتهادات خاصة بهم تدخل في تاريخ الفقه. لأن تاريخ الفقه هو تاريخ أخطاء الفقه. كما أن تاريخ العلم هو تاريخ أخطاء العلم. وإلا لما إخترع الانسان العجلة.

ومنهج الحنيف صارم في قوانينه ومنطلقاته وأسلوبه وغاياته. ولكنه مرِن في تناوله للمسائل المعرفية. فهو في تنقيح ومراجعة دائمة. فالحنيفية مثل مياه النهر الدافق، بينما الكهنوت مجرد بركة ماء آسنة، لا يتغير الماء فيها.

وما يميز الحنيف أنه يخالف، ويعادي، إلى درجة العداء الدوغمائية. لذلك لا عقيدة له لأن العقيدة شرك بالله من جهة، وهي تناقض العلم تماماً من جهة أخرى. لذلك لا عقيدة للحنيف.

والحنيف يفرق بين:

  • كتابا الله
  • القرآن
  • الكتاب

وأخير المصحف وهو الشيء الذي يخط فيه كتاب الله. والذي يشمل كتاب القرآن وكتاب الكتاب وكتاب القصص وبقية الكتب الأخرى.

وقد وصل المصحف مصحفاً عن مصحف. فقرأه الحنيف ولم يجد فيه اختلافا كثير مثل ما في البرهان الذي بالآية 82 من سورة النساء.

وصل إلينا مصحف كتاب الله من النسخ من مصحف إلى مصحف، وهذا على مستوى الوثوقية الإيبوغرافية. مع ذلك بقيت التلاوة المحفوظة في الصدور عن ظهر قلب تعضد موثوقية المصحف.

وبذلك بقيت مشكلة التلاوات مجرد محاولة فاشلة لتحريف الكلم من بعد مواضعه. مثل حال كهنة التراث يعمدون إلى تحريف الكلم عن مواضعه في تفسيراتهم، ولغو اللغة التي صنعوها، وهي لغة وليست لسان.

كتاب الله كتاب مرقوم، يفضح كل من يحاول تحريفه. وأدق مصحف هو تلاوة قالون عن نافع.

أما العبادة فهي في الآيات 151 إلى 153 من سورة الانعام. والمحرمات هي 14 محرم.

نحن نخالف في الأربعة شعائر المشركين السنة والشيعة ومن معهم من الإباضية والأحمدية. ولنا في أقوال لا تخالف ما في كتاب الله، وما في كتاب الله عنها فعلناه. وما كان خارجا عنه تركناه.

ونقول على النبي محمد أنه يتبع ملة إبراهيم، وهو خاتم النبين. وما على الرسول إلا البلاغ المبين. وليس له صلاحية التحريم والتحليل. وهو بشر مثلنا. وقد مات بينما ترك لنا الرسول وهو كتاب الله.

نحج في أشهر الحج السبعة، وليس في ظهر الحج الأكبر الذي جعلوه في غير وقته. وفيه:

  • لا رمي لحجر على حجر
  • لا وقوف على الحجر
  • لا تقبيل لحجر
  • لا سعى بالهرولة بين حجر وحجر (الصفا والمروة)
  • لا دوران لسبع أشواط حول مكان البيت

فالحجر الاسود هو حجر خرق الحيض حسب عقيدة عشتار العزى، وهو طقس وثني.

والسعي بين حجري الصفا والمروة هي من العادات المنتخبة من سفر التكوين في الكتاب المقدس. بينما الهرولة حول مكان البيت، وهي صلاة المكاء فهي فعل هندوسي. والتلبية فعل شركي من أهل الحمس والطلس. وليس من أهل الحق الذين لا يفعلونه. والطواف هو إطعام الصانع والمعتر والفقير، وليس الهرولة.

الصيام يكون في شهر مضان الحقيقي، في موعده المضبوط في كتاب الله، وهو في شعر الرمض. والرمض هي فترة خروج الحرارة من الصخر والرمل. وتكون في بداية الخريف بالتزامن مع الاعتدال الخريفي في النصف الشمالي للأرض. وبعده مع أول هلال للشهر القمري. وليس مثل روزنامة كهنة معبد آمون، التي هي روزنامة النبي التي وقع تزويرها في عصر بني أمية.

والصيام بالشهر حكمه التطوع. ومن لم يرغب في الصيام فعليه الفدية.

وفيما يتعلق بصدقة الزكاة فنحن نخالف شريعة يهود بإخراج العشر، وإيتاء صدقة الزكاة هي خمس الغنيمة. والغنيمة هي كل ما يغنم من بعد بذل الجهد بعد طرح النفقات من المكسب الجملي. ويكون دفعها بالموسم لكل نوع من المال.

وأما إقامة الصلاة لها ثلاث مواقيت:

  • الفجر
  • الوسطى
  • العشاء

وإقامة الصلاة بذكر الله وحده، وبالخرّ ركوعا وسجودا لمن أراد ذلك فقد علم كل صلاته.

التصنيفات
دراسات

فلسطين – المعركة

مع قول كلمة فلسطين على أرض الشام، نخسر المعركة معرفيا قبل أن تبدأ صلصلة السلاح. لأن من جعل لتلك الأرض هذا الاسم هو وعد بلفور والانتداب البريطاني.

من يجعل الصراع دينياً حول حجارة مقدسة، فهو مهزوم من البداية. لأنه لا قداسة لصخرة تلة إيلياء.


الصراع على الأرض، حتى وإن كان معبد الصخرة مذبحاً يهودياً للمزراحيم أو السفارديم أوالمكربيم. وأراد الصهاينة الأشكيناز والدونما وبقية صهاينة الشتات اغتصابه.

فلسطين منذ مائة عام ليست أرض فلشتيم المذكورة في أسفار الكتاب المقدس.

فويل لأمة غابت عنها الجغرافيا فراوغها التاريخ! وويل لأمة جهلت تاريخها، فهذه أمة لن تكون قيمة على حاضرها ولا ضامنة لمستقبلها.

ومن قال إن هيكل هيرودوس الأدومي هو المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء، فهو لا يعرف القراءة وأجهل الجاهلين بجغرافية كتاب الله.

خدعوكم لمّا جعلوا إسم أرض الشام هو “فلشتيم” وابتلعتم الطعم مثل السمكة الغبية.

تبا لأمة إذا غضبت عملت #هاشتاغ أو أبدلت صورة حساب الفايسبوك. وتبا لأمة تثور من أجل بضعة حجارة، ولا تثور لتقتيل وتشريد الملايين.

تبا لأمة تثور لمسجد ضرار، بناه عبد الملك، وسحب الاسم عليه من الكتاب، وأمر أهل العراق والشام بأن يحجوا إليه بسبب خلاف مع عبد الله بن الزبير. الذي قتل رميا بالمدفعية وتهدم معه جزء من جدار الكعبة. ولا تثور لمقتل الآلاف من أبناء الأرض في كل اعتداء صهيوني سافر.

تبا لأمة مبادؤها تتجزأ وتتبدل. فالموضوع ليس مدينة القدس وحسب، الموضوع أرض كاملة وشعب مهجر بلغ العشرة ملايين نسمة. الموضوع كرامة تنتهك ورؤوس تطأطئ تقطر بالعار.

تبا لأمة استبيحت أرضها فأرعدت وأزبدت وتمخضت، لتلد اعتصاما صامتا في جامعة، أو هتافا في طريق.

تبا لأمة أنهكها الفقر وتدعي أنها تستطيع أن تحرر أرضا وهي لا تستطيع أن تهزم رغيف الخبز. أمة عشعش فيها سرطان الجهل، وتدعي أنها تستطيع أن تحرر أرضا، وهي لا تستطيع الاستغناء عن منتجات من سلبها.

الأزمة ليست سياسية ولا دينية ولا أيدولوجية ولا اقتصادية ولا اجتماعية ولا ولا ولا…

الأزمة أزمة جينية وراثية. كان فقدان الإنسان فيها وتحوله مسخا، تمهيدا لفقدان الأرض وآخر ملامح الحياة.

الأزمة أزمة إنسان جبل على العبودية ولا يعرف الحرية. الأزمة أزمة إنسان جبل على الجهل فلا يدرك ولا يعلم. الأزمة أزمة مبادئ وتلون.

خدعكم يهود الأشكيناز والدونما والشتات، عندما سحبوا جغرافية الكتاب المقدس من أسفار التناخ على أرض الشام، وسحبوا معها جغرافية الكتاب، فصدقهم من كان على ملتهم.

خدعكم يهود الأشكيناز والدونمة والشتات، عندما جعلوا أرض إيجيبت هي مصر الكتاب، عندما جعلوا إيلياء هي أورشليم، عندما جعلوا الخليل هي حبرون، عندما جعلوا فلسطين هي فلشتيم، عندما جعلوا نهر الشريعة هو نهر يردن.

خدعوكم عندما ألبسوا هذه الأرض هالة القداسة، فحولوكم من إنسانيين إلى قنابل موقوتة تتفجر بضغطة زر منهم. منذ أيام قليلة، ثار الناس من أجل وضع بوابات إلكترونية على مداخل الأقصى، وصدحتم الأقصى ينتصر! واليوم تباكيتم وقلتم للبيت رب يحميه.

عدتم الى الشماعة التي أشربتموها في قلوبكم، الله والرب. نلقي عليه آمالنا وآحلامنا وخسراننا وخيباتنا. ألا تعلمون أن لكم سبعين عاما تدعون عليهم ولا شيء يتغير؟! إلا أننا نزداد تقهقراً وتقعراً ويزدادون هم هيمنةً وانتفاخاً. ألا تعلمون أن لو وحد المسلمون “و الأجدر أن أقول المتأسلمون” دعاءهم في ساعة واحدة، من أطهر بقعة في البيت الحرام، على أن يجعلوا كوب الماء الذي على طاولة ترامب أن يميل قليلا فينسكب على قراره ليفسده لما أفلحتم.

أفيقوا من أحلامكم، قتلتمونا بها! ونحن لن نقتل أولادنا مثلما فعلتم بنا. عشنا على وهم، شربنا وهماً، وحلمنا بوهم. الحرية لا تُنتظر ممن عشق الاستعباد والمسكنة. فالمفلس لا تقبل منه صدقة. آن أوان الثورة الحقة، ثورة المعرفة، ثورة العلم، ثورة السؤال، ثورة بناء الإنسان الذي مات فينا وساعدتموهم على اغتياله.

أفيقوا من أمانيكم، واعملوا، انفضوا عنكم غبار الهود الذي زرعت بذوره فيكم من بعد موت النبي. بذور الهود التي استحالت غابات حرجية. الهود الذي يجعل الأجوبة منتهى المطلب والمراد. وازرعوا مكانها بذور الحنف، حنيفية إبراهيم، التي تجعل الأجوبة تستحيل سيلا من الأسئلة.

أفيقوا من سبات الجهل، وانطلقوا في ملكوت الله، الله وحده هو المسلَّمة. وما دونه لا يتعدى كونه مصادرات معرفية كما تحتمل الحق، تحتمل البطلان. الزموا كتاب الله، مفصل مبين واضح لمن أقبل عليه. تخلصوا من التصورات الذهنية والدوغمائية إذا اقبلتم عليه، لا تقيدوه بها لتجعلوه محكوما، بل انطلقوا منه للحكم على ما في خارجه، واجعلوه حكماً.

حرموكم السؤال، حرموكم الحب، حرموكم المعرفة، حاربوهم بمنهج إبراهيم، منهج السؤال، منهج المعرفة. حاربوهم بشريعة محمد في كتاب الله، شريعة الحب والسلام. امتلكوا حريتكم وأعتقوا بالعلم رقابكم. اجعلوا شهادتكم لله، اتركوا مثناتهم يخلو لكم وجه ربكم. اخرجوا من دين الآباء أفواجا، لتدخلوا في دين الله أفواجا.

وهذا وعد الله لكم إن أردتم النصر:

بَلِ اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَموا أَهواءَهُم بِغَيرِ عِلمٍ فَمَن يَهدي مَن أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُم مِن ناصِرينَ (29) فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنيفًا فِطرَتَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبديلَ لِخَلقِ اللَّهِ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ (30) مُنيبينَ إِلَيهِ وَاتَّقوهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكونوا مِنَ المُشرِكينَ (31) مِنَ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم وَكانوا شِيَعًا كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحونَ (32) سورة الروم

إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم وَإِن يَخذُلكُم فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ (160) سورة آل عمران

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم (7) وَالَّذينَ كَفَروا فَتَعسًا لَهُم وَأَضَلَّ أَعمالَهُم (8) ذلِكَ بِأَنَّهُم كَرِهوا ما أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحبَطَ أَعمالَهُم (9) أَفَلَم يَسيروا فِي الأَرضِ فَيَنظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِم وَلِلكافِرينَ أَمثالُها (10) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَولَى الَّذينَ آمَنوا وَأَنَّ الكافِرينَ لا مَولى لَهُم (11) سورة محمد

فالزموا ربكم وكتابه، واتركوا عنكم ما دونه، فلا يغني الظن من الحق شيئاً. كونوا حنفاء ربانيين كما أمركم الله، على ملة إبراهيم وشرعة محمد التي في الكتاب. عودوا وكفاكم تجذيفاً في بحور الضياع.

عودوا حتى نعيد إحياء الإنسان ونسترجع الأرض ونعمرها كخلفاء لله فيها على مراد الله، لا على مراد يهود الأشكيناز والدونمة والشتات الصهاينة ومن وافقهم من أبناء جلدتنا، ونحن من هؤلاء جميعا براء.

عودوا فلم يبق شيء، فلقد سقطت كل أوراق التوت، ولكننا لا نرى سوءاتنا ولا عوراتنا ولا عوارنا. عودوا الى الله مولاكم، عودوا الى كتابه وكفى به للطريق خريطة، عودوا وكفانا ذلا وهوانا، عودوا.