النبي الامّي يقرأ و يكتب

النبي الامّي يقرأ و يكتب

يزعم المُتهوِدة الأعراب من الذين أسلموا وقالوا إنهم أهل الجماعة (الجماعة بالإغريقية هي كنوسس ومنها كانت كنيسة) أن النبي محمد جاهل بالقراءة والكتابة والتلاوة والخط. لاتِّباعهم لأقوال كعب الأحبار والسدّي والقرظي وبن منبه.

ثم أتِّباعهم لما جمعه وقاله اليهود الأشكيناز المجوس من أمثال البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي والنسائي وأبو داوود من جهة، والمجسمة الحرانية مثل ابن حنبعل و ابن تيمية الحراني، لشدة وغلبة النزعة التجسيمية والمادية التي طغت على اليهود بزعمهم الكاذب الذي اقتبسوه من أسفار التناخ. وتحديدا من سفر إشعياء الذي ورد به في الاصحاح:

29:11 وَصَارَتْ لَكُمْ رُؤْيَا الْكُلِّ مِثْلَ كَلاَمِ السِّفْرِ الْمَخْتُومِ الَّذِي يَدْفَعُونَهُ لِعَارِفِ الْكِتَابَةِ قَائِلِينَ: «اقْرَأْ هذَا». فَيَقُولُ: «لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ».

29:12 أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هذَا». فَيَقُولُ: «لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ».

ورغم أن اليهود قد نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، لأنهم حملوا التوراة ولم يحملوها، فكانوا مثل الحمار يحمل اسفاراً، فقد سار على نحوهم متهودة أهل الجماعة والسنة. إلا إنه رغم ذلك فقد بقي لهم علم بقدوم النبي الأمي كما أخبرنا كتاب الله بذلك في الآية:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) الأعراف.

ولم يجد الذي كذّبوا بالنبي محمد من الأعراب اليهود إلا اقتباس مروية قول جبريل للنبي محمد “اقرأ” فرد عليه “ما انا بقارئ” مثل قول الله لإبليس اسجد لآدم، ورفضه السجود. لإظهار النبي محمد بمظهر من عصى الله فغوى. ويصرّ ذرية هؤلاء الأعراب على ذلك بشدة رغم أنهم لو كان يفقهون ويعقلون فإنه حتى لو بدأ النبي محمد تعلم القراءة والكتابة منذ البعثة وعلى مرّ ثلاثة وعشرين عاماً، لتعلم ذلك. لكن الله ختم على قلوبهم غشاوة. وحال في ذاتهم وقراً.

ورغم أنه لا يخفى على الجميع أن أم القرى كانت محجة وعاصمة التجارة الدولية، بطريق الوساطة في عصر حياة النبي. وكانت تدار لها العمليات التجارية والصيرفية. وهو ما يجعل الاّميبن من أهلها قادرين على القراءة والتلاوة والكتابة وخط الصكوك والرقاع والقراطيس والصحف.

ورغم أن النبي محمد قد نشأ في بيت سادة وأشراف، لم يتخلف أي منهم عن تعلم القراءة والكتابة. ورغم أنه مارس التجارة نيابة عن خديجة، ولا يتصور أن يدير “رجل أعمال” ثروة بمثل ثروة خديجة دون أن يكون عارفا بالتلاوة والخطّ.

فإن ذرية الأعراب المتهودة (لأن اليهودية صفة من تمسك بقداسة السلف من الآباء) ما زالوا يصرّون على التنقيص من مكانة النبي محمد، لإظهاره بمظهر العاجز عن ذلك. فيما يزعمون أن ابن هند صاحبة الرايات الحمر الذي دخل الإسلام بعد فتح المسجد الحرام كرهاً، لأنه طليق ابن طليق، كاتبا للوحي. وكأنّ ابن أمّه هذا ليس من الأمّيين. رغم ما ورد في كتاب الله:

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) الجمعة.

لأن من يعلِّم الكتاب لا بد ّ من مقدرته على الكتابة والخط والقراءة والتلاوة. باعتبار أنه لا يجوز للمفلس أن يتبرع. وما أفلس إلا هؤلاء الأعراب المتهودة المنافقون. وقد لغى هؤلاء الكافرون في القرآن بجعلهم معنى كلمة “الامّي” التي تجمع على الأمّيين تفيد بأنه من يجهل القراءة والكتابة. وذلك من لغوهم باللغة. كما قال الكافرون لا تسمعوا لهذا القران والغوا فيه. رغم تحذير كتاب الله من هؤلاء بما ورد في الآية:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ(29) فصلت.

لذلك كتبوا معاجم اللغة من اللغو للإعراب وعلم اللسان. وقاموا بتحريف الكلم عن مواضعه بعد أن فشلوا في تحريف الكلم من بعد مواضعه، رغم ما فعله نعثل عثمان من إبدال ترتيب المصحف من ترتيب حسب النزول لترتيب حسب طول السور.

وترد كلمة أميين في أسفار التناخ بصيغة أممين في إلى الترجمة الآرامية الحجازية (العربية). فيما ترد في النسخة الآرامية الصنعانية المعروفة بالعبرية بلفظ “جوئيم” (ג ים). وهم الأغيار الذين لم يتنزل عليهم كتاب في مقابل الأخيار “شعب الله المختار”، حسب زعمهم، والجيم العبرية تنطق قافاً بدوية، أي جيما معجمة. مثل أهل النيل. وتنطق ياء كما في جوزيف أي يوسف. لذلك فليس من فرق بين أمّيين ويوئيم/جوئيم عند النطق لوحدة اللسان الآرامي بالألسنه السبعة.

ومن اعتبار أن هؤلاء الأعراب المنافقين المتهودة قد لغوا في كتاب الله وجعلوا على قلوبهم غشاوة، وقد صغت قلوبهم فهم لا يبصرون الآيات التي وردت بكتاب الله لإثبات أن النبي محمد يتلو. ولكنه لم يكن يتلو ولا يخطّ الكتاب الذي نزل عليه. لما كان من الغافلين قبل نزول الذكر على قلبهم فقط. لأن الكتاب ليس من عنده، إنما نزل عليه من الله.

والتلاوة التي هي تهجية الكلمات المخطوطة بالتتالي وليس النطق من الحفظ كما يفعل رواة الشعر والسجع، فهي تستلزم بالقطع مقدرة على الخط والكتابة. فقد ورد في كتاب الله في دعاء إبراهيم وإسماعيل: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ…