كذبة خروج بني إسرائيل وراء موسى من إيجيبت

كذبة خروج بني إسرائيل وراء موسى من إيجيبت

تزعم السرديات الإكليروسية المسيحية و الإفتراءات الصهيونية معها بالتبعية ان خروج بني اسرائيل وراء موسى و هارون قد كان من إيجيبت شرق دلتا النيل بعد جعل مصرييم إيجيبت .

انطلقت رحلة الخروج من أرض جاسان حسب الترجمة بينما هي جشن גשן بجيم اعجمية مع عدم الاهتداء إلى أرض الفلشتيم القريبة منهم و اتجاههم نحو برية بحر سوف وقد كان الرب يسير أمامهم في شكل عمود دخان نهار و عمود نار ليلا ليمشوا بالطريق دون توقف قبل أن يتدخل الرب ألوهيم و يأمر موسى بالعودة و نصب الخيام في برية شور بفم الحيروث بين مجدل ( البرج / المنارة ) البحر و بعل صفون ليطاردهم فرعون بعد أن استغلق عليهم القفر و يحاصرهم ثم يجتازوا البحر وراء موسى بعد أصبح قعره يابسة و يغرق فرعون و جنوده .

و ترسم الدوائر المسيحية مسار الرحلة بطريقة اعتباطية دون محاولة التقيد بالمؤشرات الطوبوغرافية المذكورة بسفر الخروج ولا بالمسافات بين الموقع و الموقع الآخر.

سار موسى ومن وراءه من بني اسرائيل ببرية ايثام ثم مارة ثم واحة ايليم ثم بحر سوف و برية سين وصولا إلى رفيديم ببرية سيناء ثم نظروا جبل حوريب اي جبل الخراب.

و بعيدا عن التصوير الخرافي لرحلة الخروج و جعل الرب الوهيم مجسما في الظواهر الطبيعية و الجيولوجية والمناخية التي كانت حول الخارجين أثناء الرحلة و التي جرت بتدخل مادي من موسى فإن عمود الدخان نهارا و عمود النار ليلا الذي كان أمامهم عند اتجاههم نحو بحر سوف لما استغلق عليهم و الذي أصبح وراءهم عند مجاوزة البحر لا يعدو الا ان يكون دخان و نار نشاط بركاني قد كان أمامهم لما كانوا في فم الحيروث ( حيروث = الحرية ) ثم لما استغلق عليهم القفر قد تركوا ذلك النشاط البركاني وراءهم بما يفيد انهم ساروا في شكل مثلث بعد ضلوا في البداية عن طريق أرض الفلشتيم القريبة منهم و اتجاههم إلى آخر القفر الذي استغلق عليهم بما لا يكون معه نجاتهم من مطار فرعون وجوده لهم إلا بمجاوزة البحر الذي أصبح قعره يابسا بعد أن انزياح المياه عن اليمين و عن الشمال بسبب ذلك النشاط البركاني القريب منهم و واهتزاز الأرض في الارجاء الأمر الذي يبس معه قعر البحر من النشاط البركاني و انزاحت المياه منه بسبب زلزال متواقت مع ذلك النشاط البركاني داخل البحر في ظاهرة بروز جزيرة جديدة بالبحر.

و تتعدد محاولات رسم مسار رحلة الخروج من الباحثين في جغرافية للكتاب المقدس مع اختلافات عديدة حول المسار بعد الاتفاق على كون نقطة البداية كانت من شرق دلتا النيل . و بالنظر في خريطة موقع الأنبا تكلاهيومانوت من الكنيسة القبطية الأورثودوكسية يتضح ان انطلاق مسار الرحلة من جاسان شرق الدلتا نحو الجنوب الشرقي إلى سوكوت ثم يرتد المسار نحو الشمال نحو ايثام ثم يرتد مجددا باتجاه الجنوب نحو مجدل ثم يمتد المسار باتجاه جنوبي شرقي نحو فم الحيروث ( تقريبا مدينة السويس حاليا ) لتكون مجاوزة البحر هناك . ثم يتواصل المسار على الساحل الغربي لشبه جزيرة دشريت/ سيناء وصولا إلى جبل الطور كمت يزعمون و جعل الجبل هو جبل حوريب ومنه يرتد المسار باتجاه الشمال نحو قادش برنيع أين كان التيه ثم يرتد المسار باتجاه الجنوب وصولا إلى خليج العقبة نحو عصيون جاير ثم يرتد المسار مجددا باتجاه الشمال مرورا بالجدجاد و وادي زراد و وادي أرنون وصولا إلى جبل نبو الذي دفن به موسى وهو على تخم شمال البحر الميت و يجعله بحر الملح لينتهي المسار باتجاه الشمال ثم الانعطاف غربا و عبور نهر الشريعة كما تسميه الخرائط العثمانية القديمة بعد جعله نهر الاردن و يكون العبور على مستوى اريحا ثم ينطلق الغزو للسيطرة على الارض من النهر إلى البحر.

تبدو التخمينات التي رسم على أساسها مسار رحلة الخروج متهافتة ومرتبكة جدا في ضبط المواقع فيما لا تتطابق جغرافيا مع ما جاء من إشارات طوبوغرافية و جيولوجية اذ لا وجود لأي نشاط بركاني و زلزالي على شرق دلتا النيل بمثل الخصائص المذكورة بسفر الخروج من كتاب التناخ اليهودي .

وأما بخصوص المسافات بين المواضع بحساب المسير مشيا على الاقدام في اليوم لمرحلة وهي التي تقدر بحوالي 30 إلى 35 كيلومتر في اليوم فعندها تبدو السمة الاعتباطية للتخمينات التي غاب عنها ابسط مقومات المنهج الاستقصائي عند المطابقة الطوبوغرافية. .

و يشتد التهافت بالخرائط المسيحية عند وضع المسار من عصيون جابر إلى جبل نبو ثم عبور حاجز نهر الشريعة من جهة الشرق و الحال ان الطريق سالك من الموضع المزعوم بكونه قادش برنيع ولا حاجة إلى دخول الأرض من النهر إلى البحر عبر حاجز نهر الشريعة كما لا داعي كذلك عند انتهاء التيه إلى الارتداد من قادش برنيع باتجاه الجنوب نحو عصيون جاير فيما لا آثار هيدروليكية على وجود واد زراد و وادي ارنون جنوب البحر الميت الذي لا يتطابق مع بحر الملح علاوة على كون قريتي سدوم و جمورة ليستا تحته لكونه بمنطقة زلزالية بحكم وجوده في الصدع الإفريقي السور و ليس في منطقة نشاط بركاني .

و يشتد الاعتباط في تخمينات البراري بخصوص برية شور و برية سين و برية فاران و برية صين .

وأما النقب ( بقاف بدوية مثل الجيم الاعجمية ) فهو وحسب السرد التناخي يقابل نهر مصرييم فيما ان نهر مصرييم قريب من شور و التي بها مجدل البحر اي برج على البحر للحراسة الأمر الذي يجعل من وضع مسار رحلة الخروج بخريطة موقع الأنبا تكلاهيومانوت وخاصة موقع مجدل البحر بعيدا عن البحر يعد خبطا عشواء يبرهن على شدة الاعتباط .

و النقب يجاور طبق السرد التناخي قريتي سدوم و جمورة اللتين قصفتا بحجارة مشتعلة لكون منطقة القريتين و طبق السرد التناخي تشتهران بكثرة آبار القار الذي جعل الحجارة المتطايرة من الأرض بعد نشاط بركاني بها تتطاير وهي مشتعلة لكون القار يشتعل بحكم كونه من مشتقات النفط اذ ان السماء لا تمطر حجارة الا بقايا النيازك و الشهب و ان ذلك النشاط البركاني حول القريتين هو سبب الهزات الزلزالية التي قلبت القريتين والحال ان المنطقة المحاذية للبحر الميت ولئن كانت تشهد هزات زلزالية لوجودها بالصدع الافريقي السوري فلن المنطقة لا اشهد نشاطات بركانية تترك نقبا بالارض بعد انقذاف الصهارة حمما في شكل حجارة مشتعلة كما لا دليل على وجود مادة القار و النفط بالمنطقة و عليه فإن الجغرافيا و الجيولوجية تفندان و تدحضان المزاعم المتوارثة عن فلافيوس جوزيف في كتابه حوليات يهودية والتي اعتمدته الكنيسة المسيحية في ادبياتها و تبنته الحركة الصهيونية بالتبعية لكون ايديولجيا الصهيونية العنصرية هي نتاج تحالف الرأسمالية و الكنيسة للتخلص من المشكلة اليهودية بأوروبا في نهاية القرن التاسع عشر لتعنت اليهود و رفضهم الاندماج بسبب شدة نزعة المحافظة لديهم على تقاليدهم و خاصة الشابات שבאת.

بعد أن ارتحل ابرام ومعه ساراي و لوط من حاران نحو شكيم ثم ارتحالهم إلى مصراييم بعد المرور بالنقب ثم العودة بالابقار و الاغنام من مصراييم فانهما قد تقاسما الأرض واختار لوط مربع الاردن لانه مسقى بما يفيد خصوبة أرض النقب فيما تزعم الصهيونية ان أرض النقب بيداء قاحلة .

وما يثير الاستغراب في رحلة الخروج ان الاتجاه قد كان نحو جبل حوريب و برية فاران أين رعى موسى غنم حمييه كاهن مديان يثرون . و هو المكان القريب من الموضع الذي رأى فيه موسى نار العليقة( ها سينهה סניה ) لذلك اطلق على الموضع سيناء و البرية التي حولها برية سين و سينيه بالهاء المكانية ومن الجذر الارامي العبري سنا كل ذلك قبل الاتجاه من جبل حوريب نحو الأرض التي تقطر لبنا و عسلا بما يتجه معه التساؤل عن الوجهة المقصودة عند الخروج

لما هرب موسى من مصراييم بعد قتله لشخص من هناك فقد اتجه نحو مديان و التي ليست تحت سيطرة فرعون و رعى موسى هناك الغنم لحمييه يثرون و كانت لموسى عند الرعي الحكاية مع جبل حوريب و نار العليقة ( ها سينيه הסניה) وانه بالارض المقدسة كما اخبره الوهيم فلماذا لم يستقر بتلك الأرض وهي برية فاران ؟ ولماذا الإلحاح على الاتجاه نحو الأرض التي تقطر لبنا و عسلا ؟

لما وصل موسى ومن سار وراءه من بني اسرائيل بعد شهر و نصف من خروجهم من مصراييم إلى رفديم التي في برية سين و قبل اتجاههم نحو سيناء وهي سنا النار التي رآه موسى عند جبل حوريب فقد تقاتل بنو اسرائيل مع عماليق ( الجبارين ) قبل الوصول إلى سيناء.

و بعد احداث جبل حوريب المحاذي لبرية فاران قبالة مديان التي التجأ إليها موسى هربا من سوءة القتل التي اقترفها بمصرييم وما كان فيها وهي التي لا تعدو الا حصول نشاط بركاني تطاير منه غبار السديم في السماء و ذلك بعيدا عن النزعة الاحيائية و مبالغات كاتب سفر الخروج بما أصبح معه جبل حوريب اي جبل الخراب هو جبل الطور بعد اشتعال الصهارة بجوفه و تطايرها حمما و غبارا سديميا ثم كانت الرحلة وراء الغمام كدليل على الطريق مم برية سيناء إلى برية فاران مرورا بحضيروت و بعدها اندلعت فكرة العودة إلى مصرييم حنينا في ما اعتاده بنو اسرائيل من طعام فيها مما تنتجه الأرض بها ثم الدخول التيه على تخوم برية صين و انتهاء مدة الأربعين سنة وهي مقدار جيل كامل وصولا إلى جبل هو على تخم الادوميين قبل الانطلاق في غزو الأرض التي تقطر لبنا و عسلا .

و مما يجدر التنويه اليه ان الأرض المقدسة حسب التناخ اليهودي ليست أرض الميعاد بين نهر مصرييم و النهر الكبير نهر فرت اذ قد جاء بسفر الخروج ان موسى و بعد أن تجلى له الرب مع نار العليقة عند جبل حوريب و بعد أن أمره بخلع نعليه لانه بأرض مقدسة فقد امره بإخراج الشعب من مصراييم ليعبدوا الرب عند جبل حوريب .

و عند الإستئناس بالشواهد الأثرية بشبه جزيرة توشريت / سيناء فإن النقوش السينائية كما عرفت لا تشير الى رحلة الخروج و على قدر ما شكل مسير حوالي ستمائة الف شخص فان هذا الحدث لا يمر دون ان يقع تدوينه كل ذلك علاوة على ان النقوش السينائية لم تكون بالخط الفينقي الذي كان يرسم به بنو إسرائيل قبل السبي البابلي ليبدلوه بعد ذلك بالخط المربع الذي ترسم به العبرية بعد إعادة احيائه لغايات الاستعمار الصهيوني .

وبالبحث في النقوش الإيجيبتبة بخصوص رحلة خروج بني إسرائيل فلا يقع العثور الا على مسلة مرنبتاح ابن رمسيس الثاني و التي تعود الى نهاية القرن 13 قبل الميلاد و التي ذكر فيها انه قد قضى على بذور يسرائير و بذلك تسقط كذبة جعل الملك رمسيس الثاني هو فرعون موسى رغم النقوش الإيجبتية لا تذكر لفظة فرعون انما ملاخي أي ملك .

وعليه فان شدة تهافت المطابقات الجغرافية من الدوائر المسيحية لمسار رحلة خروج بني إسائيل وراء موسى يفضح كذبة انطلاق رحلة الخروج من شرق دلتا النيل و يسهل تفنيد ودحض الأكاذيب المسيحية و الصهيونية معها باتباع السير في الأرض للنظر و الإستقصاء بناء على المعطيات الجغرافية و الطوبوغرافية لان الجغرافية عصية عن التزوير لان من غابت عنه الجغرافيا فقد راوغه التاريخ و كما قال يسوع من فمك أدينك .