صممت الحركة الصهيونية الراية على فكرة تواجد دولة إسرائيل التي اقامها داوود و انفرطت مع حفيده ولد سليمان و رمزت لها بنجمة داوود السداسية بين نهرين رمزت لهما بخطين من فوق ومن اسفل .
و تفتر الحركة الصهيونية بكون النهرين المقصودين هما النيل الايجيبتي و الفرات العراقي بمقولة ما ورد في الفقرة 18 من الاصحاح 15من سفر التكوين :
“في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا قائلا: «لنسلك اعطي هذه الارض، من نهر مصر الى النهر الكبير، نهر الفرات “
בַּיּוֹם הַהוּא, כָּרַת יְהוָה אֶת-אַבְרָם–בְּרִית לֵאמֹר: לְזַרְעֲךָ, נָתַתִּי אֶת-הָאָרֶץ הַזֹּאת, מִנְּהַר מִצְרַיִם, עַד-הַנָּהָר הַגָּדֹל נְהַר-פְּרָת.
تصويت الفقرة :
بيوم ههوا كرت يهوه أت ابرام بريت لأمر : لزرعيخ نتتي ات – ارتسي منهري مصرييم عد- هنهري ها جدول نهر-فرت.
و ما يلاحظ بداهة ان نهر فرت اكبر من نهر مصرييم . و تقاس الانهار بطولها و من المعلوم بما لا يدع مجالا للشك ان نهر النيل الايجيبتي أطول من نهر الفرات العراقي و عليه فإن نهر النيل الايجيبتي اكبر من الفرات العراقي بينما في التناخ اليهودي ( العهد القديم ) و بالاصحاح 15 بالفقرة 18 فإن نهر فرت هو الكبير بعد أن وصفه كاتب السفر بأنه نهر كبير فيما لم يصف نهر مصرييم بذلك الوصف . وعليه فلا تطابق بين نهر ي مصرييم و فرت من جهة نه نهر النيل الايجيبتي و الفرات العراقي من جهة أخرى .
و باقتفاء السياقات التي ورد فيها نهر مصرييم في حكايا التناخ لم تقع الإشارة ولو لمرة واحدة إلى موسم فيضان هذا النهر بما يفيد عدم وجود سمة الفيضان لنهر مصرييم بينما السمة البارزة لنهر النيل هي موسم الفيضان بما يفيد عدم تطابق بين نهر مصرييم و نهر النيل الايجيبتي وعليه فإن مصر ليست ايجيبت.
و يتدعم عدم التطابق بيت نهري مصرييم و النيل الايجيبتي في حكاية موشي بالتناخ اذ ان سرعة تدفق المياه بنهر قوية نسبيا بما يتعذر معه بقاء الرضيع على قيد الحياة و هو ما يفيد ان نهر مصرييم له سيلان ضعيف في شكل مخاضة لا عنق لها عند سيلانه امام القصر المشيد لفرعون بما يتأكد معه عدم التطابق بين نهري النيل الايجيبتي و مصرييم وعليه يتجه استبعاد نهر النيل الايجيبتي اعتمادا على علم الجغرافيا و المناخ وهو ما يكرس نصف الكذبة .
و اما بخصوص النهر الكبير فرت فلا يتطابق مع نهر الفرات العراقي لعدة براهين:
اولا : يقع ذكر موقع جغرلفي على أنه قرية ” افراته ” و يكون التعقيب عند ذكرها من الأحبار كتبة التتاخ على أنها بيت لحم اليهودية و هو ما يفيد بكونها تقع داخل تخوم سبط يهوذا و بكونها من ضواحي نهر فرت لاضافة الهاء المكانية في اخر اللفظة على ما هو عليه النحو في العبرية الصنعانية و مع استقصاء موقع بيت لحم اليهودية من خلال السياقات في السرد التناخي يتضح انها تقع على يمين ( جنوب ) شكيم و اورشليم خاصة وانها تقع قرب جبال يهوذا لكون دولة يهوذا مع سبط بنيامين ثم انفصلت عن دولة السامرة والتي دولة الشمال بعد موت سليمان لفتنة حصلت بين سبطي بنيامين و يهوذا من جهة و بقية الاسباط وكل هذا يفيد بكون الفرات العراقي يستحيل ان يكون هو النهر الذي تقع في ضواحيه افراته والتي عي بيت لحم اليهودية .
ثانيا: طالما تمت كتابة أسفار التناخ تحت إشراف الحبر الكاتب عزرا بعد السبي البابلي بأرض الأشوريين على يد بنوخذ نصر في بدايات القرن السادس قبل الميلاد و معه ظهرت اليهودية التناخية بين من يزعمون انهم ذرية من وقع عليهم السبي من اورشليم عاصمة دولة يهوذا قبل أن يرجعهم قورش الاخميني بعد غزوه لدولة الاشوريين و سقوطها على يده فإن كل هذا يفيد ان كتبة الاسفار الذين يسمون أرض الاشوريين بشنعار كما جاء ذلك في أسفار التناخ عند ذكرها انهم على علم كبير و دراية تامة بأنه لا علاقة لارض شنعار بالارض التي تم السبي منها وهي التي حول اورشليم وهم بذلك لا يقصدون الفرات الشنعاري الذين كانوا يعيشون أيام الشبي على غربه و عليه فإنهم لا يقصدون فرات العراق انما فرات اليمن وهو النهر الكبير الذي كان يمتلئ منه سد مأرب فيما بعد قبل تهدمه .
و مع استقصاء بداية التضليل على الجغرافيا لمواقع الأماكن المذكورة بالتناخ اليهودي نجد ان البداية قد كانت مع كتاب حوليات يهودية الذي كتبه المؤرخ المخضرم فلافيوس جوزيف ( 37 – 100 ميلادي ) و وهو قاض يهودي شارك في ثورة العام 70 ميلادي بمدينة ايلياء ( القدس ) على سلطة الإمبراطورية الرومانية و التي قضى فيها القائد تيتوس عليها و أسر فيها يوسف بن متاتيا قبل تغيير اسمه بفلافيوس جوزيف و هدم هيكل هيرودوس الادومي الذي بناه قبل حوالي سبعين عام بوصفه بروتوكتاتور لفائدة روما .
و لئن لم يتطرق فلافيوس في الحكايات التي سردها بكتابه عن صفّو بن اليفاز بن عيسو بن اسحاق بن إبراهيم وكيف أصبح ملكا على الكتيم اي الرومان إلى النهرين بصراحة فإنه قد تطرق هامشيا إلى خروج يوسف من ايجيبت لدفن ابيه يعقوب في أرض الشام كما جعل داوود قد حارب بأرض الشام ودون براهين على زعمه الفجّ هذا .
و يبدو أن فلافيوس جوزيف لما كتب حوليات يهودية بروما بعد أسره فإنه قد أراد التباهي امام الرومان بتاريخ يوسف بن يعقوب و داوود بن ايسي وجعلها بالشام و ايجيبت فاوقع الكثير من بعده في الغلط بالمواقع جغرافيا ثم تلقفت الكنيسة المسيحية فيما بعد ما كتبه فلافيوس جوزيف واعتمدته في حكاياها عن يسوع و اجداده لذلك توهم الكثير ان نهر مصرريم هو نهر النيل الايجيبتي و إن النهر الكبير فرت هو نهر الفرات العراقي /الشنعاري بما أوقع الكنيسة المسيحية في تناقضات كبيرة عند رسم خريطة المواقع و القرى المذكورة بكتاب العهد القديم .
و طالما ان الصهيونية هي ايديولوجيا مسيحية بالأساس و ليست يهودية فانها اعتمدت ادبيات الكنيسة المسيحية اذ انه بعد ظهور المشكلة اليهودية بأوروبا مع الثورة الصناعية بالقرن التاسع عشر لعدم اندماج اليهود في النسيج المجتمعي و رفضهم مغادرة الجيتوهات لشدة سمة المحافظة عندهم فقد استقر للرأي بالدول الاوروبية حيذاك على التخلص منهم و ابعادهم عن أوروبا بعد اختلاق الفرية الكبرى التي تقول بوجود شعب بلا أرض يتجه توطينه في أرض بلا شعب ثم اختاروا أرض الشام بعد تراجعهم عن جعل ذلك الوطن في الأرجنتين او أوغندا كل ذلك مع الزعم بأن يهود الشتات وهم من الاشكيناز و السفاردييم و الدونمه و الحسيديم و الحريديم و الجباله من نسل إسرائيل يعقوب و الحال انه لا يوجد برهان واحد ان يهود الشتات هم من بني اسرائيل و الحال أيضا ان يعقوب ليس اسرائيل .
و للمتلمل في السياقات عند سرد الحكايات بكتاب العهد القديم او التتاخ اليهودي يجد ان الاتجاهات عند ذكر المواقع جغرافيا من كتبة الاسفار تعتمد على أسماء مواقع بارزة في احداث الحكايا مع إضافة الهاء المكانية لها لبيان الاتجاه فاتجاه الغرب هو ” يمّه ימה ” اي من جهة البحر لكون البحر بالعبرية هو يم وهو ما يفيد بكون نهر مصرييم يصب في هذا البحر الغربي بينما يكون اتجاه الشرق ” مزراحيم מזראחים ” وتفيد الجهة التي تشرق منها الشمس فيما ان اتجاه اليمين ( الجنوب ) يذكرونه ب ” مقدمه מקדמה ” و اتجاه الشمال هو منجبه او من نقبه بالقاف البدوية في إشارة إلى موضع النقب من اين قذفت الأرض الحجارة المشتعلة بالكبريت على سدوم و جمورة وعليه فإن ما يعنينا في هذا الصدد هو ان نهر مصرييم يصب في البحر الغربي بينما يصب نهر النيل الايجيبتي في بحر شماله و بذلك يكون نهر مصرييم هو النهر الذي يشق برية اقليم جيزان و يصب في بحر القلزم / البحر الأحمر و هو النهر الذي من حوله اراضي رعي و يتطابق في مخاضته مع حكاية موسى فيما حارت الكنيسة في معرفة بحر كنروت الذي هو البحر الشرقي إلى اليوم لعبثية زعمه بكونه بحيرة طبرية …..
و في الخلاصة فإن النهرين كائنين باليمن الكبير و يتجه نهر مصرريم من الشرق نحو الغرب بيننا يتجه النهر الكبير نهر فرت من الغرب نحو الشرق ليملأ فيما قبل سد مأرب الشهير لتنفضح الكذبة الصهيونية ببراهين من داخل كتاب العهد القديم ذاته على مقولة يسوع ” من فمك ادينك ” وذلك بعد السير في الأرض للمطابقة و التحقق استقصاء من ذوي الالباب لان من غابت عنه الجغرافيا فقد راوغه التاريخ .